25‏/05‏/2007

من يكون؟



زياد الرحباني
عدد الجمعة ٢٥ أيار ٢٠٠٧

في النهاية، نحن الآن في هذه اللحظة، اذا أردنا أن نتداول بما هو حاصل في الشمال، مضطرون للقول إنَّ معارك شديدة مثلاً تتجدد على محور مخيم نهر البارد بين مواقع الجيش و... من؟
لن يختلف اثنان على أن الطرف الثاني هو: «فتح الإسلام».
إن هذه التسمية أو الشعار أصبح بين ليلة وضحاها، موحداً بيننا، بين الأمِّي والذي يتقن العربية. بين الذي يقرأ صحيفة مرة في الربيع ومرة في أواخر الصيف وبين الذي يقرأ يومياً أكثر من صحيفة. بين الضليع بأخبار الاستعمار وعالمه العربي، وبين من لا يهتم إلّّا بحركة اليورو والاسترليني وعلاقتهما الغرامية المتأزمة مع الدولار الأميركي.
«فتحُ الاسلام» اليوم، موحداً بين كل المذكورين أعلاه وبين من لا يقرأ ولا يسمع ولا يشاهد حتى إلّا أخبار نوال الزغبي او «ميشو شو» اذا كانت السيدة نوال مسافرة.
وقد أجمعنا على أن هؤلاء المتمترسين بإحكام وإمعان داخل المخيم ليسوا تنظيماً أو حتى فصيلاً فلسطينياً، وهذا جيد، فهو يحصر الموضوع.
كما أجمعنا على أنهم من جنسيات متعددة غريبة دون أن نراهم، وعلى أنهم يطلقون على أنفسهم اسم «فتح الإسلام»، الشهير!!!! إن في التسمية هذه، درايةً ومتابعة معمقتين لتاريخ المنطقة. أقصد المنطقة المعروفة بالهلال الخصيب (فلسطين ـــــ لبنان ـــــ سوريا).
فكلمة «فتح» داخل مخيم فلسطيني، ماذا يمكن أن تعني بربكم!
إنها، مهما كان نوع وعمق الالتباس فيها، لن تكون أبداً نوعاً من أنواع الزبدة الدنماركية!
إنها فتح يا عالم، إنها قوات العاصفة، إنها، لو تذكرون: «فتح ـــــ لاند» (land).
وكلمة الـ«فتح»، في الوقت نفسه مرتبطة بقوة، هنا، بالدين وتحديداً بالدين الاسلامي.
لذا، فازدواج المعنى ليس مصادفةً ربيعية، خاصة إذا تَموضَعَ داخل مخيم، وراح يتسلّح.
ثم إنه، ضد من يمكن أن يكون تنظيم كهذا، أو بالأحرى، أي إنسان عربي برأي الادارة الاميركية، سوى ضد الاميركيين؟ وهم في ذلك، ربما على حق.
أمّا المصادفة الثانية فهي أن الادارة الاميركية تشجع كما شجعت دوماً، ومنذ أول ظهور للإخوان المسلمين في مصر، الحركات الدينية في مقابل الاشتراكية، ومهما كان الثمن. أكانت ناصرية أم بعثية أم ديموقراطية أم استوائية.
تشجع ضدها وتتهمها مباشرة بالشيوعية، أي تسرِّع بالنيابة عنها في عملية تطورها نحو آخر مراحلها.
وتأتي المصادفة الثالثة، والأكثر نجاحاً وإقبالاً جماهيرياً وهي التقاء فتح الاسلام أو علاقته المباشرة بتنظيم «القاعدة». وهنا كما تعودنا مؤخراً، تكون خاتمة الاحزان... الأميركية.
القاعدة يا اخوتي هي اليوم، عدو الكرة الأرضية بامتياز، إنها البعبع الكبير، إنها أكبر بعبع في قصص الاطفال. هذا الذي لا يُقتَل لا بالرصاص ولا بالطيران ولا بالنار ولا بالكهرباء ولا قهراً طبعاً، فكيف بالحياء؟!
من يكون أبو جندل؟
من هو بلال المحمود؟
من هم جماعة «فتح الاسلام»؟؟
وماذا ينفع أو يعني أن يتبعوا «القاعدة»؟
فمن هي «القاعدة» أساساً؟
ربما كانت فتح الاسلام فرعاً لها في لبنان بالتحديد، وكنا حتى البارحة نعتقد أننا نتبع، بحسب «القاعدة»، «جند الشام»، لكون القاعدة والجهاد ـــــ بلاد الرافدين، أبعد عنّا باتجاه العراق.
كنا وبحسب علمي ربما ممثلين في القاعدة المذكورة بـ«نصرة الشام» أو «عصبة الاسلام». لقد كان تنظيم «أنصار الله» يبدو أكثر تغطية من «فتح الاسلام» المحلي، كما هي الجماعة السلفية الجهادية ـــــ مصر.
لكن، وبعد كل ذلك، من هم كل هؤلاء؟
إنهم مجاهدون بلا شك وعدائيون وهذا واضح. لكن الاطار السري المشترك بينهم، لنشاطهم، يجعل الجواب أعقد.
من يخترع كل هذه الأسماء؟!
هل يخترعونها هم؟
طيب من اخترعهم، هم؟
ولماذا هم يزدادون كل يوم وتزداد معهم الأسماء والفروع إن كانوا فعلاً تابعين كلهم للقاعدة؟
أو ليس توحيد الجهود ضد الامبريالية الاميركية والأوروبية أسهل إن بدأ التوحيد بينهم بالاسم نفسه؟ (لقد نسينا «خليّة هامبورغ»، ربما كانت هي «القاعدة»!)
من هو وأين هو أسامة بن لادن؟ لا يمكن أن يكون مختبئاً عند أيمن الظواهري. فأبسط قواعد الاختفاء والتمويه والحيطة هي التفرق.
إن الشيء الوحيد الأكيد اليوم، وبعد أحداث 11 أيلول، هو أن برجي التجارة العالميين تعرضا لهجوم رهيب من حيث فاعلية الأداء والتنفيذ، وذلك قبل أن يكون إرهابياً.
والشيء الأكيد الثاني هو أن الكاميرا الرئيسية التي صوّرتهما بوضوح، كانت مركزة في هذه الزاوية المثالية للرؤية، منذ أن بوشِرَ بصناعتها. إن الكاميرا هذه رُكِّبَت وجُمعت «في أرضها»، في هذه الزاوية الناجحة لتصوير انهيار البرجين بأفضل حلّة.
يُقال، ويُقال في الإعراب فعلٌ مجهول، والإدارة الأميركية ليست مجهولة.
إذاً، فالادارة الأميركية هي التي تقول ما يُقال، وهو أنَّ تنظيم القاعدة هو من قام بعملية 11 أيلول.
أظن، أعزائي، أننا متى عرفنا من قام فعلاً باقتحام البرجين، ومن هم هؤلاء الذين عُمِّمَت واشتهرت صورهم ربطاً، أمكننا أن نعرف من هي «القاعدة» وبالتالي أين هي، وأين بن لادن وبالتالي كل الباقين.
أمَّا الآن وإلى حينه فكل اسم وَرَدَ في هذا المقال: من يكون؟
إن الادارة الاميركية شخصياً، ومنذ انهيار الاتحاد السوفياتي، أين هي بالضبط ومن تكون؟
طبعاً هي لن تحتمل شخصياً، ظروف مخيم نهر البارد المعيشية.

21‏/05‏/2007

فعلاً ما العمل؟

زياد الرحباني
الاثنين ٢١ أيار ٢٠٠٧
كيف يمكن أن تعمل مع إنسان لا يحمل ساعة يد؟
ولا ساعة حائط طبعاً، فهي كبيرة على اليد.
ولا أيّة ساعة اخرى متدليّة مثلاً من أُذنه أو ملفوفة حول الرقبة من تصميم «غوتشي»، ولا مثبّتة في مناخيره يخرج الكوكو منها كلّ ساعة؟في أيّة ساعة يأتي إليك؟
أيّة ساعة يتصل بك ليأتي إليك أو يلغي الموعد؟
وبناءً على ساعة مَن يكون في طريقه اليك؟ وإن وصل، فهل يعرف أية ساعة وصل، وكيف يعرف إن هو وصل على الساعة المُتّفق عليها؟
وإن أتى قبل الساعة المذكورة او بعدها، فكيف تقنعه بأنه أتى باكراً أو تأخّر؟
ما الذي يمنعه من أن يقول لك إن ساعتك غير مضبوطة «تماماً» !!!؟
وبمَ سيُجيبك إن سألته: في أيّة ساعة يعتقد أنه سينتهي من هذا الجدل ومن ثم العمل الذي تكفّل بإنجازه؟في المقابل، كيف تعمل مع إنسان ثانٍ يحمل ساعة يد، وحين تسأله في أيّة ساعة سيأتي؟ يجيبك: لن أتأخّر.
يتأخر عن ماذا، عن أيّ، عن أيّة، عن متى؟ إن هذا المواطن الثاني، المواطن عُنوةً عنك وعن الدستور والاستقلال والذي، نكاية بالمجتمع كلّه المدقِّق معه، يحمل ساعة اليد رغماً عنه، يُفترض أن تُشترى منه هذه الساعة وبثمنٍ مُغرٍ، ثم تُهدى الى المواطن الأوّل البوهيمي المؤمن بالنبات ومريم نور وانتصاف الشمس والنهار.
فهو يستأهلها أكثر من الثاني.
فعلاً أعزّائي، ما العمل مع الأول ومع الثاني؟
ما هذا التعاطي الواثق تجاه الوقت والزمان وبالتالي الأمكنة، ما اسم هذه الجهوزية العجيبة تجاه العمل والإنتاج؟
أعزّائي، أيّها القرّاء، ويا أيّها الرفاق منهم، إنّ كل شعب يعتبر كلمة: «شَغّيل» إهانة هو شعبٌ سينقرض، وقد بدأ بالفعل.
لماذا؟ لأنه، لفراغ وقته وإساءة استعماله للوقت، سَيُساق.
قد يُشرى، قد يُباع.
وسيستخدمه الآخرون حاملو الساعات المخطّطون على عدد الثواني، المهتمون بالفرق بين الرقم 100 والرقم 98،65 مثلاً والذي هو 1،35 // واحد فاصلة خمسة وثلاثون // والذي إن ضُرب برقم 1000 يُصبح 1350 // ألف وثلاثمئة وخمسون // وتغيب الفاصلة التي كانت بين الواحد والخمسة وثلاثين الى غير رجعة ويا للهول!
فكيف يا إخوتي إذا ضُربت برقم 10 او 100 ألف، مهما كان نوع أو نوعية هذا الـ1،35 من الفرق؟ أكان: زيادة على معاش أم غرامةً أم ربحاً إضافياً يبدو بسيطاً حتى أنّه لا يُذكر، أم نسبةً للسكّري، أم نسبة علامات أحد أولادكم أم نسبة تهريب في ساعة كهرباء «سنتر الجزيرة»، أو بأسوأ الأحوال وفي الأصول نسبة النموّ الاقتصادي الأزعور ـــــ السنيوري؟...
إنّ شعبنا الذي يَمقت العمل بأكثريته الساحقة، وبالتالي فالـ«شَغّيل» إهانة، سيعيش وقتيّاً وبشكل مستمرّ في آنٍ معاً، وفي أيّة ساعة، حَمَلها أم لا، على استيراد اليد العاملة بكثافة ومن كلّ الجنسيات الجاهزة للعمل وسيحتقرها مهما فعلت أو حتى برعت.
فهي تعمل والعمل إهانة وهو يكره الإهانة.
بل يدعوهم الى الإهانة من خلال العمل.
وهو، إن شعر بأنها ليست بكافية، (رغم الساعات الإضافية التي لا يشعر بها لكونه لا يحمل ساعة وإن حملها لا يستعملها إلاّ لتذكير الطبقة الأجنبية العاملة بأنّها تأخّرت خمس دقائق فجراً أو بأنّها أمضت دقيقة إضافية في التهام الساندويش خلال استراحة الظهر) سيُهينها بالكلام أيضاً.
هذا الشعب نفسه سيُهاجر باستمرار الى حيث يُمكن له أن يعمل، لكن بالسرّ، في أعمالٍ يعتبرها مُهينةً فوق العادة.
لذا قرّر أن يقوم بها بعيداً عن أرض الأجداد، الأرض التي تدمع عيناه عليها وعلى الحمّص. إنه شعبٌ يعاني مشكلة شخصية ثمّ اجتماعية.
فكلّ من يعمل في السرّ لا يمكن أن يكون سعيداً كما لا يمكنه أن يعمل بأخلاق.
وبالتالي سيكون، إن عَمِل، عاطلاً هذه المرّة، في العمل.
فما العمل؟
إنّ هذا المواطن قد وجد جواباً وقتيّاً وبشكل مستمرّ حتى الآن عن هذا السؤال. يكون العمل بأن يكون هو «المعلِّم».
وماذا «يعمل» المعلِّم؟ ينتظر تحويل النقود من مواطنيه العاملين بالسرّ في القارّات الخمس.
فإن أتى التحويل، اغتنى واستقرّ واشترى «جِيباً» أكبرَ وخرج يدور به ويخلق الازدحام.
وإذا كان الازدحام حاصلاً دونه، يشكو منه ومن «الحَيوَنة» الشعبية اللبنانية ومن شرطة سير بيروت ومن هيئة إدارة السير والآليات والمركبات التي توزّع رخص القيادة جِزافاً. وإن، ولسببٍ ما، في شهر كذا، لم يأت هذا التحويل: افتقده طبعاً و«افتقر» ومن ثم فَقِر.
وراح يُمضي وقته مُكتئباً في نهر الفنون.
وقتها، ينشغل باله على وضع الليرة فيسأل عنها، فيأتيه الجواب المباشر والمزمن: احتياطي الذهب ممتاز ولا خوف عليها، أي الليرة بفضل كذا وكذا...
الى آخرها!طبعاً أعزّائي، ما دامت ديون لبنان لا ولن تُسدَّد، سنظلّ مدينين ويظلّ احتياطي الذهب ممتازاً «بشكل أو بآخر».
السؤال هنا: ما أو من هما هذان «الشكل» أو «الآخر»؟

17‏/05‏/2007

سلام على المعرفة

زياد الرحباني

الخميس ١٧ أيار ٢٠٠٧

عزيزتي أليكسا (Alexa)،سنحاول أن نهوّن الأمور علينا وعليكم.

حين أقول نهوّن، أقصد، نحن مجتمعين في هذه الصحيفة الشابّة المبتدئة، المكروهة والمتحمّسة، الطموحة ككلّ الصحف والشباب عموماً وليس حصراً ولا حاليّاً ربما.

أقول مجتمعين، وقد اجتمعنا بالفعل آخر مرّة، يوم الأحد الفائت على 13 أيّار، أي منهُ وأيضاً عَلَيه، والربيع لم يُوَفّق بعدُ كليّاً بنا يا إخوتي.

هو ووَبرُه اللامتناهي، المتألّق خاصّة في أجواء بيروت الصابرة عليه وعلى صَحبِه، على ضيفه وصيفِه وأهلِه.

اجتمعنا لنهوّن علينا وعليكم بعض أمور جريدتنا المتنوّعة نوعاً ما وما زالت في البداية، والمستمرّة نسبياً رغم فقدانها للرفيق الأعلى سماحة.

هذه الجريدة الصادرة، آخر أيّام المغول منتصف صيف 2006، على عيون ومسامع «مجلس هولاكو الأعلى للغزو والسَبي».

هذه الصحيفة المكروهة والمحبوبة جدّاً، يا إخوتي.

فالصفتان تأتيان في الظرف المختوم نفسه عادةً وبالتساوي.

كيف ولماذا بالتساوي ودوماً؟ الله العليم.

لذا يكفي أن نعرف: الى أي مدى هي محبوبة في هذه اللحظة من مؤسسة Alexa.com مثلاً للإحصاء، لنعرف بالضبط كم هي مكروهة.إنها «مكروهة» حالياً، نسبة الى غيرها من المواقع على الانترنت، بقدر ما الولايات المتحدة مكروهة في لبنان.

في لبنان والمهجر.

لذا، هذا فخرٌ لنا.

فنحن في هذه اللحظة... ممتاز! ونحن ماضون، الى مزيد من الكره والنجاح بإذنه تعالى.ملاحظة: كنّا قد اجتمعنا كما ذكرنا، وجَلَسنا طبعاً، لنبحث من ضمن ما كان مطروحاً للبحث، موضوع كيفية الاستمرار في موضوع «الكميّة والنوعية» ضمن هذا العمود.

وقد ارتأينا بعد البحث والتدقيق أنّ العمود، عمود.

وأنّ كلّ موضوعٍ يحتاج الى بعض الإشارات والرموز العلمية ـــــ الحسابية، يكون أوفر حظّاً للوضوح ومن ثم الفهم، بصيغة سطر أطول من سطر العمود.

لذا، يُفترض بنا أن ندرس صيغةً أخرى لنشر ما تبقّى من الموضوع المذكور مع إعادة تذكير بمجمل ما سبق.

14‏/05‏/2007

♦ ♦ ♦ (وأخيراً)

زياد الرحباني
جريدة الأخبار الاثنين ١٤أيار٢٠٠٧
... ونحن أعزّائي، بين «حياتهم» و«الموت في الخشب» على أحرّ من الجمر والجمر نافعٌ للاثنين.
وها نحن نردّد دوماً أنّ البادي أظلم. ولقد اتفقت معنا على هذا القول الدولي المأثور، حركتاهما الرابعة عشرة والثامنة (مساءً!) وهذا نادر أعزّائي القرّاء.
نادرٌ طبعاً، ففيه اتفاقٌ ما وتامّ بين الحركتين على ثالثٍ غيرهما، دونما اتصالٍ مباشرٍ بينهما:
إنّه البادي... إنّه البادي يا أولادي.
إتفقتا على البادي وضدّه لأنّه الأظلم وهما موافقتان يا أحفادي.
مناخُ الكوكبِ يتغيّر وثلوجُ القطبِ تذوب، وثقبُ الأوزون سيشوي أوروبا الوسطى ولن يتغيّر البادي، من زمانِ أجدادي.
نحن نَظلمُ، الكلُّ يَظلمون ويبقى دوماً في القمّة، ونحن في أسفلِ الوادي.
إنّه حاقدٌ مجنون، والظلمُ فيه عادي.
تُنشِدُ ضدّه فيروز، يَظلمُ يَظلمُ لا يرحم حتى لو ضاع شادي.
وهو نازيٌّ سادي.
سوليديرُ حزينةٌ والروّاد مشتّتون،
يبكي رئيسُ حكومتنا، تأتي صيدا تُسانِدُهُ
والشرُّ على البادي بادي
يبدو من أوصافه أنه مذكّرٌ، هل هُوَ أحمدي نجادِ؟
كنت أودّ ان أُكمل المقال، لأكشف باقي الأبعادِ
لكنّ الوقت يُداهِمُنا والصحيفَةُ قد جهِزَت،
وها قد تمّ إبعادي.
يتبع ليس غداً، بل في باقي الأعدادِ.

11‏/05‏/2007

♦ ♦ ♦ (تابع)

زياد الرحباني
الجمعة ١١ أيار٢٠٠٧
أعزائي، القادة في ثورة الأرز والشهداء، حضرات «الفَعّاليّين» والفعاليات، يا أيها الرفاق «الفَرارِيّين» من الحركة الوطنية وبركتها، حضرات قادة وكوادر الانقلاب على «النظام الأمني» والوصاية، وعلى النظام السوري قريباً وقطره الشقيق، أيا أقطاب انتفاضة الاستقلال «الأوكرانية ــــــ الأوسطية» السريعة الذوبان، يا أعلام الديموقراطية الأولى في هذا الأوسط الكبير، أرباب الأكثرية مهما حصل، تحية ثانية وبعد...
أخبرتكم البارحة بما يؤرقني في حال بدأ الحوار الوطني واستمر، وذكرت أن أصعب ما فيه هو موضوع الدمغتين (ثقافة الموت وحب الحياة) اللتين اخترعهما، بكل تجرد، وللأمانة، فريق واحد، ألا وهو: أنتم.
ولم أخبركم أنه، ليس هذا كل ما يؤرقني.إن من جملة ما يؤرقني أيضاً، ما يمكن أن يتأتَّى عن هذا الطريق المسدود المستحيل بين الدمغتين أو «الثقافتين» أي بصريح العبارة: الفريقين.
في لبنان اليوم، قسمة إضافية، جديدة على حربه الأهلية، أحسن ما فيها أنها جدِّية ومختلطة والحمد لله، وأقصد طائفياً.
أمَّا أسوأ ما فيها فهو أنَّ قسمة الطائفة المسلمة فيها، غير موفقة على الإطلاق، فهي مذهبية.
وهي لذلك، تُكَبِّلُ ثم تُجَمِّدُ الصراع الفعلي الطبيعي العام بين الفريقين، نتيجة (الوعي) السني ــــــ الشيعي العام. إن قسمة المسيحيين فيها، مثلاً سبحان الله، أكثر نجاحاً كما عوّدونا دائماً.
فهم حين ينقسمون على بعضهم، مبدئيون، ويشبهون شعوب أي مجتمع آخر في العالم العربي أو في أوروبا.
أمّا متى حان موعد القسمة مع المحمديين فتبرز «المشاعر المشطوفة» والخوف المسيحي، وقد استُورِدَ لهم مؤخراً، الغبن وراعيه الحصري: الإجحاف، (وهو يجلس على المقعد الخلفي).
وهذا بالضبط ما سَيُخَلخِل من أكثرية الأكثرية يا يسار الديموقراطية الأممي، يا فَهلَوي.
يا «ماجد وعطا الله للفَهلَوة والنشر»!! إن الفريق المسيحي المتحالف معكم، المتداخل فيكم عفواً لن يَهضم السُنَّة، فهؤلاء يطالبون تارة بالشهيد الرئيس رشيد كرامي، وتارة يعتنقون الإسلام، وبشغف حتى الأصولية. أمّا الشيعة فحَدِّث ولا... تُحَدّث اذا أمكن، فهذا أفضل.
إنَّ هؤلاء أصبحوا كالـFAT (الدهنيات) ممنوعين عن أي جسم سليم (حتى ولو دون عقله) في المجتمع الآمن الافتراضي المسيحي.
إن هذا الجزء الأخير حول «الأخطاء في القسمة»، لا يؤرقني.
على العكس إنه الأمل النابض والوحيد حالياً الذي يجعل من هذه الأكثرية، وكما ذكرنا البارحة، تعاني وما تزال من المعالجة الجينية الضرورية والجراحة القيصرية.
وقد بدأت أعراضها المفروضة على المجتمع تزول تباعاًإن ما يؤرقني أيها الأعزاء، أولاد يكبرون في جميع الأحياء والحارات، في المدارس وعلى الشاشات وهم مثلاً يرددون: ثقافة موت أو حب حياة.
إن الحملة المالية الباهظة التي خُصِّصَت لهذين الشعارين، كان يمكن أن يُساعَدَ بها، مسيحيو النبعة وبرج حمود مثلاً، وهم أول ما يتبادر إلى الذهن، إن بقينا ضمن بيروت وتحديداً شرقاً.
فالكثير منهم يتمنى أن يشترك في حب الحياة، وقد قررت قواكم «الفاتحة من فبراير» أن تُلحِقَهُم دونما قصد وعن سهو وطبعاً غلط بالموت دون ثقافته حتى.
يتبع غداً

10‏/05‏/2007

♦ ♦ ♦

زياد الرحباني
الخميس ١٠ أيار٢٠٠٧
حضرات السيدات والسادة، حضرات الساهرين على الأكثرية، حضرات الرفاق المحترمين في حركة الرابع عشر من آذار،تحية وبعد...
يؤرّقني شيء ما هو نفسه يومياً، فأنا أتخيّلكم، وقد عدتم يوماً وجلستم إلى طاولة الحوار مع هذه المعارضة، هذه المتوافرة حتى الآن على ما يبدو، وعلى رأسها حزب الله، وقد بدأ الحوار.
في ذهنكم طبعاً نقاطٌ كبيرةٌ عالقة،
أولاً: المحكمة الدولية والبند السابع،
ثانياً: تركيبة الحكومة الوفاقية الجديدة وثلثها المعطّل أو الضامن، أو المرجِّح أو ما يمكن أن تكون قد أصبحت صفته المميِّزة وقتها، الله أعلم، ثالثاً: مصير سلاح المقاومة، ذلك إن تبقّى لكم وقتٌ كافٍ. إن ما يؤرّقني ليس ما سبق،
إنه التالي: ترى، هل ستجدون بعد كل ذلك وقتاً لتبحثوا في «ثقافة الموت»؟ أو في «حب الحياة»؟ أو في العنوانين معاً؟أشعر بأن بتّ النقاط الثلاث الأولى ممكنٌ رغم كل الوقت الذي مرّ عليها وهي معلّقة. إن البحث في «ثقافة الموت» و«حب الحياة» لن يكون سهلاً ولا مزحةً.
سيبدو حينها كم أن الإهانة كبيرة، وكيف أن هذه العبارات نَحَتْ منحى الأبديّة ولا طريقَ للعودة عنها ولسوء الحظ.
ما يمكن أن أتخيّله هو شيء من اللوم.(حوار)
1 - نحن ثقافة للموت يا وليد بك؟
2 ـ لا ليس الموت بمعنى الموت.
غازي ــ يا إخوان، إن وليد بك لم يقصد حرفياً ما يقول، تكلّم عن حبّ الحياة بمعنى حبّ الحياة عموماً، أي إن شيئاً كالاعتصام لا يشبهه.
1 - وما هو حُبّ الحياة بالضبط؟
2-إن حبّ الحياة عبارة تقال لتُميّز الأكثرية ربما، ليس إلاّ.
1 - هلّا حدّدتم لنا ما هو الموت، ومن ثم ما هي الحياة؟
مروان - هذه مواضيع شائكة، بل فلسفيّة، دعونا منها الآن لضيق الوقت.
2 ـ طيّب إذاً فلنناقش ما هي الأكثرية. (ويستمرّ الحوار دون أيّ تقدّم أو تحديد ويتشتّت أكثر فأكثر).
لن يكون لذلك مخرج. هي كلمات لا عودة عنها بسهولة، ناهيك بأن الحوار بين «عملاء»، قومٌ منهم للولايات المتحدة وإسرائيل، وقومٌ إيرانيون من ريف دمشق، سيكون، عموماً، حواراً ليس عن لبنان تحديداً.
سيكون حواراً عن العراق وفلسطين على الأرجح.
ولا مشكلة في النهاية لو «تعايَشَ» الموت والحياة، هذا ما يفعلانه دائماً.إنهما في أسوأ الأحوال يتعايشان كالمسيحيين والمسلمين.

09‏/05‏/2007

إعادة برمجة


زياد الرحباني
الأربعاء ٩ أيار٢٠٠٧
يعزّ علينا، أعزائي القراء، أن نقطع موضوعاً محدّداً بدأنا به، تحت عنوان «علمياً»، عدّة مرات.
مرّة لتقديمه، لكونه ليس محلياً أو متابعاً للحدث اليوميّ، ومرّة لطبيعة موقعه غير المثالي في الصفحة الأولى من الجريدة، ومرّة لشكله الذي أشكو منه شخصياً، ألا وهو «العمود»، حيث السطر العادي الواحد يُقسّم إلى ثلاثة سطور وأحياناً أكثر، وهذا ما يؤثر سلباً على موضوع يحتوي على بعض المعادلات التي تحتاج إلى رموز وإشارات هي أقرب إلى العلميّة من السرد.
وكل ذلك بالتزامن مع ما «يَعُرُّ» علينا أو يهتِكُ أو يفتِكُ بنا من مواقفَ سياسية في بعضٍ من أيامنا الحالكة، أو لنقل من الأول: بالتزامن مع ما يُنْزَلُ بنا من المواقف، أو عفواً ومن جديد: من صلابةٍ في المواقف الرسمية المسؤولة كلياً - حصرياً.
والرسمي هنا يعني: «الأكثرية».
بالتالي: غير المُمثِّلة للكل.
فهي، برأيي إمّا: أكثرية «غيبوبيّة»، أي: لحظيّة -عدديّة طارئة، وإمّا: أكثرية آنيّة ممطوطة زمنياً وكأنها معالجة جينيّاً لتتمدّد أشهراً إضافية أكثر من تركيبتها الطبيعية،أو: أكثرية سُبَيْعيّة وبالتالي نتيجة لعملية قيصريّة كنعانيّة سبقها حلفٌ قيصريٌ رباعيّ..... لقد صاموا وعادوا إلى عدوان تموز الماضي بشكل أبشع يا أخي.
بالمحصّلة، هذه ليست بمقالة، إنها محاولة لوضعكم معنا في الجوّ.
فنحن سنضطر استثنائياً، وفي سبيل أن نتابع موضوعنا الأول حول الكميّة والنوعيّة، دون أن نترك في الوقت نفسه هذه الأكثريّة «تُخَيّلُ وحدها في الساحة»، وضمن إمكانياتنا المحدودة، لأن نغيّر هذا الأسبوع في أيام مقال «ما العمل» الثابتة.
وعليه ستكون المقالة لهذا الأسبوع: أيام الخميس والجمعة والسبت، وإلى اللقاء في الغد.

