19‏/12‏/2007

في المغارة

زياد الرحباني
الاربعاء ١٩ كانون الأول ٢٠٠٧، جريدة الأخبار
الآن، وعيد الميلاد يقترب ورؤوس الجبال راحت تكتسي باللون الأبيض، الآن، وعيد ميلاد السيّد المسيح يحلّ شيئاً فشيئاً على الغابات والمواقد والمباخر والنفوس، أيسير المؤمنون ككلّ سنة في دربهم إلى مغارة بيت لحم، مستنيرين بالنجمة البعيدة؟
أيسير المسيحيّون بخشوع وإحباط، بالرجاء والفراغ إلى المولود الجديد، يتقدّمهم راعيهم البطريرك صفير وسط الترانيم وقرع الأجراس؟
فيلاقيهم الملائكة معلنين القيامة ويرافقونهم حتى المغارة المنشودة؟
أيدخل البطريرك خاشعاً ويجثو أمام المزود ليجد فيه فؤاد السنيورة؟ البطريرك مصعوقاً:
«ربّي وإلهي ما هذا؟»، «سيدي» يجيبه شهيد المجوس الحيّ: «الطفل ساهر على الدستور ليس إلا ولن يبقى لحظة واحدة فور إتمام الانتخاب».
ينتفض البطريرك ويخرج عن أطواره الميلادية زاعقاً:
«هذه ليست السرايا يا بني إسرائيل، إنها المغارة المقدسة، ولا هذا الدستور، إنّه الإنجيل، رُفِعَت ليلة العيد!».
إن المنطقة قادمة فعلاً على سلسلة تطورات دراماتيكية، ميلادية وغيرها.

13‏/12‏/2007

دستوريّ!



زياد الرحباني
جريدة الأخبار الخميس 13 ك1 2007
ـــ مخايل: قلّي يا عيسى أليس الفراغ الذي وصلنا إليه، فراغاً دستورياً؟
ـــ عيسى: بلى.
ـــ مخايل: وعلامَ كلّ هذه الضجّة إذاً؟ أنا اعتقدتُ أنّه غير دستوري.
ـــ عيسى: أعوذ بالله، دستوريٌّ مئة في المئة... هم ضائعون!

11‏/12‏/2007

ما همّنا!



زياد الرحباني
- جريدة الأخبار الثلاثاء ١١ كانون الأول 2007

يجب ألاَّ يرتعب المواطن كلّما مرّت البلاد بأزمةٍ أو استحقاق. إن إكثار بعض السياسيين أو تركيزهم على استعمال بعض المفردات في أوقات كهذه، يبقى في إطار التحذير والإرشاد إلى مستوى الخطورة ليس إلاّ.
إنَّ مفرداتٍ كـ: «الشرّ المستطير، المجهول، شفير الهاوية والفراغ»، لا يفترض، رغم وقعها، أن تثير الهلع بعد اليوم.
بل إن بعضاً من الرويّة والتركيز يساعد في تجزئة هذه العبارات وإعادتها إلى حجمها الطبيعي.
وهو ما سيدعنا نلاحظ أنّنا اجتزنا الكثير منها ولم يبقَ سوى القليل.
إنّ الشرَّ المستطير، على سبيل المثال، الذي هدّدنا لفترة خلت، تلاشى وحده واندثر.
وهل يُرهِبُ شرٌّ مستطير قوماً بين الهاويةِ والشفير؟
إنّه شرٌّ حديث العهد، صيفيٌّ على العموم، وقد زال مع حلول التشارين ولم يعد يؤتى على ذكره.
بقي أمامنا عملياً المجهول والفراغ.
وقد استُنفرت جميع الطاقات الوطنية ومناراتِ الإدراكِ والحكمة، واتُخذت كامل الاستعدادات الأمنية والدستورية للدخول بسلاسةٍ من الهاوية إلى الفراغ بدل أن تُتْرَك البلاد للمجهول.
ودخلنا فعلاً وبخطى ثابتةٍ في «الفراغ الهادئ».
والحمد للّه أننا لم ندخل في الفراغ! لكن، ورغم المهارة في دخول الفراغ الهادئ بسلامة، لاحظت بعض الأصوات الواعية الرصينة أن الخوف الفعلي ليس من الفراغ الحالي، بل من الاستمرار في الفراغ.
فالاستمرار في الفراغ هذا، هو الذي قد يدخلنا في الفراغ فعلاً!
وقد أبدى بعض النواب المسيحيين تخوّفاً من «التعوّد على الفراغ» الذي هو أخطر من الفراغ الموعود. وقد شدّد البطريرك صفير قبل أيام ثلاثة على أن تعديل الدستور أفضل من الفراغ. وهو لا يقصد بالطبع الفراغ الذهبيّ الحالي، بل الفراغ الآتي: فراغ الراشدين، الفراغ المشترك.
لا شكَّ في أن الفراغ الحالي مميّزٌ وفعّال، لكن من المستحسن أن يتمَّ الاستسلام إليه مرّة في الأسبوع على الأكثر، أو كفراغٍ عند اللزوم خشية الوقوع في الفراغ السليم!
وعليكم بـ«الفراغ الصيني» باقي أيام الأسبوع، فهو نوعٌ من «الفراغ بالأعشاب» الصحّي والمهدّئ الذي سيهيّؤكم لاستقبال «الفراغ السحري للأطفال» القادم مع عيدَي الأضحى والميلاد.
ماذا؟ وهل تفضّلون الدخول في المجهول؟
دعوا المجهول للسنة الجديدة.

04‏/12‏/2007

فلا تخافوا!


زياد الرحباني
الثلاثاء ٤ كانون الأول ٢٠٠٧، جريدة الأخبار
لو كانت البلاد التي نعيش ونموت فيها، جمهوريةً من ورق مكوّنةً من قصاصاتٍ مختلفة الأشكال، متنوّعة الألوان، تحاكي إلى حدٍّ بعيد واقعَ اليابسةِ بكاملِ تضاريسها ساحلاً وجبلاً، لأمكن أن نُسلِّم بأنْ لها رئيساً للحكومة واسمه فؤاد السنيورة، وقد بقي بعدما انصرف رئيسها للجمهورية.
ولمَ لا؟ فولاية الأخير انتهت، وأكثر من ذلك فهي لم تكن شرعية، نعم.
لو كانت هذه الربوع عبارةً عن مجسّماتٍ كرتونية تجسّد بأشكالها الهندسيّة الفنيّة، نموذجاً افتراضياً عن الوطن، لأمكن أن نصدّق أن قائد المواجهة مع إسرائيل في تموز 2006 الذي حيّته غالبية دول الأرض، لا يزال محتجباً لأنه عرضةٌ للقتل، نعم.
وإلى جنوبِ هذا المجسّم الكرتونيّ الأسمر يجثم «ما هبَّ ودبّ»َ من جيوش الأمم المتحدة ساهراً على الأمن.
لو أنّ كلَّ ما هو حاصلٌ يجري في قصورٍ وكهوفٍ رمليةٍ، يتسلّى ببنائها الأطفال على الشاطئ، لأمكن أن نصدّق أنّ «الوحش» يطارد مجموعة من النواب ليفترسهم، وقد لجأوا إلى فندق معروف واسمه: الفينيسيا.
ولمَ لا؟ فكل الجمهورية مباحةٌ للوحش إلاّ هذا الفندق.
لا بل إن مجرّد وقع علامة الفينيسيا التجارية على «الوحش» كوقع إشارة الصليب على «دراكولا»، نعم.
لكننا في الواقع يا إخوتي في بلادٍ حقيقية، في بلاد على الأرض، والحمد للّه، لا هي من رملٍ ولا من ورقٍ ولا من كرتون.
ولا يعقل أن يحدث فيها شيءٌ من ذلك كلّه.
هي مجرّد أوهام، لذا، فلا شرعيّة لها ولا علاقة لها بالدستور.
فلا تخافوا!

27‏/11‏/2007

خرافي

زياد الرحباني
الثلاثاء ٢٧ تشرين الثاني ٢٠٠٧، جريدة الأخبار
بَرَمْتو الكونْ ضيّعتو خِرافي
ومصيري صارْ أكترْ من خُرافي
لاقولي حَلّ ما يكونْ الخرا في
وعـفواً على خـرقي لـلأدابْ

22‏/11‏/2007

فهمتَ يا بابا؟


زياد الرحباني
جريدة الأخبار-الخميس ٢٢ تشرين الثاني

ـــ طيّب، وقبل الطيران الإسرائيلي، يا بابا، مَن كان الطيران الذي يخرق سماءنا اللبنانية؟
ـــ لم يكن يخرقها أحد.
ـــ يعني أن سماءنا كانت حرّة صافية؟
ـــ كلّا، هي لم تكن سماءنا.
ـــ كيف؟
ـــ كانت وقتها الطائرات البريطانية تخترق الأجواء السورية، بابا.
ـــ ما دخل سوريا؟
ـــ بابا... هل تعرف على الأقل أن اليوم هو عيد الاستقلال؟
ـــ بلى، أعرف.ـــ حسناً، لكن يبدو أنك، غير ذلك، لا تعرف شيئاً.
ـــ كيف؟
ـــ لأننا قبل هذا العيد يا بابا، كنّا مرتاحين من كل معاني الاستقلال ومن سمائنا ومن خرق الطيران الإسرائيلي لسمائنا ولسماء المدرسة التي أُرسلكَ إليها ومن سمائكَ! هل فهمتَ يا بابا!؟

20‏/11‏/2007

أهَه...


زياد الرحباني
الثلاثاء ٢٠ تشرين الثاني ٢٠٠٧، جريدة الأخبار
ــ حسناً، ولنفرض أننا وُفّقنا وتخطّينا الاحتمالات السيئة، كانتخاب النصف الزائد واحداً وقيام الحكومتين وخاصة الفراغ، وانتخبنا رئيساً للجمهورية بشبه إجماع، بماذا تعدوننا نحن المواطنين؟
هل ستدعون للاحتفال بهذا الحدث الكبير؟
هل تُقفلون المدارس ويُدعى التلامذة وأولياؤهم للمشاركة بالوفاق في الأماكن العامة، فتُخَفّف الحواجز الحديدية وتُفتح بعض الطرقات؟
هل تُطلقون البالونات الملوّنة والحمام الصائم؟
هل ستقدّمون الكبّة بالصينية وسلطة الملفوف للجميع؟ وهل يرعى بنك «البحر الأبيض المتوسط» زرع الأرصفة بالأراكيل للعابرين؟
هل يوزّع الوزير حدّاد فرّوجاً بلدياً مدعوماً وإبريقاً من المازوت الأحمر على كل مشترك بالعيد؟
بينما تقدم شركة «سوزوكي» عرضاً مفتوحاً للسيف والترس والدرّاجة النارية يُلهبه طوني كيوان وباسكال مشعلاني؟
هل يُعلَّق التقنين ثلاثة أيام ويحصل كل طالب على بيتزا عملاقة مجانية؟
هل يقود الوزير سركيس مباريات الوفاق للجمال على طول الساحل فينقل العارضات فينيقياً بين الكسليك والروشة؟
هل تقدم فرقة «حبّ الجيش المفاجئ» الصيداوية دبكة لا تنتهي الا بتدخّل المغاوير؟
وهل يقود الوزير فتفت بدوره أكبر قافلة للحلويات العربية من طرابلس باتجاه بيروت يتخلّلها استعراض للخيل الأصيلة، كما يتقدمها إبريق مصفّح للشاي، رباعي الدفع يوزّع حلوى «ورد الشام» ويردّ على الشائعات؟
بينما تتناوب عجرم ووهبي على الصغار عبر شاشات عملاقة رُفعت للمناسبة، فيما تقول ماجدة الرومي كلمتها للراشدين في أغنية عن «معنى الرئاسة»؟
بمَ تَعِدوننا؟
هل ستقدم شركة «روتانا» تذاكر سفر مجانية الى دبي لكل المواطنين الباقين من أجل قضاء عطلة الأسبوع؟
ماذا سيحصل لو تمّ انتخاب الرئيس على خير؟
ـ أول شيء سنقوم به، إن تمّ انتخاب الرئيس في موعده المقرر، وبالشروط الوفاقية المطلوبة، هو البدء بالتفكير الجدّي لتأليف الحكومة العتيدة.
- أهَه... الحكومة.
ـ طبعاً، إن انتخاب الرئيس ليس سوى خطوة أولى للوفاق، على طريق الوصول الى تأليف الحكومة.
ـ يعني أن كوشنير سيعود أيضاً؟
ـ محتمل.
ـ إذاً، أرجوكم، عليكم بالفراغ فوراً.

15‏/11‏/2007

حرية، سيادة، استقلال

زياد الرحباني
الخميس ١٥ تشرني الثاني ٢٠٠٧، جريدة الأخبار
.................................................. .................................................. ............................................................... ................................... التقلّبات الجويّة مستمرّة فوق حوض البحر الأبيض المتوسط ـــــ يستمرّ الطقس في لبنان، حتى مساء الغد، غائماً جزئياً إلى غائم، مع تساقط أمطار متفرّقة في بعض المناطق، وخاصةً على الجبال، يرافقها انخفاضٌ طفيف في درجات الحرارة، ويحلّق الطيران الإسرائيلي على علوٍّ منخفض فوق البقاع، وصولاً إلى الحدود اللبنانية ــــــ السورية شمالاً ـــــ يترافق ذلك مع بعض الانفراجات في فترة ما بعد الظهر.
الحرارة على السواحل 17 درجة، أمّا في المرتفعات فمن 7 إلى 10 درجات ـــــ في الأرز: 4 ـــــ وقد أكد القائد العام للقوات الدولية غراتسيانو أن الوضع الحالي في الجنوب اللبناني هادئ عموماً، ونسبة الرطوبة 70 في المئة ـــــ الرياح جنوبيّة إلى جنوبيّة غربيّة، سرعتها ناشطة وتصل إلى 45 كلم/ساعة، وقد وصلت إلى أجواء العاصمة ظهراً مخترقةً بذلك جدار الصوت.
وقد عادت 4 طائرات معادية وحلّقت بُعيد العاشرة فوق الشمال، منفّذة عدداً من الغارات الوهميّة على علوٍّ متوسّط، والطقس المتوقّع غائم جزئياً إلى غائم، ما لبثت بعدها أن غادرت باتجاه البحر، وحرارة المياه 24 درجة، أما ارتفاع الموج فمتوسط.
أقصى قرارات مجلس الأمن: 1701.
نسبة الرطوبة: من 50 إلى 70 في المئة............................................. .................................................. ......................................

13‏/11‏/2007

بربّهم!


زياد الرحباني
الثلاثاء ١٣ تشرين الثاني٢٠٠٧، جريدة الأخبار
مهما تصاعد ازدحام السير وتفاقم، مهما عمَّ واستتبّ، يبقَ للمستديرة تألّقها وسحرها في هذا المجال.
فعلى المستديرة تلتقي طرقات ومخارج عدّة، وشعورُ الدوران فيها قد يُفقد الإحساس بالاتجاه. وهذا ما يساعد على ازدهار السير سريعاً وينعش مفهوم الازدحام.
رغم هذا الواقع، وُفِّقْتُ، للمرة الثالثة أو الرابعة، بطريقٍ جانبيٍّ متفرّعٍ من شارع فردان مزدحمٍ فوق طاقته وفوق الحد.
وشعرتُ لطول انتظاري داخل السيارة، بأن هذا المفرق راح يتحوّل أمامي إلى مستديرة.
فهو صار مقصوداً من جهات عدّة وزاد عليه الطلب، وأحرز نسبةً عاليةً من التزمير الذي أسهمنا به جميعاً، فلفت انتباه المارّة أيضاً وألهب مشاعر المواطنين على الشرفات، لما أمَّنه من «حركة في التوقّف».
ولمحتُ شرطياً للسير وحيداً يواجه الحقيقة، فسألته من نافذة السيارة: ماذا يجري؟
وأنا أرى من حولي أن لا شيء يجري ولا أحد، لكنَّ الشرطي متخصصٌ ويملك خبرةً.
فأجابني أنْ لا شيء يجري، إنما الازدحام حاصلٌ بسبب كثرة المنافذ المعهودة المقطوعة أخيراً نظراً للتدابير الأمنية الإضافية.
شكرته ورحتُ لطول التوقّف أفكّر في حجم تلك التدابير المتنامي: لمَ لا تصارح هذه الزعامات جماهيرها بخوفها؟
فتقول لها: لا تؤاخذونا، أنتم محكومون بالازدحام لأننا خائفون.
إن كان ذلك صعباً، فلماذا يزايدون؟
كان سمير جعجع منذ أيام يذكّر الصحافيين ويذكّرنا بأنه مقاومٌ في الأساس لا يخاف المعارضة ولا سوريا ولا الشرّ المستطير، يخاف الله وحده سبحانه في ملكه.
أما سعد الحريري، فيؤكد في جميع المناسبات أنّه لا يخاف لا السَّفَلَة ولا القَتَلة ولا بشّار، يخاف ربّه سبحانه وتعالى وحده ـــــ السير على حاله ـــــ أمّا وزير المكعّبات السلكيّة واللاسلكيّة مروان حمادة فمِمَّ يخاف؟
إنّه لا يخاف، فهل يخاف وليد بك؟
إنّ وليد بك لا يركع ولا يخاف، ومنطقة كليمنصو في بيروت، التي أُطلق عليها اسم ضاحية كليمنصو لامتداد مساحة التدابير فيها، لم يعد ينقصها لتتصل بضاحية قريطم، سوى ثلاثمئة متر فقط يمكن أيَّ عدّاءٍ متمرّسٍ أن يفوز بها في ثوانٍ.
كما اتصلت منطقة عين المريسة هي الأخرى بمنطقة الفينيسيا ولم يبقَ بينهما سوى القليل الذي سيقطعه الجيش على الأرجح، قبيل جلسة انتخاب الرئيس.
وما بالك بكل هؤلاء النواب في فندق فينيسيا؟ هل تظنّهم خائفين؟
على العكس، لقد اجتمع هؤلاء لأنّهم كلّهم لا يخافون إلّا ربّهم، اجتمعوا للتأكيد والتوحيد ـــــ السير متوقّف تماماً ـــــ غريب، هل رأيتم في حياتكم أُناساً يخافون إلى هذه الحدود والاحتياطات والمكعّبات من ربّهم؟
دعونا منهم ومن ربّهم بربّكم.

08‏/11‏/2007

مشكلة


زياد الرحباني
الخميس ٨ تشرين الثاني ٢٠٠٧، جريدة الأخبار
اذا كان تقسيم لبنان ليس حلّاً، بمعزل عمّن يسعى الى هذا التقسيم، سواء الأميركيون، بحسب أمثالنا الأهلية الحديثة، منذ الـ75، أو فريق لبناني محدّد، وسواء كانت صيغة الـ43 للموارنة أو اتفاق الطائف للسنّة، والسير بالاثنين معاً مثلما هو حاصل اليوم، فاشلاً، وسواء كانت الديموقراطية التوافقية أعجوبة كلّ العصور أو اللغز الفذّ الكاذب، بدليل أن الطائفة الشيعية برمّتها خارج السلطة لشهور والسلطة مستكينة وشرعية، وسواء أخيراً كانت العلمانية فزّاعة الجميع المتبادلة، كلّ بحسب حاجته، وإن كانت مواصفات «جبلنا» وعنفوان اللوتو وشطارة الفندقية تأبى أيّة حكومة عسكرية، فنحن إذاً في مشكلة.
ليست المشكلة إطلاقاً في اختيار رئيس للجمهورية، فأسماءٌ لمرشّحين عدّة، فيها خير وبركة.
لكنّ البركة هذه والخير يُفقدان تماماً حين نأتي الى ناخبيهم، فهنا العزّة والكرامة وهنا أيضاً الشهامة والإباء.
إنّ رؤوس 14 آذار الحامية مصمّمة على الاعتقاد أنّها بانتخابها رئيساً من قوى 14 آذار حصراً، تردّ بـ«انتصارها» على انتصار مقاومة حزب الله «النسبي» في تموز 2006 على إسرائيل!
كيف؟ بماذا؟ ما دخل ذاك بهذا؟...
نعم، إنها قيادات متوقفة عند وقف إطلاق النار في 14 آب 2006، إنها قوى 14 آب داخل قوى 14 آذار وستصبح، في مطلع الأسبوع المقبل، قوى 14 تشرين الثاني.

06‏/11‏/2007

اعتصام

زياد الرحباني
الثلاثاء ٦ تشرين الثاني ٢٠٠٧، جريدة الأخبار
بعد مرور ما يقارب السنة على بدء اعتصام المعارضة في الوسط التجاري، تركد أصوات 14 آذار وإعلامها لفترات وجيزة ثم تعود مستفسرةً، ببراءةٍ عاهرة وجهل كاذب: ما معنى هذا الاعتصام؟
وتردف مستغربةً بالاستهبال اللئيم نفسه: لا أفهم (أي لا تفهم).
في حين أنّ عدم الفهم هو من أسباب الاعتصام الرئيسية.
في ما يأتي إعادة تذكير بأسباب هذا الاعتصام:
ـ وجود أكثرية في السلطة لا تفهم، فهي لم تفهم ضمناً أن المعارضة قادرة أو جادّة في تنفيذ الاعتصام إلى أن حدث ذلك.
ففهمت أنه حدث ونسيت لماذا.
ـ كون الأكثرية، بالإضافة إلى أنها لا تفهم، لا ترى. فهي لم تلاحظ لا اعتكاف بعض الوزراء ولا مقاطعتهم ولا حتى النقص في عدد الوزراء الإجمالي، فجاء الاعتصام بمثابة تكبيرٍ بالأعداد واحتُل الوسط حتى محيط السرايا لتحسين النظر.
ـ تخوّفاً من أن يطرأ شيء على السمع جيء بمكبراتٍ للصوت في كل الاتجاهات، وكانت المهرجانات الخطابية نهاراً وأحياناً في الليل أيضاً. فإن ضاع الصوت في النهار، فسيقضّ المضاجع في الليل، فقرّرت السلطة مجتمعةً، بعدما لاحظت أن الازدحام هذا والضجّة المرافقة له هما عبارة عن اعتصام، أي إنه على ما يبدو: الاعتصام، أن تعتصم هي أيضاً وتبيتَ في السرايا.
فبات المعتصمون في الشوارع خوفاً من أن تصاب ذاكرة السلطة أيضاً في اليوم التالي، وتوالى الطرفان على الاعتصام المتبادل والمبيت المستقرّ.
ـ إن الاعتصام كالتجمّع أو التظاهر، صيغة من صيغ الاعتراض للمطالبة بالشيء ومن ثمّ الضغط حتى يتم.
وهل يمكن ذلك دون تعطيل الحياة؟
أو التأثير في الاقتصاد والنمو وإرباك الدولة؟
ما الجدوى إذاً من تعدادها وهي ليست سوى الأدوات الأساسية لأي اعتصام؟
ـ أصرّت الحكومة على رفض الثلث الضامن ــ المعطّل، فأقدمت المعارضة على تعطيل الباقي.
وعندما لاحظت أن هذه الحكومة لا تكترث لنتائج الاعتصام، لا على الحياة ولا على الاقتصاد، لأنها أحبّت الحياة وكافحت الاعتصام بالاقتصاد، استمرّت المعارضة بالاعتصام.في المحصّلة:
أولاً ــ إن كانت السلطة تمثّل الأكثرية فعلاً، فلماذا صبرت على المعتصمين طوال كل هذا الاعتصام؟ ولمَ لم تحاصرهم بأكثريتها وتضع حدّاً لهم؟
ثانياً ــ لقد بدأ فعلاً، ولكثرة ما في حجج الأكثرية من الاستخفاف بعقولنا و«الاستعباط» وتعقيد للبديهيات ـــــ بدأ يصيبني أنا أيضاً شيء من عدم الفهم.
لقد كان الاعتصام منذ بدايته الجزء الأول من عملية إسقاط الحكومة.
فدون الجزء الثاني، أنا أسأل اليوم أيضاً: ما معنى هذا الاعتصام؟

01‏/11‏/2007

يا ربّ!



زياد الرحباني
الخميس ١ تشرين الثاني، جريدة الأخبار

أخذت الأوضاع منذ مدة تتّجه نحو ذرىً عدّة لم نكن نتصوّر أن من الممكن الوصول إليها، مما ينذر بحصول انفجار ما.
فقد عاد البطريرك صفير وأكد أنه لا ولن يدعم انتخاب رئيس بالنصف الزائد واحداً.
ورغم ذلك عادت القوات اللبنانية وأصرّت على أنها لن تقبل بالفراغ وستلجأ إلى النصف الزائد واحداً اضطرارياً.
وفي هذا ذروة جديدة من التصعيد.
لا بل إن سمير جعجع، تحت ضغط عدم وفرة الأسباب الكافية للتصعيد، وجد سبيلاً للاعتراض لدى غير بيدرسون على تبادل الأسرى بين حزب الله وإسرائيل!
وفي ذلك شعورٌ بالاتجاه نحو انفجار ما.
أما جنبلاط، الذي ضاق صدره بجو الساحة المحليّة التوافقي، وبعدما حذّر الرأي العام من اقتراب سيطرة «الفرس» على لبنان بما يهدّد الخليج العربي في وجوده... فقد توجّه إلى الولايات المتحدة طارحاً الصوت بشأن الابتلاع السوري وانهيار القرار 1559 الآن!
ووجد أن هذا ليس كافياً، فعاد واتّهم حزب الله بمجموع الاغتيالات اللبنانية، في دفعٍ إلى ذروة جديدة أيضاً، حتى وصل أخيراً إلى مطالبة المجتمع الدولي بضرورة قبول رئيس بالنصف الزائد واحداً وإلاّ انتهت «ثورة الأرز» ولبنان.
وفي ذلك أيضاً تصعيدٌ باتجاه انفجار.
وما يؤكد هذا الشعور العام، انتقال الجنرال عون المفاجئ إلى باريس للقاء الشيخ سعد، هو الذي تغيّب عن لقاءات محليّة أُعلن عنها ولم تحصل، وإسراع دايفيد ولش للقاء الحريري قبل اجتماعه بعون، بينما سرت في أوساط 14 آذار، لأول مرة، أحاديث عن تخلّي بعض حلفاء عون عن ترشيحه هو بالذات.
وفي هذا أيضاً تصعيدٌ باتجاه جديد، لا يمكن إلاّ أن ينذر بشيء ما قد يكون: الانفجار.
في كل الأحوال، أرجو ألاّ يكون هذا الانفجار، انفجار سيارةٍ فقط.
فانفجار سيارة وحده الآن، غلط.

30‏/10‏/2007

83 وللأسباب التالية

زياد الرحباني
الثلاثاء ٣٠ تشرين الأول ٢٠٠٧، جريدة الأخبار
لا يمكن أيَّ شيء متوقف تماماً عن الحركة، أن يقع في خطأ.
فهو في توقّفه، خارج الحركة، وبالتالي خارج الخطأ، بل خارج الزمن والتاريخ أيضاً.
فأي خطأ سيرتكب غير ذلك؟ وذلك يكفي.
والإنسان كذلك، لا يستطيع ألّا يخطئ متى قرر أن يعمل.
وقد احترم الحزب الشيوعي اللبناني قاعدة الطبيعة تلك.
لم يكن سهلاً على الحزب الشيوعي، مع بداية الحرب الأهلية، أن يقف محايداً كي لا يخطئ.فدخل الحرب رغم ملاحظته أنها، بسرعة، عادت الى طابعها الجذري ـــــ الأساسي وهو الطائفية.
وربما كانت اللمحات أو اللحظات المعدودة اللاطائفية في هذه الحرب إذا استثنينا الأكثرية الصامتة المتهمة دوماً بالبراءة، والعلم اليقين بذلك عند ربّنا وحده.
لحظات على علاقة بوجود الحزب الشيوعي اللبناني أولاً.
حارب الحزب كثيراً وعلى كل الجبهات، لكنه حورب أكثر.
وأهمّ مَن حاربه حلفاؤه الذين حاربوا به.
وحين حان وقت الخطأ، أخطأ.
لست هنا سوى شيوعي واحد ولا يمكنني ولا يحقّ لي هنا أن أناقش أخطاءه الكبرى.
سوى أني أظنّ أنّ أكبرها: إدمان النقد الذاتي. تقع المشكلة في أنّ ماركس، بحديثه عن النقد الذاتي، لم يحدّد كيفية استعماله ولا عدد الجرعات والمقادير، ولم يسمع طبعاً في زمانه بإعادة النقد الذاتي، زيادة في التأكيد!
وجاء وقت الذيول، فكما لكلّ حادث حديث، لكلّ حدث ذيول.
وقد بدأت تتضّح، على مستوى القاعدة والقيادة، بشكل متوازٍ، سبحان الله، مع بداية التسعينات، ودائماً بحسب رأيي.
وكان عنوانها: الضياع.
وخاصة بعد ما راح بعض فهلويّي الشيوعيين يسوّق أنه طالب بـ«البيرسترويكا» قبل غورباتشيف وتنبأ بانهيار الاتحاد السوفياتي قبل الروس وأفحم ميشال حايك ونانسي عجرم قبل أن يشبّا.
الموضوع فيه حرقة شديدة وإغراء على قدرها، للسباب والتزفير، ولا الوقت يسمح ولا المكان، وخاصة أن ما كان قد كان.
فأهمّ الذيول الفعلية لهذا الضياع كان اختلاف توجّهات الضائعين في القاعدة والقيادة، في الوقت الذي كانت فيه أطراف سياسية أخرى تعمل، وتعمل بجدّ، في البلاد، واستطاعت أن تشكّل منفذين أساسيين لهؤلاء بحسب الرسم الآتي:
هنا أعزائي، مع مَن يمكن أن نتحالف اليوم؟ مع من تريدون بربّكم؟ حلّلوا كما شئتم عن تناقض المادية والدين، عن علاقة الماركسية بالإسلام، حلّلوا واستغربوا تحالف الأصولية مع الشيوعيين، حلّلوا وناقشوا وإن وصلتم الى نتيجة غير واقعنا نفسه الآن، بلّغونا بها علّنا نعرف ما العمل.

27‏/10‏/2007

تنبيه!

زياد الرحباني
السبت ٢٧ تشرين الأول ٢٠٠٧، جريدة الأخبار
من أجل سلامتك الشخصية والمعنوية (عموماً)، الرجاء قراءة النص بعناية.يتميّز القابس الأنكلوساكسوني تاريخيّاً بأنه مشكّلٌ بثلاثة دبابيس تحمل المأخذ الرئيسي للتيار المتردّد على الدوام.
فتيار الشيخ سعد الحريري على الأرض، جاء وسطياً بين وليد بك «الحيّ» والدكتور جعجع «الطبيعي»، فسرى التردّد.
ولولا وجود الشيخ سعد المركزي بينهما (باللون الأخضر) في هذا القابس، لم يكن ممكناً التأكيد على أن المأخذ الرئيسي سينضبط عند حدود تردّد هذا التيار، فيتأمّن الحد الأدنى من سلامتك الشخصية وراحتك، وخاصةً أن القابس هذا يعمل منذ الانسحاب السوري من لبنان دون فاصمةٍ *.
غداة اغتيال الشيخ رفيق الحريري، وَجَدَت هذه الخطوط الثلاثة نفسها «متضافرةً لا بَطَلة» لأجل تأمين استمرار التيّار حتى لو متردّداً.
ذروة ما استطاعت الوصول إليه، قرار إنشاء المحكمة الدولية.
إن الخطوط الثلاثة هذه ضمن المأخذ الرئيسي، ملوّنة وفق الرموز الآتية: الأزرق = طبيعي/ البنّي = حيّ/ الأخضر = أرضي.
لذا، فإن أي استعمال منقوص أو غير مسؤول لهذه الرموز، يهدّد بخطر حدوث صدمات أو صعقات واندلاع ما لا تُحمد عقباه من فرط الإحماء! فالحديث، مثلاً، عن حلف جعجع ـــــ جنبلاط، «الحيّ ـــــ الطبيعي»، دون وجود خط سعد الحريري «الأرضي» بينهما، هو كخلط الخيال بالجنون.
هام: نحن اليوم، وفي وضعٍ من عدم ملاءمة القابس الثلاثي الأنكلوساكسوني للتيار المتردّد التفاؤلي العام، وعدم ملاءمة السوق السعودية المحلية ولا خلال سياحتها، ننصح، قبل أي عملية تشغيل، بنزع الفاصمة (إن وُجِدَتْ) وبقطع القابس المثبَّت الأصلي، وهنا المشكلة.
لا يقال أساساً، حلف جعجع ـــــ جنبلاط، بل حلف جنبلاط ـــــ جعجع.
تحذير: إن جنبلاط لا يُحَالَف بل يحالِف، إن أراد، وهو لا يحالِف أحداً، فقط عبر الشيخ سعد.
وهذا ما يتفهّمه جعجع جيداً ولا يرضاه على الإطلاق، وطبعاً باسم المسيحيين المحبطين، لذا «يُحالِف ويُعرَف» عبر الشيخ سعد أيضاً.
هكذا سرى التردّد حتى الآن، وإن أردنا التشغيل بدءاً من اليوم، يرجى التقيّد بالعملية الآتية.
هام: لا يُوصَل أيٌّ من الخطّين، الأزرق أو البنّي، بالأرضي ـــــ الأخضر إلّا بالتقارب أو بالودّ في أحسن الأحوال، كما لا يوصَل الخط الأزرق إلّا بخطٍّ مثله، أزرق، أو بالأسود، ولا يوصَل الخط البنّي إلاّ بخطٍّ مثله، بنّي، وهذا في غاية الصعوبة، أو بالأحمر.
فبعد إتمام ذلك فقط، يمكنكم التشغيل. هذا بالطبع إن أردتم أن تعرفوا: مَن هو الزائد واحد و«إلى أين»؟
* في حال وجود شكّ حول غطاء الفاصمة، يرجى استشارة سفير أو فنّي مؤهَّل.

25‏/10‏/2007

أليس كذلك؟


زياد الرحباني
الخميس ٢٥ تشرين الأول ٢٠٠٧، جريدة الأخبار
إلى الأستاذين القطبين الموقّرين في حركة 14 آذار:
السيدين أكرم شهيّب وفارس سعيد.
تحيةّ وبعد،ممكنٌ أن يُنعِمَ الله على الإنسان بموهبة «التوصيف المقلوب» أو بنعمة «التخريج الدائري المعكوس» أو، لنقل، قد يخصّ الخالق امرأً بنعمة «الشرح المنطقي المفتول»، فيكون صاحبه أبرع مَن اختار الكلمات المعيّنة، البالغة التحديد والنادرة خاصةً لدقّتها، فيتوصل تقريباً إلى وصف خسارة نكراء كسحنتهِ، على أنها أبهى أنواع الانتصار.
فيسعدُ المرء لإنجازه المريع هذا، بعد كدّ.
لكنّ ربّنا، والمجدُ له، الذي منذ بداية وعينا للتاريخ، قرّر ألّا «يُكمّلها» مع أحد، لم يُنعِمْ كذلك على الإنسان هذا بأن يصدّق هو ما «طَلَع» به.
وإن حصل وصدّق، فهذا مرضٌ مخيف، وقد خلق له الله أطفالاً بسيطين لا يفهمون تلك الكلمات البالغة الدقة والتحديد والدَوَران والتعقيد.
وشاء ربّنا، كي يردّه إلى رشده ويخفّف عنه وطأة هذا المرض، أن يدع هؤلاء الأطفال «يأتون من عنده إليه».
وسيُمعن هؤلاء الأطفال ـــــ وتَيْسَنةُ الأطفال في عيونهم ـــــ بعد كل معلّقاته ومطوّلاته والمكعبات اللازمة لتوصيف الخسارة بالانتصار، في الإصرار البريء، على كون الخسارة خسارة، وكون الانتصار هو إمّا: الانتصار، وإمّا، بأعقد صيغة بسيطة: عكس الخسارة.
أليس كذلك؟الأطفال مشكلة يا عزيزيَّ أكرم وفارس، مع حفظ الصفات.
سيكون مستحيلاً أن تشرحا لطفلٍ ما هو: الكاتب العدل أو ماذا يكون المجلس الدستوري، بينما لا جهد إطلاقاً في شرح ما هو الشرطي ومَن هو اللص!
سيكون أصعب بكثير أن يفهموا ما هو «المنبر» أو «حركة التجدّد الديموقراطي» على أن يدركوا مَن هو الصادق ومَن هو الكذّاب.
إنهم يشعرون بهما، بل يفضّلون صورهما على شرحكما.
إنهم يردّدون عن غيب ماذا فعلت إسرائيل وماذا فعل مقاومو حزب الله، فهذا واضحٌ وسهل، وكل ما هو حقيقي واضحٌ وسهل، فعكسه أو قلبه وقتئذٍ فقط يزيد الوضوح.
فما العمل؟
إن بداية العمل تُختصر بنقطتين:
1 ـــــ يبدأ العمل عبر التسليم بما سبق أولاً، وعبر تسليم نسخةٍ عن هذا المقال للنائب وقطب أقطاب الحركة السيد مروان حمادة.
2ـــــ محاولة التخفيف من الاستطراد والتطويل في مسلسل «الغالب والمغلوب»، فالأطفال عرفوا منذ السنة الماضية مَن هو الغالب ومَن هو المغلوب، وراحوا يتابعون مسلسلات أخرى، بانتظار معركة وطنية جديدة، ربما القادمة.
ودمتما لنا ذخراً.

23‏/10‏/2007

غريب!

زياد الرحباني
الثلاثاء ٢٣ تشرين الأول ٢٠٠٧، جريدة الأخبار
... وممّا أذكره صراحة، أن لجنة الحوار الوطني وصلت إلى مناقشة «خطّة لبنان الدفاعية»، بعدما توافقت على مجموعة نقاط ساخنة تاريخياً، بحسب تاريخ: ما بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وقرّر المجتمعون، مجتمعين وقتها، أن يؤجّلوا البحث إلى ما بعد انتهاء الصيف، لإفساح المجال أمام السياحة والمجد.
كان ذلك بداية صيف عام 2006، بإذنه تعالى. وإذا بحزب الله في 12 تموز، يقوم بعملية مزدوجة على الحدود يقتل فيها جنوداً ويأسر جنديين ويطالب في المقابل بإطلاق المعتقلين اللبنانيين، وسمير القنطار على رأسهم. فيبدأ العدوان الإسرائيلي الشامل على كل الجمهوريات اللبنانية المتحدة.
أذكر أن الطيران الحربي على أشكاله لم يغادر الأجواء اللبنانية، وأذكر جيداً أنه كان إسرائيلياً، أو على الأقل هذا ما قيل وأُشيع وقتها. غريب!
وخاصةً أن العدو الإسرائيلي نفسه كان يدّعي أن طيرانه قصف وأصاب، حتى لو لم يُصب أحياناً، أو أنه أصاب كلّ شيء، فعلاً غريب!
هذا بالإضافة إلى البوارج التي دكّت السواحل وبعض العمق كالضاحية الجنوبية، نموذجياً، والتي كانت كلها إسرائيلية أيضاً، للمصادفة.
غريب! وكلنا يذكر يوم أعلن الأمين العام السيد حسن نصر الله أن المقاومة ستقصف بارجةً جاثمةً قبالة شاطئ بيروت، وقد تمّت بعد دقائق بالفعل إصابتها. لقد كانت بارجةً إسرائيلية علناً. وهل ستتبع لبحرية عمر بن الخطاب؟ وكان لإصابتها، «بالعلامة»، دفعٌ معنويٌ هائلٌ للبنانيين، ضد إسرائيل وليس ضد البريستول ولا قوى فارس سعيد! لقد كانت معركة وادي الحجير هزيمةً صعبةً للميركافا الإسرائيلية،
صدّقوني، وليس للقوات اللبنانية، ولا أنطوان لحد(*)، إن كنتم تذكرونه.
لا ميركافا لدى القوات اللبنانية اليوم ولا لحد.
فعلاً، غريب.
أما معركة مارون الراس المضيئة، والعدو هذه المرة كان أيضاً إسرائيلياً، فكانت كذلك نكسة مريعةً لقوات النخبة الإسرائيلية وللواء غولاني وليس لطلائع بني معروف وفاعور وفيّاض التقدميّة.
فالطلائع هذه أساساً، كانت منهمكة باستقبال النازحين من الجنوب المنكوب وبدعمهم تماماً، ولقد شكرنا ربّنا وقتها على هذا القطوع.
أما وحدات «المستقبل» الحديثة، وشركاته الفندقية الأمنية الخاصة النظامية، فباستثناء قصف جسرٍ صغيرٍ مهجورٍ في منطقة بعبدا، وقفت على الحياد الواعد، وعملت على تأمين الأخوّة على طول الساحل الممتد من صور إلى النورماندي.
أفَليسَ الوضعُ اليومَ غريباً؟
غريبٌ إن قلنا والعالم معنا قال: إننا مرةً، رغم هولِ خرابنا، انتصرنا على إسرائيل، غريبٌ أن تُسْمَعَ جملتنا هذه، على وضوحها: ... انتصرنا على قوى 14 آذار!
إن الفرقَ، كتابةً وقراءةً، شاسعٌ بين كلمة: إسرائيل وعبارة: قوى 14 آذار.
إن كلمة إسرائيل أقصر وأفعل.
أما عبارة قوى 14 آذار فأطول وبلا غلّة.
إن مَن يعتبر، يا ناس، أن حربنا مع إسرائيل هي حربٌ معه، هو مشكلة، ومشكلة كبيرة.
كبيرة لدرجة أنه يتمنّى على إسرائيل أن تنتصر علينا، وهو أخونا، وإن كنّا نجد ذلك غريباً، وفي الانتظار، وهو لا يطيق الانتظار، يطالبنا، بل يشارط على شعار: لا غالبَ ولا مغلوب.
بربّكم هل غلبهُ أحدٌ منكم يوماً ولم ندرِ؟
(*) مناضل حدودي، في التسعينات، ضد العدو اللبناني.

19‏/10‏/2007

2x1


زياد الرحباني
الجمعة ١٩ تشرين الأول ٢٠٠٧
... فنحن عملياً، منذ ذلك الوقت، ما عدنا فكّرنا فيها.
صرنا نمارسها يوميّاً تلقائيّاً وكأنها: الطبيعي.
كلّها طبيعية وبديهية فلا سبيل للعجب منها إلى نفوسنا. صرنا نستكين إليها كأنها سنّة من سنن الحياة أو من شيم الحروب الأخوية الأهلية.
صرنا متفوّقين بها على كل صرّافي المعمورة ومصرفييها، دون أي رهجة أو ضجّة، دون طنّة أو رنّة، هكذا، لا حول ولا أسهل من ذلك.جبّار كالعادة. شعب جبّار خلّاق وحيّ.
هكذا كنّا وهكذا نريد أن نكون على الدوام. قالوا يوماً إنّ بعض المال عملة صعبة، فانتفض المارد الاقتصادي فينا وأعادها الى حدّها.
أهل هذا الجبل لا صعب ولا صعبة عليهم. لقد جعلنا العملة الصعبة، على صعوبتها، في كلّ جيب وصوب.
خيّرونا بينها وبين العملة الوطنية فارتعد مارد التاريخ فينا وهبّ لنصرتها.
نحن يا إخوتي، شعب واحد بعملتين. نحن شعب يستعمل عملتين في الوقت والمكان والموضوع والبلاد نفسها.
أين المشكلة؟ تدفع لي بعملة، أردّ لك بها أو بغيرها أو بالاثنتين إن شئت وأحسب وأصرّف وأطرح وأدفع في ثانية.
لقد روّضتُ الوطنية الصعبة والأصعب.
عودوا الى تاريخي فلن تستغربوا شيئاً بعد اليوم.
أتقف في وجهنا عملة صعبة؟ أو حالة صعبة؟ كيف؟
فأنا أستعمل الكهرباء مرّتين في بيت واحد، مرّة من الدولة ومرّة من المولّد.
أنا أشرب الماء من المؤسسة ومن الغالون.
أنا أغتسل من عين الدلبة ومن الصهريج.
أنا أستعمل البنزين والمازوت.
أنا أستعمل الخطّ العادي والخلوي و«أحوّل» بينهما.
تسألني بالعربية أجيبك بالفرنسية أو بالإنكليزية، حسب السؤال.
أنا موظّف في القطاع العام لكنّني أعمل في القطاع الخاص.
أنا عامل لكنني ربّ العمل، حيثما جاء هذا العمل، وأنا أكرهه. أنا لبناني لكنني عربي وعلى رأس الجامعة العربية.
أنا مع الهجرة لكنني أوّلاً وآخراً مع الوطن، فلي بيت في دبي وآخر في نيو جديدة. تقلّصت أعداد السيّاح العرب والأجانب فصرت أنا المقيم وأنا السائح، وما المشكلة؟
أروح وأجيء كل السنة وأنقذ السياحة.
إني أنقذ السياحة وأُنزّل الناتج الوطني العام. جبّار أنا، وإن لم أعجبهم فليجرّبوا غيري.
تهوّل عليّ أخيراً جماعات 14 و8 آذار بفراغ وبحكومة لا شرعية؟ خبّروهم بربّكم كم مرّة جرّبت الحكومتين فليجرّبوا إن أحبّوا الفراغين. يعدونني برئيس للجمهورية وأعرف أنهم يكذبون، لذا فقد جهّزت نفسي ونفسيتي لرئيسين.
إن طاقاتي اللامحدودة تستوعب الرئيسين.
شعب واحد أنا صحيح، لكنّ طموحي الجامح جداً أصبح طموحَين فجعلني أحبّ من الأشياء الشيئين.
وها أنا، منذ عام 1975، أحاول أن أؤكّد استقلالي لجمعية الأمم المتحدة، وأحاول أن أثبت لها يومياً أنني بالـ10452 كلم مربّعاً أنجح وأبهى مساحة بين بلدين.

16‏/10‏/2007

عصابة؟!

زياد الرحباني
الأخبار، عدد الثلاثاء ١٦ تشرين الأول
من المؤكّد أنّ السرقة أسرع من الاشتراكية.لذا، فإنّ السرقات تزداد يا إخوتي وستزداد.
سيفكّر المواطنون الذين لم يفكّروا بعد بالسرقة، أن يسرقوا. جيّد.
ونحن في غنى عن تعداد الأسباب فهي: بؤسٌ ببؤس.
أما السرّاقون المزمنون المواظبون منذ أكثر من عشر سنين، الذين مهما بلغت الهستيريا العامة من قمة الهرم المضروب حتى أسفله، فلن يستطيعوا أن يؤسّسوا نقابة. طبعاً. فالنقابة لها ترخيص، والسرقة لا ترخيص لها بتاتاً.
النقابة يلزمها علم وخبر، والسرقة يُفترض ألا يكون لها علم، لا مبتدأ ولا خبر.
النقابة علنية أما السرقة فأقرب إلى الحميمية والدفء.
لذا، يستبعد السرّاقون فكرة النقابة كلّياً ويؤسسون عادة عصابة.
وهذا نتيجة فكرة مديدة. أما نحن، من لم نبدأ بعد بالسرقة ومن لم يقتنع مبدئياً بالسرقة بديلاً من الاشتراكية وحالتنا حالة، فما العمل معنا؟ ومن يسأل مَن ما العمل؟ كلّنا نسأل، إذاً لا أحد سيجيب فإلى متى؟
ألا يُفترض بنا على الأقلّ، وعلى غرار السرّاقين والعصابة، أن نؤسس، كعاملين، نقابة؟ لدينا نقابات، صحيح، ولكن، متى نبدأ بتأسيسها؟ وهذا بالضبط ما أقصد.
ما العقبة؟ إنها الطائفية؟ مفهوم، وهل سننتظرها تزول كالتجاعيد؟ وهل يزول النقش في الحجر عن الحجر؟ كيف؟ هل ننتظر «على وقع» المعاشات الحالية؟
بربّكم يا إخوان ما دخل المعاشات بالطوائف؟ فالمعاشات خياليّة الرداءة والطائفية في ذروة الازدهار.
فأين العلاقة؟ لا علاقة.
بل إنّ الطائفية هي بالضبط ما لن يدعكم تؤسسون النقابة ولا الوطن، على فكرة.
تعالوا نؤسس عصابة إذاً. والعصابات، على فكرة، مختلطة طائفياً وفيها الكثير من علمانية التجّار وانفتاحهم.
دعونا نؤسس عصابة متماسكة متراصّة، قادرة مثلاً على شلّ العمل في أكثر من مكان في وقت واحد.
فبمجرّد اختفاء أعضاء العصابة ليومين أو ثلاثة من أماكن العمل سيحصلون على مطالبهم فور ظهورهم مجدداً.
تستطيع العصابة، لمزيد من التشويق، أن تأتي إلى العمل عبر قساطل الشركة باكراً، أن تطالب بحقوقها عبر اتصال هاتفي من مجهول وتغلق الخطّ، أو هي تستطيع أن تسرق شنطة المعاشات، وخاصة أنها تعرف الرقم الإجمالي، وهي في النهاية تسرق أتعابها أساساً.
ما رأيكم؟ هذا أكثر ديناميكيةً وحداثةً وتشويقاً من الرتابة والكآبة والنقابة.
ما رأيكم؟
ملاحظة 1: إن النقابة عموماً أفضل من العصابة *.
ملاحظة 2: إن النقابة لا تؤدي بالضرورة إلى الاشتراكية، فلا تخافوا (للخائفين).
إنها الطريق الأكثر أماناً، بوجود الرأسمالية على وجه التحديد.
قد تصبح النقابة، كلما انتظمت، فزّاعة للرأسمالية بالاشتراكية على وجه التحديد.
ملاحظة 3: أحلى ما في حياة الإنسان، التحديد.
* أقلّه أخلاقياً.

15‏/10‏/2007

ضمناً

زياد الرحباني
الاثنين ١٥ تشرين الأول ٢٠٠٧، جريدة الأخبار
إن المميزات المطلوبة من رئيس الجمهورية المقبل، التي تمّ تعميمها وتردادها بسرعة قياسية، صفات ليست نادرة بالنسبة إلى المواطن.
وخاصة أنها تركّزت على رئيس له طعم ولون.
وأضيفت أحياناً، الرائحة، لمزاح ما غليظ في أيّام كهذه، وعلى العموم حتىّ. وخاصة أنّ كلمة الرائحة تركن في الدماغ البشري الى جانب الطعم، فتحلّ بعده ببغائياً على اللسان.
حلو جدّاً أن نتحوّل، فوق ما نحن عليه، الى جموع ببغاوات تتابع نخبة ببغاواتها الحكيمة القيادية، تغطّ ليلياً على شاشات التلفزة، يكرّر بعضها عن بعض مواصفات الرئيس.
لكن اللافت، كما ذكرنا، أن الصفات ليست نادرة ولا تعجيزية فلماذا إذاً تضيق يوماً بعد يوم دائرة أسماء المرشحين؟
إن شخصاً كالسيّد سمير فرنجية، الذي لم يُطرح اسمه، وهنا الاستغراب، هو ضمناً رئيس الجمهورية المقبل.
والسيد فارس سعيد، لولا نرجسية المرشّحين الزملاء وأنانيتهم التي نحرت التجرّد في ثورة الأرز، هو ضمناً، بلا منازع وبلا «غطّاس»، رئيس الجمهورية المفصَّل لها ولنا.
ما مشكلة السيّدة نائلة معوّض مع الطعم واللون؟ ماذا فعلت هذه الوقورة طوال الحقبة الأخيرة حتى يطعن بها رفاق النضال بالأنانية نفسها التي طعنوا بها «فارس»؟ مع الفرق عنه أنها أرملة، ولشهيد، ورئيس لجمهورية.
هل نسوا أو يتناسون؟ أنها، ضمناً، رئيس الجمهورية وسيّدته الأولى في آن واحد.
أمّا ابنها ميشال، فأيضاً وضمناً وليّ العهد. ربما تنحّى لها حصرياً احتراماً للخبرة والعمر.
ممَّ يشكو السيّد روجيه إدّه وحزبه الجائش بالسلام؟ وكيف يكون الطعم واللون إذاً؟ لو أنّ بلدنا يشبه في شيء البلاد المتحضّرة ويفهم في الطعم، لكان روجيه إدّه، الذي هو ضمناً الرئيس المقبل، هو الرئيس فعلاً.
وهل السيّد جوني عبده المقيم في باريس، وهذه من أهمّ ميّزاته، أفضل منه؟ إ
نّ عبده الذي هو ضمناً الرئيس المقبل يعرف أن لا مستقبل له، مع أنّه يكلّف المستقبل كثيراً، فالدكتور شارل رزق الذي هو ضمناً ويا لحيف القدر رئيس الجمهورية، عبءٌ جديد على الطعم واللون والمستقبل وتصعب منافسته من باريس.
حتى إنّ الرئيس أمين الجميّل واسمه الرئيس وهو طبعاً وضمناً وأساساً رئيس للجمهورية، هو الأوحد إن شئنا الخلاص والتوافق، لولا كلّ هذه الأسماء المطروحة التي، اسألوه، لا علاقة لها بالرئاسة ولا بمفهوم الاستحقاق.
ومن قال إن الجمهورية تُدار حصراً بالطعم واللون والرائحة؟يعني أنّ رؤساء الجمهورية متوافرون وهم كُثُر، ولا أدري من أين وكيف افتُعلت هذه الأزمة. المشكلة ليست في رئيس الجمهورية.
المشكلة في أن نعرف ما هي هذه الجمهورية بالضبط؟
أين تقع؟
وهل إن وقعت ستقوم؟
وعلامَ تقوم؟
على مؤتمر باريس ـــــ 114؟
على بنك البحر المتوسط وبوارجه؟
هل ستعتمد نهائياً ومرّة واحدة على حدودها؟
وهل هي تريد إزاحة سوريا الى ما بعد تركيا على الخريطة بالتنسيق مع الأمم المتحدة؟
والسؤال الأخير: كيف يمكن أن تكون هذه الجمهورية مستقلّة ومستقبل الحلّ فيها مرتبط بحلّ القضية الفلسطينية؟
ربما يعرف الكثيرون الجواب، لذا قولوا للباقين، قولوا ذلك يوماً لرئيس الجمهورية.
يجب أن يكون لديه، إلى جانب الطعم واللون والرائحة، الجواب.

09‏/10‏/2007

...في القضائية أيضاً

زياد الرحباني
الثلاثاء ٩ تشرين الأول ٢٠٠٧، جريدة الأخبار
هذا، وبعد انتهاء العطلة القضائية، وبعد مرور عام على صدور صحيفة «الأخبار»، عاد النشاط إلى الجسم القضائي اللبناني وإلى الملفّات العالقة الكثيرة، وخاصة أمام المجلس العدلي، ولنا رجوع إليها.
أما اليوم، وللمناسبات المذكورة، فقد ارتأى وزير العدل الدكتور شارل رزق أن ينعش الجسمين القضائي والصحافي معاً، فاستهلّ الموسم بدعوى قدح وذمّ وافتراء وكذب على جريدة «الأخبار» لأنها ذكرت أنّ وزير العدل قد كذب.إنّ المنطق الحقيقي هو منطق القوّة.إنّ منطق القوّة، لذلك، هو المنطق الوحيد.بالتالي هو وحده المنطق القادر على أن يغلب جميع المناطق.
والمناطق جمعٌ للمنطقة، أعرف تماماً.
وما هَمّ. إنّ منطق القوّة لا يميّز بين المنطق والمنطقة.
وهو لن يحيّد منطقة أو يوفّرها.
فهل نبحث معه في أكثر من منطقة؟ وفي جمعٍ لها كالمناطق؟ لا مناطق ولا منطقة ولا منطق!
وماذا تريدون؟ أين هو المنطق؟ هذا هو المنطق، والمنطق الوحيد، بدليل أنّه لا جمع له.
ربّما حاول أحدكم أن يستعمل المثنّى ليقول: منطقان.
إن فعل فهو يقصد منطقاً آخر لا وجود له بوجود منطق القوّة لأنّه حكماً: منطق الضعف.
والضعف يا إخوتي عدوّ المنطق وغير مرغوب فيه وغير إنساني وغير شعبي وغير وارد.
ربما كان موجوداً في منطقة ما من المناطق المذكورة، وبالتالي فقد قضي عليه بسقوطها.
فلماذا إذاً تتمسّك به صحيفة كصحيفة «الأخبار»؟
هذا ما يؤرقني ـــــ فمنطقياً، نراكم في المحكمة.

08‏/10‏/2007

بعد العطلة القضائية (أيضاً)

زياد الرحباني
عدد الاثنين ٨ تشرين الأول ٢٠٠٧، جريدة الأخبار
لا يمكن أعزائي، أن توجد العجيبة أو تكون إلاّ خارج ما سيأتي:
إنّ هذه المرأة، أو غيرها، التي تغنّي، تنشد أو تقول أشياءَ كـ: «ليتني أستطيع أن أكون ظلّك حبيبي، ليتني غبار يمرّ من بعدك، سأظلّ أنادي حتى لو لم تجبني، ليتك تنظر إليّ خلسة قبل أن أنام لأصبح طيفاً من أطيافك العابرين الأبديين (وهنا تناقض!)... بعدما ابتسمت حبيبي زهّرت على يديّ حقول وانحنى سروٌ وصفصاف...»
إنّ هذه المرأة موجودة بلا شكّ.
لكنّك إن كنت تعتقد لبرهة واحدة، أنها ممكن أن تحتمل شيئاً من هذا وهي المرأة أو أي امرأة تحبّك وتريد يوماً العيش معك بهذه الصفات أو الظروف، فلا تعتقد ذلك أبداً.
إنها أمّك يا حبيبي!
إنها أمّك من تنبت على يديها الأشعار والسرو والسهول ومن نبت على لسانها المعسّل المكرّر!!
إنّ المرأة التي تريدها عشيقة ورفيقة للعمر، تملك تجاهك مجموعة من المشاعر والتفاصيل، لا تُنظم ولا تُغنّى على الإطلاق حتى إنّ البعض منها يباع في الفرمشيّات.
لا عليك، استمع الى الأغاني، هذا أفضل وغيِّر الموضوع.

06‏/10‏/2007

بعد العطلة القضائية

زياد الرحباني
السبت ٦ تشرين الأول٢٠٠٧، جريدة الأخبار
في قراءة سريعة لحقب غابرة من التاريخ البشري، وبالعودة الى مراجع متعددة ومتفرّقة في نوعيّة تطوّر المجتمع الإنساني وكيفية هذا التطوّر، من مجاهل البدائية حتى ما بعد بدايات القرن المنصرم العشرين، نلاحظ كيف أنّ المرأة كانت الكائن الأكثر تعرّضاً للتغيّرات الجذريّة مقارنة بسائر الكائنات.
فلقد تبدّلت علاقتها بالمجتمع ككلّ تبدّلاً دراماتيكياً، وذلك منذ ما قبل رسوّ مفهوم العائلة وتجسّد فكر الملكية المرافق لها، الى ما بعد مرحلة تبلور مبدأ الزواج كإحدى الصيغ الاجتماعية للاستمرار وحماية الذات والمكتسب.
لقد كانت للمرأة في البدايات، المدوّنة طبعاً، سلطة أكبر.
كانت لها هيبة واحترام.
بل إنها لدى بعض الحضارات والأعراق قاربت القدسيّة، وأحياناً السحر.
كان لها حضور في الوقت الذي كان فيه الرجل يقوّم بالجهد فقط وأحياناً بالعمر أو حتى العدد.
هذا غريب فعلاً.
ماذا حصل؟
في رأيكم لماذا عادت هذه البشرية وغيّرت رأيها يا تُرى؟

14‏/08‏/2007

في العيـــد الأول


زياد الرحباني
الأخبار - عدد الثلاثاء ١٤ آب
إلى العزيز، الأستاذ جوزف سماحة المحترم
تحية وبعد
أما وقد مرّ العام الأول على صدور «الجريدة»، هذه التي حلمتَ بها منذ لا أدري متى، ونحن مجتمعون في نفس الغرف التي توزعتموها في البداية، مجتمعون لإصدار عدد الرابع عشر من شهر آب، بورق إضافي رمزي، لهذه الذكرى، لم نفكر لحظةً، يا عزيزي، بمن يمكن أن يهمّه ذلك، أو تلك المناسبة، لم نفكر لأنه يهمّنا نحن.
أجل...لقد أردنا أن، وقررنا أن، لقد صمّمنا على أن يهمّنا... المكان والزمان وهذا المبنى وكل هذا الشيء الذي يصدر صحيفة فجر كل يوم.
كل هؤلاء الناس العاملين هنا، مطأطئي الرؤوس، يقودون طاولاتهم وراء الأخبار وتعرفهم جيداً.
فأنت والعزيز إبراهيم، من درتما عليهم تجمعانهم واحداً واحدةً لتُجمع معهم الكلمات الصائبة وتصيب، ليُشعَل مرةً أخيرة، أملٌ طَموحٌ قبل المغيب.
جمعتماهم بوجه أعداء البلد البسيط السهل والعاصي...
وها هم اليوم يا «أبو الزوز» (مع حفظ الألقاب والصور) نجحوا معاً ويريدونك أن تعلم ذلك.
أن تعلم وتبلّغ في العلى كما في التراب، كل من آمن بأرضه وشعبه وسبقنا: أننا نجحنا.
وسننجح بعد! لأن العدوّ ضخم لكن جبان، لأنه يقوى في الليل، أما نحن ففي النهار، لأنه يصدر الكثير من الدخان الأسود، لكن الشمس أقوى والريح، لأنه لم يقرّر أن يموتَ ويعجزُ عن ذلك.
ورغم كل ذلك هو، كنفطه والذهب، لا يفهم أو ينفع إلا بالاحتراق!عزيزي جوزفيا رفيق الدوام، يا ملك الروح الطويلة والنبيلةاكتشفت، منذ غيابك، أنني لم أقتنع بالغياب هذا، أو بهذا النوع من الغياب، لم أقتنع أو أنني لا أصدق.
كل ما أعترف به، هو أنني لم أعد أراك شخصياً.
لكنني اكتشفت في المقابل، أن كل ما يصوّره العقل لا يُمحى فلا يُنسى فلا يموت. الصورة واضحة جداً.
الصورة نقيّة، مطبوعة، لذا فهذه الصورة تُنقل، هذه الصورة تُكبَّر، يمكن أن يُطبع منها الملايين. ونحن هنا طبعاً، فقد أصبح لنا مكان وزمان يُذكران في الأخبار.

