05‏/10‏/2012

Manifesto توضيح

زياد الرحباني
توضيح: كُتبَ هذا الكلام أول مرّة في العام 1994 ضمن كرّاس بيع على مدخل مسرح قصر البيكادللي قبل الدخول الى مسرحية «لولا فسحة الأمل»، وكان الهدف منه التوضيح للجمهور وللصحافة خاصة التي هاجمَت بل شتم بعضها مسرحية «بخصوص الكرامة والشعب العنيد» التي سبقتها عام 1993. وقد عدتُ إلى نشرها في جريدة «السفير» (راجع عدد الأربعاء 3/12/1997) وجاءت أيضاً في إطار الدفاع ــ التعريف عن أني لستُ صحافياً.
أعود الى هذا التعريف ــ التأكيد اليوم في 5/10/2012 لأن لا الوقت ولا العقل ولا الجسم السليم يسمحون بفتح حساب على «تويتر» للبالغين ولا على «فايسبوك» لعاطلي العمل المفرّغين ــ الرافضين، وذلك استباقاً ومجاراةً وفي الأساس إفتراضاً لما قد يرتكبونه إفتراضياً ــ افترائياً. فيا سلام سلَّم.
أساسٌ بل معدنٌ (2012)
اكتشفتُ وبعد مرور سنين عديدة، اكتشفتُ للأسف وذلك بعد تيك السنين الضائعة جداً لأنها صارت عديدة بل كثيرة، أنني بالأساس: فلّاحٌ شَمالي مُبشَّمٌ نموذجي، فقد اكتشفتُ أن لا مفرّ من الأصل وأصلنا حقاً (رحبة) في العكّار، فعدتُ الى رشدي وتذكرتُ أن أهل الشمال بالأساس، أنشف دوماً من الناس في الجنوب فلِمَ لا تفهمهم أيّها المثقّف، أيّها الطليعي، أيّها الصحافي، أيّها الناقد؟
ألم تلاحظ يا ابن «الكاسيو» ـــ التي تطوّرت الى
الـ midi الى الـ work-station ومنها تفرّعت الى تحديثاتٍ مختلفة أكثرها شيوعاً كانت الـ«communication work-station» أي ما يوازي «الإنتراــ نت» intranet وأهمّ مطوّري مهندسي الالكترونيك والبرمجة في البنتاغون والذي سمح بعد فترات من دراستها باستعمالها في الجامعات حتى أفرج عنها للاستعمال العمومي في الـ1995 ــ 96 تحت اسم: «الانترنت» internet وبحجّة تسهيل اتصالات الناس «connecting people» بين الشمال والجنوب والاتجاهات الـ2001 أي =!!!2 التي قد تكون على تعدد ما كانت: تاريخ الاجتياح الثاني للعراق وأفغانتسان شغّالة يا بُوي (أبي) ـــ ألم تلاحظ وأنتَ تقلّب باللمس هاتفك الذكي الموصول على كلّ الاتجاهات الأرضية المذكورة أعلاه وأنتَ صاعدٌ أساساً الى ضيعتنا أو أي ضيعة جاورتها في طريقك صعوداً الينا، أنه كلما ابتعدْتَ عن ساحلِكَ وحدك أو ساحل أي «واحد متلَك»، ارتفع مجموع عدد الصخور التي هي فعلاً صخور بكل ما في الكلمة من صخور؟!
هل عَدَدْتها يوماً كُرمى لي ولك؟ هلّا عددت أطنان الصخور الصمّاء قبل وصولكَ الى أهل المنطقة، كي تفهم لمَ هم ناشفو البشرة والأطباع؟ ولمَ مُزاحهم جامدٌ جلفٌ حتى الصخور وقبل أن نلتقي؟ هم ناس إما في الجيش وإما إن أخطأوا ونزحوا نحو العاصمة لا يردّون على «حبيش» (لا النائب ولا الكاركون ولا طابق الاخلاق والدعارة ولا تيّار المستقبل و7 أيار).
إن أبا ــ أبي، أي جدّي لجهة أبي أي بعل أمّي، واسمه حنّا والقادم اليكم يوماً ما مع أنه توفّي، من عائلة الرحباني.
هنالك من يقول إن العائلة أصلاً من ضهور الشوير، نعم ربّما! لكن منطقة ضهور الشوير كانت حقبة هجرة مؤقتة كاستراحة انتقال، لم تستطع رغم أنها طالت نسبيّاً لم تَذُبْ خلال سُباتها الشويري العميق ــ في ذاك المحيط الشجري المعشوشب حتى المحميّات المدنية غير الحكومية.
فدأبَتْ تذكّر في وسط ساحة البلدة بمعدنها الأساس، معتبرةً أن ضهور الشوير هي بيروت العكّار، أما بيروت الفعلية فهي لبنان من ضهور الشوير. فلا تستغربنَّ إن وجدتَ معظم شبابهم، أو عناصر الجيش، أو مواطنين غير آبهين بكاركون حبيش عناداً صلافةً عنفواناً في خدمة لبنان من ضهور الشوير وعلى مضضٍ نامٍ ومستدام................
ولكن بيروت... (تبدأ موسيقى مرافقة لا ناي فيها ولا عود) أنظر الى هذه المدينة، ونحبّها وأحبّها كثيراً، لم تستطع أن تعدّل أطباعي الهشّة الفلّاحية، ولا مبادئي «التَتْييسية» التي بِشَهدِها يسارية. قد يكون محقاً بعض الشيء من يحلّل هذا الأساس اليساري ربطاً بطفولة شاعرية بين الصخور لكنها وبعد ختام التحاليل: ستالينية عكّارية في خراج التبليسي (راجع Google earth إن كنتَ لا تعرف من بلدك إلا الـ News Café) حتى هموم ومحاولات كتاباتي المسرحية وبعدها الصحافية كما يقول لي الأصحاب، «لم تعلّق عليها منّي شعرة» فأنا، وللتأكيد، شبه الوحيد في عائلة الرحباني الذي لم أفقد شعري، هل لاحظتم ذلك؟ أنتم الذين تلاحظون وتلاحظون وتلاحظون ولا أحد يلاحظ.
لم أقرأ المسرح والأدب عموماً إلا في المدرسة، وقد أُجبرتُ حينها على ذلك كونه بالفرنسية حصراً وأذكر من هؤلاء الفرنسيين حكماً أنني صرت مولعاً بالكاتب المسرحي «مارسيل بانيول» كما أعجبني جدّاً «فولتير»، و «ريمبو» وأخيراً «بودلير» وعلى رأسهم «سارتر» وجمهورية جورجيا!
يبدو أنه لوفرة ما في داخلي من الريف، أو لما في مسرحيات الرحابنة أهلي، من العلالي، وبيوت العقد، ومحادل السطوح، كما زينة العقل على دروب العين، لا أشعر أبداً بالرغبة في الذهاب اليه أي الريف هذا، لا هو ولا غيره حتى لو هولندياً. ومعجب جداً بكامل وعيي ودهشتي بالتكنولوجيا، والأرقام.
فما العمل؟ أعتقد أنه يمكن الاستفادة من هذا التطوّر الحسابي والرقمي، من المدينة باتجاه الريف.

سياسة
العدد ١٨٢٦ الجمعة ٥ تشرين الأول ٢٠١٢

ليست هناك تعليقات: