19‏/12‏/2007

في المغارة

زياد الرحباني
الاربعاء ١٩ كانون الأول ٢٠٠٧، جريدة الأخبار
الآن، وعيد الميلاد يقترب ورؤوس الجبال راحت تكتسي باللون الأبيض، الآن، وعيد ميلاد السيّد المسيح يحلّ شيئاً فشيئاً على الغابات والمواقد والمباخر والنفوس، أيسير المؤمنون ككلّ سنة في دربهم إلى مغارة بيت لحم، مستنيرين بالنجمة البعيدة؟
أيسير المسيحيّون بخشوع وإحباط، بالرجاء والفراغ إلى المولود الجديد، يتقدّمهم راعيهم البطريرك صفير وسط الترانيم وقرع الأجراس؟
فيلاقيهم الملائكة معلنين القيامة ويرافقونهم حتى المغارة المنشودة؟
أيدخل البطريرك خاشعاً ويجثو أمام المزود ليجد فيه فؤاد السنيورة؟ البطريرك مصعوقاً:
«ربّي وإلهي ما هذا؟»، «سيدي» يجيبه شهيد المجوس الحيّ: «الطفل ساهر على الدستور ليس إلا ولن يبقى لحظة واحدة فور إتمام الانتخاب».
ينتفض البطريرك ويخرج عن أطواره الميلادية زاعقاً:
«هذه ليست السرايا يا بني إسرائيل، إنها المغارة المقدسة، ولا هذا الدستور، إنّه الإنجيل، رُفِعَت ليلة العيد!».
إن المنطقة قادمة فعلاً على سلسلة تطورات دراماتيكية، ميلادية وغيرها.

13‏/12‏/2007

دستوريّ!



زياد الرحباني
جريدة الأخبار الخميس 13 ك1 2007
ـــ مخايل: قلّي يا عيسى أليس الفراغ الذي وصلنا إليه، فراغاً دستورياً؟
ـــ عيسى: بلى.
ـــ مخايل: وعلامَ كلّ هذه الضجّة إذاً؟ أنا اعتقدتُ أنّه غير دستوري.
ـــ عيسى: أعوذ بالله، دستوريٌّ مئة في المئة... هم ضائعون!

11‏/12‏/2007

ما همّنا!



زياد الرحباني
- جريدة الأخبار الثلاثاء ١١ كانون الأول 2007

يجب ألاَّ يرتعب المواطن كلّما مرّت البلاد بأزمةٍ أو استحقاق. إن إكثار بعض السياسيين أو تركيزهم على استعمال بعض المفردات في أوقات كهذه، يبقى في إطار التحذير والإرشاد إلى مستوى الخطورة ليس إلاّ.
إنَّ مفرداتٍ كـ: «الشرّ المستطير، المجهول، شفير الهاوية والفراغ»، لا يفترض، رغم وقعها، أن تثير الهلع بعد اليوم.
بل إن بعضاً من الرويّة والتركيز يساعد في تجزئة هذه العبارات وإعادتها إلى حجمها الطبيعي.
وهو ما سيدعنا نلاحظ أنّنا اجتزنا الكثير منها ولم يبقَ سوى القليل.
إنّ الشرَّ المستطير، على سبيل المثال، الذي هدّدنا لفترة خلت، تلاشى وحده واندثر.
وهل يُرهِبُ شرٌّ مستطير قوماً بين الهاويةِ والشفير؟
إنّه شرٌّ حديث العهد، صيفيٌّ على العموم، وقد زال مع حلول التشارين ولم يعد يؤتى على ذكره.
بقي أمامنا عملياً المجهول والفراغ.
وقد استُنفرت جميع الطاقات الوطنية ومناراتِ الإدراكِ والحكمة، واتُخذت كامل الاستعدادات الأمنية والدستورية للدخول بسلاسةٍ من الهاوية إلى الفراغ بدل أن تُتْرَك البلاد للمجهول.
ودخلنا فعلاً وبخطى ثابتةٍ في «الفراغ الهادئ».
والحمد للّه أننا لم ندخل في الفراغ! لكن، ورغم المهارة في دخول الفراغ الهادئ بسلامة، لاحظت بعض الأصوات الواعية الرصينة أن الخوف الفعلي ليس من الفراغ الحالي، بل من الاستمرار في الفراغ.
فالاستمرار في الفراغ هذا، هو الذي قد يدخلنا في الفراغ فعلاً!
وقد أبدى بعض النواب المسيحيين تخوّفاً من «التعوّد على الفراغ» الذي هو أخطر من الفراغ الموعود. وقد شدّد البطريرك صفير قبل أيام ثلاثة على أن تعديل الدستور أفضل من الفراغ. وهو لا يقصد بالطبع الفراغ الذهبيّ الحالي، بل الفراغ الآتي: فراغ الراشدين، الفراغ المشترك.
لا شكَّ في أن الفراغ الحالي مميّزٌ وفعّال، لكن من المستحسن أن يتمَّ الاستسلام إليه مرّة في الأسبوع على الأكثر، أو كفراغٍ عند اللزوم خشية الوقوع في الفراغ السليم!
وعليكم بـ«الفراغ الصيني» باقي أيام الأسبوع، فهو نوعٌ من «الفراغ بالأعشاب» الصحّي والمهدّئ الذي سيهيّؤكم لاستقبال «الفراغ السحري للأطفال» القادم مع عيدَي الأضحى والميلاد.
ماذا؟ وهل تفضّلون الدخول في المجهول؟
دعوا المجهول للسنة الجديدة.

04‏/12‏/2007

فلا تخافوا!


زياد الرحباني
الثلاثاء ٤ كانون الأول ٢٠٠٧، جريدة الأخبار
لو كانت البلاد التي نعيش ونموت فيها، جمهوريةً من ورق مكوّنةً من قصاصاتٍ مختلفة الأشكال، متنوّعة الألوان، تحاكي إلى حدٍّ بعيد واقعَ اليابسةِ بكاملِ تضاريسها ساحلاً وجبلاً، لأمكن أن نُسلِّم بأنْ لها رئيساً للحكومة واسمه فؤاد السنيورة، وقد بقي بعدما انصرف رئيسها للجمهورية.
ولمَ لا؟ فولاية الأخير انتهت، وأكثر من ذلك فهي لم تكن شرعية، نعم.
لو كانت هذه الربوع عبارةً عن مجسّماتٍ كرتونية تجسّد بأشكالها الهندسيّة الفنيّة، نموذجاً افتراضياً عن الوطن، لأمكن أن نصدّق أن قائد المواجهة مع إسرائيل في تموز 2006 الذي حيّته غالبية دول الأرض، لا يزال محتجباً لأنه عرضةٌ للقتل، نعم.
وإلى جنوبِ هذا المجسّم الكرتونيّ الأسمر يجثم «ما هبَّ ودبّ»َ من جيوش الأمم المتحدة ساهراً على الأمن.
لو أنّ كلَّ ما هو حاصلٌ يجري في قصورٍ وكهوفٍ رمليةٍ، يتسلّى ببنائها الأطفال على الشاطئ، لأمكن أن نصدّق أنّ «الوحش» يطارد مجموعة من النواب ليفترسهم، وقد لجأوا إلى فندق معروف واسمه: الفينيسيا.
ولمَ لا؟ فكل الجمهورية مباحةٌ للوحش إلاّ هذا الفندق.
لا بل إن مجرّد وقع علامة الفينيسيا التجارية على «الوحش» كوقع إشارة الصليب على «دراكولا»، نعم.
لكننا في الواقع يا إخوتي في بلادٍ حقيقية، في بلاد على الأرض، والحمد للّه، لا هي من رملٍ ولا من ورقٍ ولا من كرتون.
ولا يعقل أن يحدث فيها شيءٌ من ذلك كلّه.
هي مجرّد أوهام، لذا، فلا شرعيّة لها ولا علاقة لها بالدستور.
فلا تخافوا!