05‏/07‏/2007

إرسال الـ 2100 (تابع)

زياد الرحباني
الخميس ٥ تموز 2007
يقول كارل ماركس: إن الثورة البورجوازية على الإقطاع، كما الثورة الرأسمالية على الثورة البورجوازية، ستجلبان معهما، وبشكل طبيعي، السلاح نفسه الذي ستقضي عليهما به، ثورة «الطبقة الأكثرية العاملة».تبدو الجملة بسيطة جداً، أجل، ومَن قال إن حياة الشعوب الاجتماعية أعقد من ذلك؟كل شيء على هذا المنحى، فعندما تفتح باباً لتدخل، يمكن لأيٍ كان أن يستعمله للخروج.
المشكلة لا تكمن في خروج الناس، إن كنتَ تريد استعمال الباب للدخول فقط، المشكلة في مكان آخر، مع أن الموضوع يتعلّق ببابٍ فقط لا غير.
إذاً المشكلة في الباب نفسه، ألا وهي: لا يمكن لهذا الباب أو لأي بابٍ غيره أن يبقى مقفلاً، فعند وجود «الحركة» على أنواعها: خروج أو دخول أو الاثنين معاً، إلخ... وعملية فتحه تصبح حتميّة = حتميّة تاريخية.
وإن لم تفتحه أنت فسيفتحه أحدٌ آخر. لذا، فأنتَ لستَ لا المهدي المنتظر ولا المسيح الحقيقي، أنتَ = صدفة تاريخية.
وقد تشرّفنا بكَ وبمعرفتكَ، أمّا بالنسبة لمواصفات الـNokia 2100، فهي مطابقة للّذي سبق، يعني بالمختصر: أكثر أنواع الإرسال الهاتفي وغيره أمناً، بالتالي، سريّةً، هو: الـ لا إرسال.فكيف يتم الإرسال إذاً؟
إلى الغد.

04‏/07‏/2007

أخبار الأيام الـ7 (تابع)

زياد الرحباني
الأربعاء 4 تموز 2007
بالعودة إلى نشرتنا، وفي العناوين:
منذ عام 1999، العام الأخير ما قبل التحرير الأول عام 2000، وحداثة استعمال الهاتف النقّال (الخلوي) عسكرياً من قبل «حزب الله»، تحديداً الـ nokia 2100 حتى عملية «الوعد الصادق» _ 12 تموز 2006، ورقم نموذج الخلوي الذي تجلّى ومن دون منازع حول ساحات المواجهة من بنت جبيل الى الخيام مروراً بوادي الحجير.
حيث زادَ هذا النموذج من المحمول تألقاً، بعد أن أصبح وخاصة في الحجير، جزءاً من السلاح الأبيض، ذلك جنباً الى جنب الصاروخ المعروف بالكوريsusong-po، وهو بالأصل: at-3 sagger الروسي الاختراع منذ أوائل التسعينيات تحت اسم: 9M14 Malyutka، وآخر مقدميه: الايرانيون تحت اسم: رعد.
لقد كان sagger من اهم مفاجآت التكنولوجيا العسكرية، هنا حيث يستمع الينا الاسرائيلي بكل اصغاء وشغف ورعب متوازن، كما يستمع غيره، معلّمه أحياناً، خادمه احياناً أخرى، هذا الأميركي الحاكم الطموح، السائر بطموح جامح لم يطلع مواطنيه، إلّا على اليسير اليسير منه. وكأنه مجلة خلاعية أو سرّ من أسرار الكهنوت البروتستانتي، إن وُجد.
هذا على فكرة، ما يبرّر شكل الهبل أو الانهبال الأميركي العام امام كل نشرة أخبار غير رسمية _ شرعية _ أميركية أو حتى اعلامية خاصّة _ رسمية غير حرّة _ حرّة ديمقراطية غير أميركية!!!؟؟لقد كان أمين عام «حزب الله»، «السيد حسن» يَعد بالمفاجأة ثم تأتي. إن الاطفال كلّهم وفي كل أنحاء العالم، يحبون المفاجآت.
وقد تبيّن أيضاً اعزائي، أن الراشدين يحبونها أيضاً.
لكنه تبيّن أيضاً ولسوء الحظ، أن الاسرائيليين لا يحبونها اطلاقا، وأعني المفاجآت.
خاصة ان كانت تكنولوجية، وكيف بها ان كانت تكنولوجية {_ شيعية _ استشهادية؟ انها الكابوس الواعي المُستَيقظ.
انها الكابوس النهاري، لا بل والصيفي والمُشمِس والحارق واللامحدود إلاّ بوقف لاطلاق النار، تأخّر كثيراً على اسرائيل قبل أن يأتي. انه كابوس لا ريب فيه ولا لبس فهو: FULL LIGHT.
أي وبحسب هولييود: تحت إضاءة كاملة.
والأصّح: بإضاءة قصوى.
لقد اجتمعت التكنولوجيا الالمانية (بالمناسبة إنَّ الـNokia 2100 وتحديداً النموذج المعروف بـ NHE-4NX هذا الذي غزا أسواقنا منذ 1994 هو من صناعة المانية وليس فنلندياً كما عادَ وأصبح حتى اليوم) لقد اجتمعت باذن الله، وعن غير قصد، صناعات متطورة لدول متعددة بنفس المواصفات، على تأمين هذا «النصر الالهي». الالهي بعنوانه الكبير.
فهذا ما يدل أيضاً (وهذا ليس موضوعنا اليوم) على انه، يمكن للنصر الالهي أن يُجَمّع كما أنَّ تجمع العبوات.
وأعني هنا أنّه من تجميع صناعات أرضية _ انسانية _ مختلفة ومتطورة لحدود تقارب الأعاجيب أو الإعجاز بحسب لغة الانسان رغم أنها من صنعه.
وما المشكلة وأين التضارب؟ إنَّ الانسان من عجينة وطينة ربّه الاله، ذلك بحسب هذا الانسان نفسه أيضاً.نعم لقد صنع هذا النصر ألمان، فنلنديون، كوريون وساهم فيه بعض الايرانيين وبعض العرب وكل جماهير العروبة (وهي متهمة بذلك حتى اشعار آخر).
لقد ساهم بعض الروس أيضاً، المعذرة منكم وسلام على رفيقنا بوتين وعلى آله وصحبه وسلّم!!!لقد كان في الواجهة، لبناني جنوبي، شيوعي تارة، مجاهد في «حزب الله» تارة أخرى، يمّر عليه جنوبي من صور، صيادٌ بطباعه، طويل الروح والبال، كالموج الذي يعود ويتكسّر على شاطئها، فيحاول مجدداً وإلى الأبد ولا يتعب.
هذا المواطن كان يمرّ على الاثنين ويزيل الفرق. لقد كان نصراً مشتركا إلهياً_ جنوبياً، من خِراج بلدة مروحين بسُنِّييها حتى حديقة الصنائع في الصنائع بسُنِّييها أيضاً مروراً بالضاحية الجنوبية طبعا، المُدَشَّمة_ المُسلَّحة إلى الابد.
وتكره الشاي…
ملاحظة غير إلهية: بَقيَ من مقالة اليوم مقطع قصير عن مواصفات الـNokia2100 التقنية _
يتبع غداًوإلاَّ ما رح نخلص!

29‏/06‏/2007

من النشرة إلى التفاصيل

زياد الرحباني
الجمعة 29 حزيران2007
... وقبل الانتقال كما وعدناكم، الى تصريحات زلماي خليل زاد، السفير الأميركي السابق في العراق، إنّما بصفته السفير الأميركي الجديد لدى الأمم المتحدة، هذه المرّة، وذلك مرّة - دفعة واحدة، بنيّة وفي سبيل أقصى ما هو ممكن من وضوح النوايا الأميركية وتحديد الاختصاص والدور وحصراً للعمالة وتوحيداً للشّر، وفي سبيل تركيز نضال شعوب العالم الثالث والأخير- فرع العروبة والبترول، تركيزاً في الزمان والمكان والأشخاص.
بالتالي «تحديده وحصرها» (مبعثرة)، بنيّة تسهيل الانقضاض عليها، أي: هذه الفئة من شعوب العالم.
فها أنا مثلاً أجاهر بعلمي وإدراكي لواقعة ترقية المدعو زلماي خليل زاد، من ــــــــ إلى، في فترة قياسية من تاريخ «الحدث اليومي المركّز في هذه البقعة من العالم العربي ومنه الى آسيا الوسطى فشرق آسيا حتى حدود سلسلة جبال تورا بورا، ومنها إلى محور و(بتصرف وdiversity)، القوقاز - جورجيا - اوكرانيا-- إلخ، أي: الرئيس فلاديمير بوتين.
سيداتي سادتي، وقبل كل ذلك، جاءنا الآن ما يلي:
وردَ، وخاصة من جانب صحيفة «الأخبار»، وعلى امتداد عمر شعار «أحب الحياة»، أي منذ ما يُقارب (± )سبعة أشهر، تركيز سلبي فيه من الهزء والتهكّم والاستخفاف والعدائية والشعور بالرغبة في الفرز على اساس الشعار أي: معه أو ضدّه، كَمُّ، أي وللربط والوصل في الجمل الطويلة كهذه الجارية الآن: ورد كَمٌُّ مِمّا سَبق منذ ما بعد «سيداتي سادتي» --- بداية هذا المقطع.
مقطع جديد:
أعزَائي القرّاء والمشاهدين (على الانترنت)، اننّا توضيحاً وتعميماً وبشكل نهائي نُحبُّ بالاضافة إلى الحياة، شعار:«أحب الحياة» أو«انا أحب الحياة» أو« الحياة» أو«الحياة » أو حتى « عيشة الحرية والحياة والسيادة والاستقلال!!!» أو« أو لا احد» او« الحياة بَسِّ نِفهَمْها»نحن الذين لا نحب هذه الحياة بحسب محبيها، نؤكّد أننا نحب الحياة ولكن خلافنا الاساسي، أي الخلاف بين 8 و14 آذار، سبحان الله، هو أننا ( أي 8 آذار! لكن هكذا دَرَج) لا نحب من هم كانوا حتى لحظة اعداد هذه النشرة هم حصراً وافتراءاً محبّي الحياة ودون غيرهم. أو انّهم بحسبهم أو بحسبنا عنهم، الداعون اليها والى حبّها.
لا خلاف سوى على أنهم، ليسوا من يُسمح له أو يُقبَل من جانبه حب الحياة.
وفي حال استمروا بما هم عليه من الحب الزائف والتَسَلُّط في الحب والحب في الليل خارج الخيم، فسنحب الحياة أكثر ونريهم كيف يكون ذلك ونمنعهم من حبها بعد الآن، علَّهم يذوقون.
للاستفسار حول أسباب هذا الموقف غير المحب تماما، يرجى، الاتصال بقسم المحليّات في الصحيفة رقم هاتف: 01759597 ، او اي رقم من أرقام الجريدة المنشورة.
وحتى ذلك الحين، نحن نحب «الحياة» لكن نفضل «الاخبار».
لا تدعوا الفرصة تفوتكم.
نتمنى لكم ليلة هادئة، خاصة واننا جميعاً في هذه اللحظات نحب الحياة في آن معاً.
وتصبحون على خير.

26‏/06‏/2007

أخبار الأيام الـ7 المقبلة

زياد الرحباني

عدد الثلاثاء 26 حزيران 2007

مقدمة:

... وكوني لستُ إطلاقاً، من المهووسين بـ«الديموقراطية»، ولا طبعاً، بالتفتيش عنها، إن وُجَدت، وَجدت في فكرة التأسيس لصحيفة كهذه وتجمّع الأسماء الذي سيعمل على إصدارها، مكاناً لا بأس به للتعبير، كونهم «ديموقراطيين»، عن الاشتراكية العلمية وشيء من الديكتاتورية بإذنه تعالى.
زياد عاصي الرحباني


عناوين النشرة:

ـــ حزب الله: منذ 1999 مروراً بالتحرير و«Nokia 2100»ـ

ـــــ زلماي خليل زاد: من القرار 1559 حتى القرار 1701 وبنده السابع: تجريد حزب الله من السلاح

ـــ وليد جنبلاط ومي شدياق: «لمَن يجرؤ فقط»، هذا المساء على «الشاشة الصبيانية للإرسال»... أي في مبنى جعجع حيث «لا يجرؤ الآخرون»ـ

ــ فارس سعيد وتدريبات القاعدة لكوادر تنظيم المردة منذ آذار 2006 وصدْق التنبؤات

العالم العربي:

ـــ الطيور فوق دبي وزجاج الأبراج وارتفاع الحرارة

الأخبار الدولية:

ـــــ الجالية الفلبينية والـSunsilk

ـــ المافيا الروسية: بوتين، سعد وبهاء الحريري (دبي ــــــ عجمان)

حكمة الأسبوع:

ـــ فلاديمير إيليتش أوليانوف: الإنسان والنشويات (حل لرغيف الخبز دون الحاجة لأي نضال نقابي أو طلابي) النتائج مضمونة ومذهلة...

التعليق السياسي:

لم تمر الأيام على «شي فاشل». زياد على حق اليوم كما كان بالأمس. هذا هو المزعج فيه وهذا هو اللامع. جريدة «الأخبار» ستحاول أن تكون مساهمة متواضعة لدرء الفشل عن هذا «الشيء» من أجل حرمان جيل لاحق من استعادة المسرحية، من أجل أن تمرّ الأيام عليها.

جوزف سماحة

21‏/06‏/2007

بين الأمثال

زياد الرحباني
الخميس 21 حزيران 2007
يبدو لنا مَثَلٌ لبناني قديم في غاية البساطة والاقناع، لسهولة صياغته لغوياً وسلاسة ايقاعه موسيقياً، وأعني المثل العامّي القائل: «عيش كتير، بتشوف كتير».
أي بالفصحى: «عِشْ 52thiran، تَرَ 25thar».هذا، وإن كان أعزائي، هذا المثل صحيحاً، برأيكم وبحسب أهلنا على امتداد الأرياف والأطياف اللبنانية الصميمة، كيف تفسّرون ظاهرة سمير جعجع؟ واحدٌ من اثنين: أو ان المثل لا معنى له سوى الوزن والقافية وفوّار انطلياس، أو أنَّ الدكتور سمير، كلّما عاشَ كلّما «شَبشَب».
***
أخبروني فجأةً أنَّ السيد، الاستاذ، سعادة النائب ومعالي الوزير أحمد فتفت، كان يوماً، في طرابلس، في الحزب الشيوعي اللبناني.
أولاً: لم أُصدّق اطلاقاً.
ثانياً: حينَ ألحّوا لدرجة وصَدّقت، كَرِهتُ حياتي.
ثالثاً: المعذرة منه ومنكم. لكِن هل فهمتموني؟ وهل فهمتم الآن، ما معنى البادي أظلم؟
ملاحظة: لم أكره حياتي فقط، فقد كَرهت الحزب الشيوعي أيضاً.
وعدت وكَرهت الاتحاد السوفياتي اسبوعاً كاملاً تقريباً.ـ
ــ أَلَمْ تكره الوزير فتفت في كل ذلك؟
ـــ كلا، الوزير، لا!
ـــ كيف ذلك؟
ـــ شيءٌ يفوق طاقته، شيءٌ أقوى من امكانياتنا الشخصية. لا ذنبَ للفتفت في ذلك ولا جَمَلْ، فسبحانه في ملكه.
***
إنَّ الوضع اللبناني برمَّته لا يُعجِبُ لبنانياً واحداً منّا جميعاً.
نُسَلِّمُ جميعاً بذلك رغم اختلاف انتماءاتنا والعقائد والأسباب المُحرِّكة.
وهذا الاشمئزاز العام مفهوم جداً، لا حاجة «بْنُوبْ» لِشرح أي من أسبابه أو التفاصيل. فالوضع رغم ضبابيته حيناً وتَعَقُّدِه حيناً آخر، يبقى بعد هذا العمر، غايةً في الاشراق والوضوح.
انه جَليٌّ يا أخي، كعين الشمس (كأنَّ للشمس عيوناً، أو كأنه يمكن لنا أن نرى عيوناً في الشمس إن وُجِدَت!).
إنه، ورُغمَ الاعتصام والمحكمة الدولية ومزارع شبعا ولبنان وسوريا - فلسطين - اسرائيل - العراق - ورغم تواتر تواصل وتنافر رجال الدين والدنيا والآخرة، ورغم السفارات والتدخل والمواكب، التفجيرات والاغتيالات، الأمن الذاتي والسياحة والهجرة والموسم الزراعي الدامي والخليوي وسعر البنزين وربطة الخبز ووزنها وسعر الحد الأدنى نفسه! وسعر صرف الليرة وصرف العمال والمستخدمين والمتعاقدين (أهونهم)، ورغم اليد العاملة الأجنبية و«فتح الاسلام» و«فتح الانتفاضة»، و«فتح الحسابات» و«فتح المدارس» للمهجرين والتوطين واحتياطي الذهب وبنك المدينة الفاضل والفاضلة.
وأخيراً، ورغم بازار الانتخابات الرئاسية المقبلة الذي بدأ، ولَيتَهُ ينتهي فوراً، وبالتالي، المرشحين المتداولة أسماؤهم وجحيم وقرف ورتابة التداول في نِسَب الحظوظ والفولكلور المرافق من «آخر خبر» و«يُقال» والتسريبات و«أسرار الآلهة»، و«أسرار الاليزيه» و«أسرار بكركي»، و«سر الكهنوت» و«كلمات سر السفارات»، ورغم حديث الساعة عن احتمال الحكومتين: خبرٌ واحدٌ أوْحَد مُطمئنٌ وسعيد، على هذا الصعيد، لِلُبنانَ جديد.
مهما حصل، وكائناً من كان هذا الرئيس المقبل، لا يمكن، وبأي شكل من الأشكال ومهما تَعقَّدت، أن يكونَ وليد بك جنبلاط، مثلاً.
ناموا وأبوابكم مفتوحة.

18‏/06‏/2007

الغضب الساطع آتٍ

زياد الرحباني
جريدة الأخبار الإثنين عدد 18 حزيران 2007
في الرسم داخل الإطار:
شابات وشبّان غاضبون بعد اعتصام المعارضة المتواصل للأسبوع التاسع والعشرين، يحتسون القهوة المرّة ليلاً, في مقهى «ستارباكس»- فردان. غاضبات وغاضبون حتّى تبدأ المحكمة الدولية أولى جلساتها، شرط أن تأخذ بعين الاعتبار قضية مذيعة الأن. بي. أن، كما طلب وزير الشباب والرياضة الدكتور أحمد فتفت.ويظهر إلى يسار الصورة شاب يتحدّث عبر جهازه «النوكيا» مع زملاء له في مقهى «ستارباكس»- الأشرفية، للتنسيق.

08‏/06‏/2007

... في الأصل

زياد الرحباني

الجمعة 8 حزيران 2007

توضيح: لمرّة واحدة وأخيرة كلّما وردت كلمة: الأميركيون أو الأمريكيون أو الأميركيين أو الأميركان أو حتى الأميركانيين، لا يكون الشعب الأميركي هو المقصود. ولا الأوسترالي طبعاً، إنما هذه الإدارة الأميركية والإدارات التي أوصلت إليها. شكراً.

الحزّورة: إذا كان أصل الإنسان سعداناً، وقد سلّمنا بالاثنين، فما هو إذاً أصل الدبّ؟

الجواب: الجواب في العدد المقبل(*) وخاصةً أنّ من المستحيل أن يكون الدبّ سعداناً.

ولكنّ هذا يبقى غير مؤكد أيضاً.

فلا علمَ أو بَحثَ متفرّغاً لأصل الدبّ بقدر ما هو مهتمٌ بأصل الشاي الأخضر والإنسان، بالتالي السعدان.

غريب! ما أصل الدبّ يا ترى؟

ما أصل السعدان أساساً؟

هل هو الدجاجة؟

وهنا لمجرّد لفظ كلمة الدجاجة، سوف تأتي كلمة البيضة الملازمة لها، ومَن قبل، البيضة أم الدجاجة أم السعدان أم السذاجة؟

ما أصل هذا الحديث كلّه؟

إن الحديث يأتي في إطار الاستيضاح، ولمرّة أخيرة وطموحة، حول: ما هو أصل المشكلة بين المسيحيين والمسلمين في لبناننا العزيز؟

إن هاتين الديانتين، مختلطتان في العديد من بقاع العالم، ووضع اختلاطهما ليس مشابهاً لوضعنا إطلاقاً.

وإن حصل وراح يتدهور، فأول ما يوصف به، طبعاً: اللبننة.

ولماذا؟

الجواب: لأننا المرجعيّة.

ففي هذا المجال الزاهي الغنيّ عن التعريف، نحن البيضة والديك والدجاجة، والريّس والبيك والخواجا.

فكل خلافات عرقيّة أو دينيّة خارج هذه البلاد تقع، صحيح، لكنها تُحلّ بسرعة مقارنة بنا.

لماذا؟ لأن فيها دوماً أكثريةً لطائفةٍ من الاثنتين أو الثلاث، تحسم الموضوع عموماً حرباً أو سلماً خلافاً أو اتفاقاً (وليس اتفاق الطائف طبعاً!!!).

لذلك، فعلى الموارنة، والأصحّ، الإخوة الموارنة، أن يوقفوا الهجرة فوراً.

ليس لأنّ أصل الإنسان سعدان أو حيوان، وأصل الدبّ مجهول، وأصل السعدان دجاجة.

يجب عليهم بأيّ طريقةٍ وفي كل الظروف وقف هذا التذمّر والإحباط والخوف مباشرةً.

وإلاّ فالأكثريات المذهبية الأخرى، أو إحداها وحيدةً، ستقضي، وبأمرٍ من الأميركان ــــــ الدببة والخنازير، عليهم.

(*) ملاحظة: كان هذا هو العدد المقبل.

04‏/06‏/2007

«سرّ الغباء الرحيم» (*)

زياد الرحباني
عدد الاثنين ٤ حزيران٢٠٠٧
ليس مقصوداً «ولا كان يوماً»، أنّ المرأة لا تَفْهَم ، المقصود أنه ممنوع عليها أن تفهم.
ملاحظة (1): إنها فاصلة ، كهذه. لكن، يوجد في آخر الجملة أعلاه التي تنتهي بكلمة «تفهم» الثانية، نقطة. فتصبح هذه الفاصلة نقطة.هل يوجد نقطة هي نفسها فاصلة ؟
إنها نقطة التعجّب الحاصل.
تُقرأ الملاحظة التالية، رقم (2) مرة واحدة
ملاحظة (2):تُقرأ الملاحظة (1) مرة واحدة.
ملاحظة (3): لقد قرأت الذي سبق باستثناء الملاحظة هذه نفسها، لمجموعة من الزميلات في العمل، فَفَهِمْنَ المقصود بكامل السهولة والاحترام.
إنهنَّ أدقّ عموماً.
تُقرأ الملاحظة الثالثة هذه دوماً أو عند الحاجة.

25‏/05‏/2007

من يكون؟



زياد الرحباني
عدد الجمعة ٢٥ أيار ٢٠٠٧

في النهاية، نحن الآن في هذه اللحظة، اذا أردنا أن نتداول بما هو حاصل في الشمال، مضطرون للقول إنَّ معارك شديدة مثلاً تتجدد على محور مخيم نهر البارد بين مواقع الجيش و... من؟
لن يختلف اثنان على أن الطرف الثاني هو: «فتح الإسلام».
إن هذه التسمية أو الشعار أصبح بين ليلة وضحاها، موحداً بيننا، بين الأمِّي والذي يتقن العربية. بين الذي يقرأ صحيفة مرة في الربيع ومرة في أواخر الصيف وبين الذي يقرأ يومياً أكثر من صحيفة. بين الضليع بأخبار الاستعمار وعالمه العربي، وبين من لا يهتم إلّّا بحركة اليورو والاسترليني وعلاقتهما الغرامية المتأزمة مع الدولار الأميركي.
«فتحُ الاسلام» اليوم، موحداً بين كل المذكورين أعلاه وبين من لا يقرأ ولا يسمع ولا يشاهد حتى إلّا أخبار نوال الزغبي او «ميشو شو» اذا كانت السيدة نوال مسافرة.
وقد أجمعنا على أن هؤلاء المتمترسين بإحكام وإمعان داخل المخيم ليسوا تنظيماً أو حتى فصيلاً فلسطينياً، وهذا جيد، فهو يحصر الموضوع.
كما أجمعنا على أنهم من جنسيات متعددة غريبة دون أن نراهم، وعلى أنهم يطلقون على أنفسهم اسم «فتح الإسلام»، الشهير!!!! إن في التسمية هذه، درايةً ومتابعة معمقتين لتاريخ المنطقة. أقصد المنطقة المعروفة بالهلال الخصيب (فلسطين ـــــ لبنان ـــــ سوريا).
فكلمة «فتح» داخل مخيم فلسطيني، ماذا يمكن أن تعني بربكم!
إنها، مهما كان نوع وعمق الالتباس فيها، لن تكون أبداً نوعاً من أنواع الزبدة الدنماركية!
إنها فتح يا عالم، إنها قوات العاصفة، إنها، لو تذكرون: «فتح ـــــ لاند» (land).
وكلمة الـ«فتح»، في الوقت نفسه مرتبطة بقوة، هنا، بالدين وتحديداً بالدين الاسلامي.
لذا، فازدواج المعنى ليس مصادفةً ربيعية، خاصة إذا تَموضَعَ داخل مخيم، وراح يتسلّح.
ثم إنه، ضد من يمكن أن يكون تنظيم كهذا، أو بالأحرى، أي إنسان عربي برأي الادارة الاميركية، سوى ضد الاميركيين؟ وهم في ذلك، ربما على حق.
أمّا المصادفة الثانية فهي أن الادارة الاميركية تشجع كما شجعت دوماً، ومنذ أول ظهور للإخوان المسلمين في مصر، الحركات الدينية في مقابل الاشتراكية، ومهما كان الثمن. أكانت ناصرية أم بعثية أم ديموقراطية أم استوائية.
تشجع ضدها وتتهمها مباشرة بالشيوعية، أي تسرِّع بالنيابة عنها في عملية تطورها نحو آخر مراحلها.
وتأتي المصادفة الثالثة، والأكثر نجاحاً وإقبالاً جماهيرياً وهي التقاء فتح الاسلام أو علاقته المباشرة بتنظيم «القاعدة». وهنا كما تعودنا مؤخراً، تكون خاتمة الاحزان... الأميركية.
القاعدة يا اخوتي هي اليوم، عدو الكرة الأرضية بامتياز، إنها البعبع الكبير، إنها أكبر بعبع في قصص الاطفال. هذا الذي لا يُقتَل لا بالرصاص ولا بالطيران ولا بالنار ولا بالكهرباء ولا قهراً طبعاً، فكيف بالحياء؟!
من يكون أبو جندل؟
من هو بلال المحمود؟
من هم جماعة «فتح الاسلام»؟؟
وماذا ينفع أو يعني أن يتبعوا «القاعدة»؟
فمن هي «القاعدة» أساساً؟
ربما كانت فتح الاسلام فرعاً لها في لبنان بالتحديد، وكنا حتى البارحة نعتقد أننا نتبع، بحسب «القاعدة»، «جند الشام»، لكون القاعدة والجهاد ـــــ بلاد الرافدين، أبعد عنّا باتجاه العراق.
كنا وبحسب علمي ربما ممثلين في القاعدة المذكورة بـ«نصرة الشام» أو «عصبة الاسلام». لقد كان تنظيم «أنصار الله» يبدو أكثر تغطية من «فتح الاسلام» المحلي، كما هي الجماعة السلفية الجهادية ـــــ مصر.
لكن، وبعد كل ذلك، من هم كل هؤلاء؟
إنهم مجاهدون بلا شك وعدائيون وهذا واضح. لكن الاطار السري المشترك بينهم، لنشاطهم، يجعل الجواب أعقد.
من يخترع كل هذه الأسماء؟!
هل يخترعونها هم؟
طيب من اخترعهم، هم؟
ولماذا هم يزدادون كل يوم وتزداد معهم الأسماء والفروع إن كانوا فعلاً تابعين كلهم للقاعدة؟
أو ليس توحيد الجهود ضد الامبريالية الاميركية والأوروبية أسهل إن بدأ التوحيد بينهم بالاسم نفسه؟ (لقد نسينا «خليّة هامبورغ»، ربما كانت هي «القاعدة»!)
من هو وأين هو أسامة بن لادن؟ لا يمكن أن يكون مختبئاً عند أيمن الظواهري. فأبسط قواعد الاختفاء والتمويه والحيطة هي التفرق.
إن الشيء الوحيد الأكيد اليوم، وبعد أحداث 11 أيلول، هو أن برجي التجارة العالميين تعرضا لهجوم رهيب من حيث فاعلية الأداء والتنفيذ، وذلك قبل أن يكون إرهابياً.
والشيء الأكيد الثاني هو أن الكاميرا الرئيسية التي صوّرتهما بوضوح، كانت مركزة في هذه الزاوية المثالية للرؤية، منذ أن بوشِرَ بصناعتها. إن الكاميرا هذه رُكِّبَت وجُمعت «في أرضها»، في هذه الزاوية الناجحة لتصوير انهيار البرجين بأفضل حلّة.
يُقال، ويُقال في الإعراب فعلٌ مجهول، والإدارة الأميركية ليست مجهولة.
إذاً، فالادارة الأميركية هي التي تقول ما يُقال، وهو أنَّ تنظيم القاعدة هو من قام بعملية 11 أيلول.
أظن، أعزائي، أننا متى عرفنا من قام فعلاً باقتحام البرجين، ومن هم هؤلاء الذين عُمِّمَت واشتهرت صورهم ربطاً، أمكننا أن نعرف من هي «القاعدة» وبالتالي أين هي، وأين بن لادن وبالتالي كل الباقين.
أمَّا الآن وإلى حينه فكل اسم وَرَدَ في هذا المقال: من يكون؟
إن الادارة الاميركية شخصياً، ومنذ انهيار الاتحاد السوفياتي، أين هي بالضبط ومن تكون؟
طبعاً هي لن تحتمل شخصياً، ظروف مخيم نهر البارد المعيشية.

21‏/05‏/2007

فعلاً ما العمل؟

زياد الرحباني
الاثنين ٢١ أيار ٢٠٠٧
كيف يمكن أن تعمل مع إنسان لا يحمل ساعة يد؟
ولا ساعة حائط طبعاً، فهي كبيرة على اليد.
ولا أيّة ساعة اخرى متدليّة مثلاً من أُذنه أو ملفوفة حول الرقبة من تصميم «غوتشي»، ولا مثبّتة في مناخيره يخرج الكوكو منها كلّ ساعة؟في أيّة ساعة يأتي إليك؟
أيّة ساعة يتصل بك ليأتي إليك أو يلغي الموعد؟
وبناءً على ساعة مَن يكون في طريقه اليك؟ وإن وصل، فهل يعرف أية ساعة وصل، وكيف يعرف إن هو وصل على الساعة المُتّفق عليها؟
وإن أتى قبل الساعة المذكورة او بعدها، فكيف تقنعه بأنه أتى باكراً أو تأخّر؟
ما الذي يمنعه من أن يقول لك إن ساعتك غير مضبوطة «تماماً» !!!؟
وبمَ سيُجيبك إن سألته: في أيّة ساعة يعتقد أنه سينتهي من هذا الجدل ومن ثم العمل الذي تكفّل بإنجازه؟في المقابل، كيف تعمل مع إنسان ثانٍ يحمل ساعة يد، وحين تسأله في أيّة ساعة سيأتي؟ يجيبك: لن أتأخّر.
يتأخر عن ماذا، عن أيّ، عن أيّة، عن متى؟ إن هذا المواطن الثاني، المواطن عُنوةً عنك وعن الدستور والاستقلال والذي، نكاية بالمجتمع كلّه المدقِّق معه، يحمل ساعة اليد رغماً عنه، يُفترض أن تُشترى منه هذه الساعة وبثمنٍ مُغرٍ، ثم تُهدى الى المواطن الأوّل البوهيمي المؤمن بالنبات ومريم نور وانتصاف الشمس والنهار.
فهو يستأهلها أكثر من الثاني.
فعلاً أعزّائي، ما العمل مع الأول ومع الثاني؟
ما هذا التعاطي الواثق تجاه الوقت والزمان وبالتالي الأمكنة، ما اسم هذه الجهوزية العجيبة تجاه العمل والإنتاج؟
أعزّائي، أيّها القرّاء، ويا أيّها الرفاق منهم، إنّ كل شعب يعتبر كلمة: «شَغّيل» إهانة هو شعبٌ سينقرض، وقد بدأ بالفعل.
لماذا؟ لأنه، لفراغ وقته وإساءة استعماله للوقت، سَيُساق.
قد يُشرى، قد يُباع.
وسيستخدمه الآخرون حاملو الساعات المخطّطون على عدد الثواني، المهتمون بالفرق بين الرقم 100 والرقم 98،65 مثلاً والذي هو 1،35 // واحد فاصلة خمسة وثلاثون // والذي إن ضُرب برقم 1000 يُصبح 1350 // ألف وثلاثمئة وخمسون // وتغيب الفاصلة التي كانت بين الواحد والخمسة وثلاثين الى غير رجعة ويا للهول!
فكيف يا إخوتي إذا ضُربت برقم 10 او 100 ألف، مهما كان نوع أو نوعية هذا الـ1،35 من الفرق؟ أكان: زيادة على معاش أم غرامةً أم ربحاً إضافياً يبدو بسيطاً حتى أنّه لا يُذكر، أم نسبةً للسكّري، أم نسبة علامات أحد أولادكم أم نسبة تهريب في ساعة كهرباء «سنتر الجزيرة»، أو بأسوأ الأحوال وفي الأصول نسبة النموّ الاقتصادي الأزعور ـــــ السنيوري؟...
إنّ شعبنا الذي يَمقت العمل بأكثريته الساحقة، وبالتالي فالـ«شَغّيل» إهانة، سيعيش وقتيّاً وبشكل مستمرّ في آنٍ معاً، وفي أيّة ساعة، حَمَلها أم لا، على استيراد اليد العاملة بكثافة ومن كلّ الجنسيات الجاهزة للعمل وسيحتقرها مهما فعلت أو حتى برعت.
فهي تعمل والعمل إهانة وهو يكره الإهانة.
بل يدعوهم الى الإهانة من خلال العمل.
وهو، إن شعر بأنها ليست بكافية، (رغم الساعات الإضافية التي لا يشعر بها لكونه لا يحمل ساعة وإن حملها لا يستعملها إلاّ لتذكير الطبقة الأجنبية العاملة بأنّها تأخّرت خمس دقائق فجراً أو بأنّها أمضت دقيقة إضافية في التهام الساندويش خلال استراحة الظهر) سيُهينها بالكلام أيضاً.
هذا الشعب نفسه سيُهاجر باستمرار الى حيث يُمكن له أن يعمل، لكن بالسرّ، في أعمالٍ يعتبرها مُهينةً فوق العادة.
لذا قرّر أن يقوم بها بعيداً عن أرض الأجداد، الأرض التي تدمع عيناه عليها وعلى الحمّص. إنه شعبٌ يعاني مشكلة شخصية ثمّ اجتماعية.
فكلّ من يعمل في السرّ لا يمكن أن يكون سعيداً كما لا يمكنه أن يعمل بأخلاق.
وبالتالي سيكون، إن عَمِل، عاطلاً هذه المرّة، في العمل.
فما العمل؟
إنّ هذا المواطن قد وجد جواباً وقتيّاً وبشكل مستمرّ حتى الآن عن هذا السؤال. يكون العمل بأن يكون هو «المعلِّم».
وماذا «يعمل» المعلِّم؟ ينتظر تحويل النقود من مواطنيه العاملين بالسرّ في القارّات الخمس.
فإن أتى التحويل، اغتنى واستقرّ واشترى «جِيباً» أكبرَ وخرج يدور به ويخلق الازدحام.
وإذا كان الازدحام حاصلاً دونه، يشكو منه ومن «الحَيوَنة» الشعبية اللبنانية ومن شرطة سير بيروت ومن هيئة إدارة السير والآليات والمركبات التي توزّع رخص القيادة جِزافاً. وإن، ولسببٍ ما، في شهر كذا، لم يأت هذا التحويل: افتقده طبعاً و«افتقر» ومن ثم فَقِر.
وراح يُمضي وقته مُكتئباً في نهر الفنون.
وقتها، ينشغل باله على وضع الليرة فيسأل عنها، فيأتيه الجواب المباشر والمزمن: احتياطي الذهب ممتاز ولا خوف عليها، أي الليرة بفضل كذا وكذا...
الى آخرها!طبعاً أعزّائي، ما دامت ديون لبنان لا ولن تُسدَّد، سنظلّ مدينين ويظلّ احتياطي الذهب ممتازاً «بشكل أو بآخر».
السؤال هنا: ما أو من هما هذان «الشكل» أو «الآخر»؟

17‏/05‏/2007

سلام على المعرفة

زياد الرحباني

الخميس ١٧ أيار ٢٠٠٧

عزيزتي أليكسا (Alexa)،سنحاول أن نهوّن الأمور علينا وعليكم.

حين أقول نهوّن، أقصد، نحن مجتمعين في هذه الصحيفة الشابّة المبتدئة، المكروهة والمتحمّسة، الطموحة ككلّ الصحف والشباب عموماً وليس حصراً ولا حاليّاً ربما.

أقول مجتمعين، وقد اجتمعنا بالفعل آخر مرّة، يوم الأحد الفائت على 13 أيّار، أي منهُ وأيضاً عَلَيه، والربيع لم يُوَفّق بعدُ كليّاً بنا يا إخوتي.

هو ووَبرُه اللامتناهي، المتألّق خاصّة في أجواء بيروت الصابرة عليه وعلى صَحبِه، على ضيفه وصيفِه وأهلِه.

اجتمعنا لنهوّن علينا وعليكم بعض أمور جريدتنا المتنوّعة نوعاً ما وما زالت في البداية، والمستمرّة نسبياً رغم فقدانها للرفيق الأعلى سماحة.

هذه الجريدة الصادرة، آخر أيّام المغول منتصف صيف 2006، على عيون ومسامع «مجلس هولاكو الأعلى للغزو والسَبي».

هذه الصحيفة المكروهة والمحبوبة جدّاً، يا إخوتي.

فالصفتان تأتيان في الظرف المختوم نفسه عادةً وبالتساوي.

كيف ولماذا بالتساوي ودوماً؟ الله العليم.

لذا يكفي أن نعرف: الى أي مدى هي محبوبة في هذه اللحظة من مؤسسة Alexa.com مثلاً للإحصاء، لنعرف بالضبط كم هي مكروهة.إنها «مكروهة» حالياً، نسبة الى غيرها من المواقع على الانترنت، بقدر ما الولايات المتحدة مكروهة في لبنان.

في لبنان والمهجر.

لذا، هذا فخرٌ لنا.

فنحن في هذه اللحظة... ممتاز! ونحن ماضون، الى مزيد من الكره والنجاح بإذنه تعالى.ملاحظة: كنّا قد اجتمعنا كما ذكرنا، وجَلَسنا طبعاً، لنبحث من ضمن ما كان مطروحاً للبحث، موضوع كيفية الاستمرار في موضوع «الكميّة والنوعية» ضمن هذا العمود.

وقد ارتأينا بعد البحث والتدقيق أنّ العمود، عمود.

وأنّ كلّ موضوعٍ يحتاج الى بعض الإشارات والرموز العلمية ـــــ الحسابية، يكون أوفر حظّاً للوضوح ومن ثم الفهم، بصيغة سطر أطول من سطر العمود.

لذا، يُفترض بنا أن ندرس صيغةً أخرى لنشر ما تبقّى من الموضوع المذكور مع إعادة تذكير بمجمل ما سبق.

14‏/05‏/2007

♦ ♦ ♦ (وأخيراً)

زياد الرحباني
جريدة الأخبار الاثنين ١٤أيار٢٠٠٧
... ونحن أعزّائي، بين «حياتهم» و«الموت في الخشب» على أحرّ من الجمر والجمر نافعٌ للاثنين.
وها نحن نردّد دوماً أنّ البادي أظلم. ولقد اتفقت معنا على هذا القول الدولي المأثور، حركتاهما الرابعة عشرة والثامنة (مساءً!) وهذا نادر أعزّائي القرّاء.
نادرٌ طبعاً، ففيه اتفاقٌ ما وتامّ بين الحركتين على ثالثٍ غيرهما، دونما اتصالٍ مباشرٍ بينهما:
إنّه البادي... إنّه البادي يا أولادي.
إتفقتا على البادي وضدّه لأنّه الأظلم وهما موافقتان يا أحفادي.
مناخُ الكوكبِ يتغيّر وثلوجُ القطبِ تذوب، وثقبُ الأوزون سيشوي أوروبا الوسطى ولن يتغيّر البادي، من زمانِ أجدادي.
نحن نَظلمُ، الكلُّ يَظلمون ويبقى دوماً في القمّة، ونحن في أسفلِ الوادي.
إنّه حاقدٌ مجنون، والظلمُ فيه عادي.
تُنشِدُ ضدّه فيروز، يَظلمُ يَظلمُ لا يرحم حتى لو ضاع شادي.
وهو نازيٌّ سادي.
سوليديرُ حزينةٌ والروّاد مشتّتون،
يبكي رئيسُ حكومتنا، تأتي صيدا تُسانِدُهُ
والشرُّ على البادي بادي
يبدو من أوصافه أنه مذكّرٌ، هل هُوَ أحمدي نجادِ؟
كنت أودّ ان أُكمل المقال، لأكشف باقي الأبعادِ
لكنّ الوقت يُداهِمُنا والصحيفَةُ قد جهِزَت،
وها قد تمّ إبعادي.
يتبع ليس غداً، بل في باقي الأعدادِ.

11‏/05‏/2007

♦ ♦ ♦ (تابع)

زياد الرحباني
الجمعة ١١ أيار٢٠٠٧
أعزائي، القادة في ثورة الأرز والشهداء، حضرات «الفَعّاليّين» والفعاليات، يا أيها الرفاق «الفَرارِيّين» من الحركة الوطنية وبركتها، حضرات قادة وكوادر الانقلاب على «النظام الأمني» والوصاية، وعلى النظام السوري قريباً وقطره الشقيق، أيا أقطاب انتفاضة الاستقلال «الأوكرانية ــــــ الأوسطية» السريعة الذوبان، يا أعلام الديموقراطية الأولى في هذا الأوسط الكبير، أرباب الأكثرية مهما حصل، تحية ثانية وبعد...
أخبرتكم البارحة بما يؤرقني في حال بدأ الحوار الوطني واستمر، وذكرت أن أصعب ما فيه هو موضوع الدمغتين (ثقافة الموت وحب الحياة) اللتين اخترعهما، بكل تجرد، وللأمانة، فريق واحد، ألا وهو: أنتم.
ولم أخبركم أنه، ليس هذا كل ما يؤرقني.إن من جملة ما يؤرقني أيضاً، ما يمكن أن يتأتَّى عن هذا الطريق المسدود المستحيل بين الدمغتين أو «الثقافتين» أي بصريح العبارة: الفريقين.
في لبنان اليوم، قسمة إضافية، جديدة على حربه الأهلية، أحسن ما فيها أنها جدِّية ومختلطة والحمد لله، وأقصد طائفياً.
أمَّا أسوأ ما فيها فهو أنَّ قسمة الطائفة المسلمة فيها، غير موفقة على الإطلاق، فهي مذهبية.
وهي لذلك، تُكَبِّلُ ثم تُجَمِّدُ الصراع الفعلي الطبيعي العام بين الفريقين، نتيجة (الوعي) السني ــــــ الشيعي العام. إن قسمة المسيحيين فيها، مثلاً سبحان الله، أكثر نجاحاً كما عوّدونا دائماً.
فهم حين ينقسمون على بعضهم، مبدئيون، ويشبهون شعوب أي مجتمع آخر في العالم العربي أو في أوروبا.
أمّا متى حان موعد القسمة مع المحمديين فتبرز «المشاعر المشطوفة» والخوف المسيحي، وقد استُورِدَ لهم مؤخراً، الغبن وراعيه الحصري: الإجحاف، (وهو يجلس على المقعد الخلفي).
وهذا بالضبط ما سَيُخَلخِل من أكثرية الأكثرية يا يسار الديموقراطية الأممي، يا فَهلَوي.
يا «ماجد وعطا الله للفَهلَوة والنشر»!! إن الفريق المسيحي المتحالف معكم، المتداخل فيكم عفواً لن يَهضم السُنَّة، فهؤلاء يطالبون تارة بالشهيد الرئيس رشيد كرامي، وتارة يعتنقون الإسلام، وبشغف حتى الأصولية. أمّا الشيعة فحَدِّث ولا... تُحَدّث اذا أمكن، فهذا أفضل.
إنَّ هؤلاء أصبحوا كالـFAT (الدهنيات) ممنوعين عن أي جسم سليم (حتى ولو دون عقله) في المجتمع الآمن الافتراضي المسيحي.
إن هذا الجزء الأخير حول «الأخطاء في القسمة»، لا يؤرقني.
على العكس إنه الأمل النابض والوحيد حالياً الذي يجعل من هذه الأكثرية، وكما ذكرنا البارحة، تعاني وما تزال من المعالجة الجينية الضرورية والجراحة القيصرية.
وقد بدأت أعراضها المفروضة على المجتمع تزول تباعاًإن ما يؤرقني أيها الأعزاء، أولاد يكبرون في جميع الأحياء والحارات، في المدارس وعلى الشاشات وهم مثلاً يرددون: ثقافة موت أو حب حياة.
إن الحملة المالية الباهظة التي خُصِّصَت لهذين الشعارين، كان يمكن أن يُساعَدَ بها، مسيحيو النبعة وبرج حمود مثلاً، وهم أول ما يتبادر إلى الذهن، إن بقينا ضمن بيروت وتحديداً شرقاً.
فالكثير منهم يتمنى أن يشترك في حب الحياة، وقد قررت قواكم «الفاتحة من فبراير» أن تُلحِقَهُم دونما قصد وعن سهو وطبعاً غلط بالموت دون ثقافته حتى.
يتبع غداً

10‏/05‏/2007

♦ ♦ ♦

زياد الرحباني
الخميس ١٠ أيار٢٠٠٧
حضرات السيدات والسادة، حضرات الساهرين على الأكثرية، حضرات الرفاق المحترمين في حركة الرابع عشر من آذار،تحية وبعد...
يؤرّقني شيء ما هو نفسه يومياً، فأنا أتخيّلكم، وقد عدتم يوماً وجلستم إلى طاولة الحوار مع هذه المعارضة، هذه المتوافرة حتى الآن على ما يبدو، وعلى رأسها حزب الله، وقد بدأ الحوار.
في ذهنكم طبعاً نقاطٌ كبيرةٌ عالقة،
أولاً: المحكمة الدولية والبند السابع،
ثانياً: تركيبة الحكومة الوفاقية الجديدة وثلثها المعطّل أو الضامن، أو المرجِّح أو ما يمكن أن تكون قد أصبحت صفته المميِّزة وقتها، الله أعلم، ثالثاً: مصير سلاح المقاومة، ذلك إن تبقّى لكم وقتٌ كافٍ. إن ما يؤرّقني ليس ما سبق،
إنه التالي: ترى، هل ستجدون بعد كل ذلك وقتاً لتبحثوا في «ثقافة الموت»؟ أو في «حب الحياة»؟ أو في العنوانين معاً؟أشعر بأن بتّ النقاط الثلاث الأولى ممكنٌ رغم كل الوقت الذي مرّ عليها وهي معلّقة. إن البحث في «ثقافة الموت» و«حب الحياة» لن يكون سهلاً ولا مزحةً.
سيبدو حينها كم أن الإهانة كبيرة، وكيف أن هذه العبارات نَحَتْ منحى الأبديّة ولا طريقَ للعودة عنها ولسوء الحظ.
ما يمكن أن أتخيّله هو شيء من اللوم.(حوار)
1 - نحن ثقافة للموت يا وليد بك؟
2 ـ لا ليس الموت بمعنى الموت.
غازي ــ يا إخوان، إن وليد بك لم يقصد حرفياً ما يقول، تكلّم عن حبّ الحياة بمعنى حبّ الحياة عموماً، أي إن شيئاً كالاعتصام لا يشبهه.
1 - وما هو حُبّ الحياة بالضبط؟
2-إن حبّ الحياة عبارة تقال لتُميّز الأكثرية ربما، ليس إلاّ.
1 - هلّا حدّدتم لنا ما هو الموت، ومن ثم ما هي الحياة؟
مروان - هذه مواضيع شائكة، بل فلسفيّة، دعونا منها الآن لضيق الوقت.
2 ـ طيّب إذاً فلنناقش ما هي الأكثرية. (ويستمرّ الحوار دون أيّ تقدّم أو تحديد ويتشتّت أكثر فأكثر).
لن يكون لذلك مخرج. هي كلمات لا عودة عنها بسهولة، ناهيك بأن الحوار بين «عملاء»، قومٌ منهم للولايات المتحدة وإسرائيل، وقومٌ إيرانيون من ريف دمشق، سيكون، عموماً، حواراً ليس عن لبنان تحديداً.
سيكون حواراً عن العراق وفلسطين على الأرجح.
ولا مشكلة في النهاية لو «تعايَشَ» الموت والحياة، هذا ما يفعلانه دائماً.إنهما في أسوأ الأحوال يتعايشان كالمسيحيين والمسلمين.

09‏/05‏/2007

إعادة برمجة


زياد الرحباني
الأربعاء ٩ أيار٢٠٠٧
يعزّ علينا، أعزائي القراء، أن نقطع موضوعاً محدّداً بدأنا به، تحت عنوان «علمياً»، عدّة مرات.
مرّة لتقديمه، لكونه ليس محلياً أو متابعاً للحدث اليوميّ، ومرّة لطبيعة موقعه غير المثالي في الصفحة الأولى من الجريدة، ومرّة لشكله الذي أشكو منه شخصياً، ألا وهو «العمود»، حيث السطر العادي الواحد يُقسّم إلى ثلاثة سطور وأحياناً أكثر، وهذا ما يؤثر سلباً على موضوع يحتوي على بعض المعادلات التي تحتاج إلى رموز وإشارات هي أقرب إلى العلميّة من السرد.
وكل ذلك بالتزامن مع ما «يَعُرُّ» علينا أو يهتِكُ أو يفتِكُ بنا من مواقفَ سياسية في بعضٍ من أيامنا الحالكة، أو لنقل من الأول: بالتزامن مع ما يُنْزَلُ بنا من المواقف، أو عفواً ومن جديد: من صلابةٍ في المواقف الرسمية المسؤولة كلياً - حصرياً.
والرسمي هنا يعني: «الأكثرية».
بالتالي: غير المُمثِّلة للكل.
فهي، برأيي إمّا: أكثرية «غيبوبيّة»، أي: لحظيّة -عدديّة طارئة، وإمّا: أكثرية آنيّة ممطوطة زمنياً وكأنها معالجة جينيّاً لتتمدّد أشهراً إضافية أكثر من تركيبتها الطبيعية،أو: أكثرية سُبَيْعيّة وبالتالي نتيجة لعملية قيصريّة كنعانيّة سبقها حلفٌ قيصريٌ رباعيّ..... لقد صاموا وعادوا إلى عدوان تموز الماضي بشكل أبشع يا أخي.
بالمحصّلة، هذه ليست بمقالة، إنها محاولة لوضعكم معنا في الجوّ.
فنحن سنضطر استثنائياً، وفي سبيل أن نتابع موضوعنا الأول حول الكميّة والنوعيّة، دون أن نترك في الوقت نفسه هذه الأكثريّة «تُخَيّلُ وحدها في الساحة»، وضمن إمكانياتنا المحدودة، لأن نغيّر هذا الأسبوع في أيام مقال «ما العمل» الثابتة.
وعليه ستكون المقالة لهذا الأسبوع: أيام الخميس والجمعة والسبت، وإلى اللقاء في الغد.

04‏/05‏/2007

علميّاً (3) ـ ملحق


زياد الرحباني
جريدة الأخبار - الجمعة 4 أيار 2007
أعزّائي القرّاء، نأسف مرّة أخرى لمقاطعة سياق الموضوع في سبيل التذكير بأنّ موضوعاً كـ«الكمية والنوعية» هو نزاع فكري كلاسيكي دائم ومزمن، كما هو مثلاً موضوع «الغاية والوسيلة» أو «البيضة والدجاجة» الخ...
مواضيع كهذه يتسع فيها البحث لكثير من الآراء والمدارس في التفكير والانتماءات السياسية، الاقتصادية أحياناً، الأخلاقية ــــ الدينية أحياناً أخرى، ومجموع هذه العناوين يشكّل عموماً ما نسمّيه: «فلسفة» هذا الموضوع.
والفلسفة هنا ليست للتدريس أو التعليم، ولا كلمة علمية غيرها لسوء الحظ، لتلخيص ما سبق من المفردات «الكبيرة».
علماً أني جهدتُ منذ أيام الدراسة الثانوية وحتى يومنا هذا، لمكافحة استعمال أو حتى مجرد الاحتياج للفظها، أي «الفلسفة».
ولكن جهودي باءت حتى الساعة بالفشل. فمجموعة من النقاشات الدائمة، والكلاسيكية ـــــ المزمنة منها خاصة، تصل الى نقطة ما تحتاج فيها الى عبارة: «فلسفة الـ... كذا».
وهي ببساطة ليست إطلاقاً، بعملية تفلسفنا بعضنا على بعض ولا هي تعقيد لكلمات هي أبسط بالأساس، ولا رغبة عندي إطلاقاً في الإضافة على الفلسفة العامة المعاصرة، ولا حاجة لنا بها، لو أن الحياة على الكوكب تسير على ما يرام، لو أن «الكمية والنوعية» تتقاسمان شقة مفروشة في شارع السادات مثل «خوري وعبيد» أو «ريا وسكينة» أو كالأساتذة الأفاضل J&B!!!.
لو أن الوسيلة، مثلاً، تسهر على الغاية، تساعدها في فروضها المسائية ومن ثم توصلها في الصباح الباكر الى ثانوية فخر الدين! وبما أن هذا ليس بحاصل، فنحن نعود هنا الى موضوعٍ نراه غنياً بالتناقض وهو أساس في الفكر الأحادي، الراجحة كفته اليوم، مرحلياً على الكوكب وهو: الفكر الرأسمالي بل الامبريالي بل الكولونيالي.وهذه ليست بشتائم بل هي صفات علمية.
فكر تكاد تصبح فيه بعض الرأسماليات ذات رأس المال العام المتواضع بالمال والامكانية والمساحة (معظم الأحيان)، بكل طبقاتها المتناحرة المصالح، مجرد طبقة «عاملة» واحدة موحدة عند رأسمالية أكبر قدرةً ومالاً ومساحةً، أفقياً وعمودياً حتى نحو الفضاء.
أعزائي، لقد حاولت حتى الآن حصر هذا البحث بالممكن، لي، لنا، وفي هذا المكان، تاركاً مواقع التخصص فيه، لأصحابه (تحديداً في الاقتصاد) وقلنا ونعود ونوضح، أننا نتناول هذا الموضوع، بأقصى ما يمكننا ذاتياً، من العلمية والمنطق، أي بإمكانياتنا المعرفية والعقلية، التي هي عرضة دوماً للبحث، عندنا وعند غيرنا، كما وللجدل والشتم إذا استدعى الأمر.
وبما أننا، أي إنني، بمزيد من العلمية والتحديد، علّ الشتم ينحصر بي، لم أذكر الاشتراكية حتى الآن إلا في جملةٍ واحدة حيث أتت بالشكل التالي: «... بالمقارنة مع الاشتراكية»، ولم أذكر الشيوعية طبعاً، فهذه الاخيرة، فصل من رسالة المجوس والسحرة والسي. آي. إي. والأباليس والإخوان.
وتحتاج لإعادة الاستفتاء حولها وحول ما يعرف عنها شعبنا الأبي العنيد، منذ أن نشأت وحتى انهارت منظومتها الرئيسية، غير أن: «في النظام الشيوعي، يستطيع المواطن أن ينام مع أخته»!!!!
وكأن محطة «مير» الجاثمة في الفضاء منذ سنين هي نتيجة جهود هذا المواطن السافل!
نعم وبالرغم من كل هذه المقدمات والمطولات التي، بعد يوم أو يومين على هذا المعدل، قد تتخطى «مقدمة ابن خلدون»، تمكن المواطن م. بكري، أو الذي يوقع على الأنترنت بهذا الاسم، وأوضّح هنا، لم نشأ أن ننشره كاملاً، لأنه بكل بساطة قد يكون، وبسبب محاسن الأنترنت السبعة في الإبهام، قرر أن يبقى مجهولاً حتى لو كان هذا اسمه الحقيقي، وعلماً كذلك بأنه من أفضل الردود التي ربما تعلقت بما كتبناه تحت عنوان «علمياً ــــ 2»، تمكن من أن ينشر الآتي نصه:«غبطة الحبر زياد (حاف) عفواً من فهمكم، قد أكون حماراً قياساً بأمميتكم ولكن: علمياً: لم تنتج الاشتراكية والشيوعية حين طبقت في أدغالنا سوى القهر والبرطيل والظلم والتعذيب والفساد والاعتقالات والتنكيل (البلاطات) والقتل والفقر.
وأما بالنسبة للنوعية، أعجب أن أشد زبائن بضائع الرأسماليين هم قادة الاشتراكية والشيوعية، أفرغوا السوق من المرسيدسات والب أم مات!! ما في غيرك يا أيها الشيوعي العنيد لا تزال تطلق العنان للحيتك وتمشي «مهرغلاً» في شوارع الحمراء منتقداً كل ما أمامك وتحلم باليوم الذي سيستيقظ فيه مؤسسو الشيوعية الثلاثة اليهود «أغمدهم الله فساح جنانه» وحينها سيضربون بيد من حديد كل حيوان ANIMAL سوّلت له نفسه التفكير بالسعادة، وحينها، سيعلمون الناس ما لم تعلم».أعزائي، ليس بوسعنا، ضمن الامكانيات المتاحة، سوى أن نشكر الزميل في البحث، الأستاذ م. بكري وأن ننشر له كل جديد في هذا السياق.
ونسأله إن كان بالإمكان لنا الاستمرار في الكتابة في موضوع «الكمية والنوعية» كما نراه نحن وبنفس الشروط الرديئة التي نتناول بها مواضيعنا عادةً، فهذا أفضل ما منحنا الله إياه، فكل ما يأتي من الله عز وجل، «منيح».
ـ يتبع غداً ـ أي هذا الملحق ــ فيتبع نهار الاثنين ـ علمياً ـ 4 ـ

30‏/04‏/2007

علميّاً (3)

زياد الرحباني
الاثنين 30 نيسان 2007
... وبالعودة الى المقالة السابقة حيث أشرنا الى نقطة أساسية هي: ماذا تفعل الرأسمالية المُدافعة «علناً» عن النوعية، والمقصود: ماذا فعلت تاريخياً بعلاقتها مع الكميّة؟
إنّ مبدأ رأس المال مبنيٌّ أساساً على المُراكمة ← التراكم.
أي: تكبير الكميّة مهما كانت النوعية. إن مفهوم الربح، بكل بساطة، هو = الكمية الكبرى من السلعة أو المال.
إن السلع نوعيات، أمّا المال فهل له نوعية؟
- كلاّ.
قد يكون له نوع بمعنى «العملة» أي: monnaie .
لذا يحرص رأس المال على أن تكون كمية الأرباح، نموذجياً، بكلّ العملات.
إن المجال الأسهل لاستيعاب مفهوم الكمية والنوعية، هو باب السلعة والسوق.
ملاحظة: نتناول هنا مفهوم الكمية والنوعية، من أحد جوانبه الاستنتاجية الفلسفية، ليس إلاّ.
إذ أنّه لا يمكننا الدخول في الجانب الاقتصادي منه
- أولاً: لأنّ شكل العمود الصحافي هذا، ليس المكان المناسب.
-ثانياً: لأننا لسنا المتخصصين الموصوفين في هذا الموضوع، خاصة أنه يؤدي حكماً الى مبادئ «الاقتصاد الرأسمالي» وقواعده.
وأصغر عبارة مركزية فيه: العرض والطلب، فائض الانتاج، القيمة الزائدة، نسبة المال مقارنة بالعملة، التقسيم الطبقي المعاصر، تَمَركُز رأس المال، تحديد البروليتاريا الجديدة في عهد العولمة الحديث بإذنه تعالى، ألخ...
لذا، أَقترح هنا، واذا استمرّت المداخلات على موقع «الأخبار»، ردّاً على مقال «علمياً (2)» على شاكلة ما ورد حتى اليوم، ان نُحكِّم أو نُحيل هذا البحث على دكاترة في الاقتصاد مثل: كمال حمدان أو شربل نحّاس، واذا استدعى الأمر، الوزير السابق الدكتور جورج قرم (لحياديته ربّما)....
إذاً، إن رأس المال يفضّل السيطرة الكاملة والدائمة على الكميّة وحركتها، تصاعدية كانت أم تنازلية.
مثل أن يقلّل من الكميّة المعروضة من السلعة X، ليزيد الطلب عليها ← زيادة لاحقة في المبيع.
أي أنّ نقصاً في الكميّة (سلعة) = زيادة في الربح (مال).
وكلّ ما نتعاطى فيه هنا هو: كميّة.
إن حلم رأس المال المرتبط باستمراره وتناميه، هو الامساك بطرفَي الكمّيتَين: كميّة السلعة + كميّة المال (هنا طبعاً).
فأين النوعية المزعومة؟ أين شعاراتها والرايات المرفوعة على المجمّعات الضخمة وفوق الطرقات الرئيسية، حتى على المناطيد الطائرة فوق ربوع بلادي؟
إن النوعية المذكورة موجودة أساساً في التسويق الاعلامي- الاعلاني وشعاراته «المثالية» وصور نسائه والأطفال، ناهيك بما تبقّى من الشجر والجبال، أكثر بكثير مما هي في السلع نفسها المتدهورة نوعيّاً يوماً بعد يوم، ولا أحد من «فلاسفة السوق» مهتمٌّ فعلياً بشرحها لجماهير المستهلكين عالمياً.
هل لدى رأس المال المُتنافِس، كما هو يريد ويُطالب، وقتٌ او همٌّ او حتى مصلحةٌ في تحسين النوعيّة؟ (خاصة في عصرنا اليوم، وبسبب المنافسة نفسها) (*).
اذا كانت الكميّة من الربح ستتأثر، خاصّةً لأسبابٍ حتمية مثل كلفة النوعية ← هبوط في كميّة البيع ← ربح المال = لا يُمكن.
هذا خيال علمي يُعرَض بعد منتصف الليل، وهل رأس المال هو الامام عليّ رضي الله عنه، وعن سيّدنا المسيح ليفعلها؟
ليرتكب «حماقة» أن يمزّق معطفه الوحيد الى نصفَين لِيَكسو برداناً لا يملك معطفاً؟ أو ليَعجَب كيف لا يخرج جائعٌ على الناس شاهراً سيفه؟!!
إن السيف أساساً، وبحسب رأس المال اليوم، مظهرٌ لا رَيب فيه من الظلاميّة (من أين تأتي؟ رأس المال لا يعرف ولا يفهم فهو يرى فيها عجيبةً كَونيّة).
إنّه، حالياً، الارهاب وانتهى الموضوع. عفواً لم ينته الموضوع، ينتهي فقط بعد القضاء الكامل على الارهاب طبعاً (!!) وحتى ذلك الحين، وبما خصّنا، نتابع يوم الأربعاء.إذاً، يتبع.
(*): لنا عودة الى هذه النقطة بالذات وبالتفصيل لاحقاً.