04‏/05‏/2007

علميّاً (3) ـ ملحق


زياد الرحباني
جريدة الأخبار - الجمعة 4 أيار 2007
أعزّائي القرّاء، نأسف مرّة أخرى لمقاطعة سياق الموضوع في سبيل التذكير بأنّ موضوعاً كـ«الكمية والنوعية» هو نزاع فكري كلاسيكي دائم ومزمن، كما هو مثلاً موضوع «الغاية والوسيلة» أو «البيضة والدجاجة» الخ...
مواضيع كهذه يتسع فيها البحث لكثير من الآراء والمدارس في التفكير والانتماءات السياسية، الاقتصادية أحياناً، الأخلاقية ــــ الدينية أحياناً أخرى، ومجموع هذه العناوين يشكّل عموماً ما نسمّيه: «فلسفة» هذا الموضوع.
والفلسفة هنا ليست للتدريس أو التعليم، ولا كلمة علمية غيرها لسوء الحظ، لتلخيص ما سبق من المفردات «الكبيرة».
علماً أني جهدتُ منذ أيام الدراسة الثانوية وحتى يومنا هذا، لمكافحة استعمال أو حتى مجرد الاحتياج للفظها، أي «الفلسفة».
ولكن جهودي باءت حتى الساعة بالفشل. فمجموعة من النقاشات الدائمة، والكلاسيكية ـــــ المزمنة منها خاصة، تصل الى نقطة ما تحتاج فيها الى عبارة: «فلسفة الـ... كذا».
وهي ببساطة ليست إطلاقاً، بعملية تفلسفنا بعضنا على بعض ولا هي تعقيد لكلمات هي أبسط بالأساس، ولا رغبة عندي إطلاقاً في الإضافة على الفلسفة العامة المعاصرة، ولا حاجة لنا بها، لو أن الحياة على الكوكب تسير على ما يرام، لو أن «الكمية والنوعية» تتقاسمان شقة مفروشة في شارع السادات مثل «خوري وعبيد» أو «ريا وسكينة» أو كالأساتذة الأفاضل J&B!!!.
لو أن الوسيلة، مثلاً، تسهر على الغاية، تساعدها في فروضها المسائية ومن ثم توصلها في الصباح الباكر الى ثانوية فخر الدين! وبما أن هذا ليس بحاصل، فنحن نعود هنا الى موضوعٍ نراه غنياً بالتناقض وهو أساس في الفكر الأحادي، الراجحة كفته اليوم، مرحلياً على الكوكب وهو: الفكر الرأسمالي بل الامبريالي بل الكولونيالي.وهذه ليست بشتائم بل هي صفات علمية.
فكر تكاد تصبح فيه بعض الرأسماليات ذات رأس المال العام المتواضع بالمال والامكانية والمساحة (معظم الأحيان)، بكل طبقاتها المتناحرة المصالح، مجرد طبقة «عاملة» واحدة موحدة عند رأسمالية أكبر قدرةً ومالاً ومساحةً، أفقياً وعمودياً حتى نحو الفضاء.
أعزائي، لقد حاولت حتى الآن حصر هذا البحث بالممكن، لي، لنا، وفي هذا المكان، تاركاً مواقع التخصص فيه، لأصحابه (تحديداً في الاقتصاد) وقلنا ونعود ونوضح، أننا نتناول هذا الموضوع، بأقصى ما يمكننا ذاتياً، من العلمية والمنطق، أي بإمكانياتنا المعرفية والعقلية، التي هي عرضة دوماً للبحث، عندنا وعند غيرنا، كما وللجدل والشتم إذا استدعى الأمر.
وبما أننا، أي إنني، بمزيد من العلمية والتحديد، علّ الشتم ينحصر بي، لم أذكر الاشتراكية حتى الآن إلا في جملةٍ واحدة حيث أتت بالشكل التالي: «... بالمقارنة مع الاشتراكية»، ولم أذكر الشيوعية طبعاً، فهذه الاخيرة، فصل من رسالة المجوس والسحرة والسي. آي. إي. والأباليس والإخوان.
وتحتاج لإعادة الاستفتاء حولها وحول ما يعرف عنها شعبنا الأبي العنيد، منذ أن نشأت وحتى انهارت منظومتها الرئيسية، غير أن: «في النظام الشيوعي، يستطيع المواطن أن ينام مع أخته»!!!!
وكأن محطة «مير» الجاثمة في الفضاء منذ سنين هي نتيجة جهود هذا المواطن السافل!
نعم وبالرغم من كل هذه المقدمات والمطولات التي، بعد يوم أو يومين على هذا المعدل، قد تتخطى «مقدمة ابن خلدون»، تمكن المواطن م. بكري، أو الذي يوقع على الأنترنت بهذا الاسم، وأوضّح هنا، لم نشأ أن ننشره كاملاً، لأنه بكل بساطة قد يكون، وبسبب محاسن الأنترنت السبعة في الإبهام، قرر أن يبقى مجهولاً حتى لو كان هذا اسمه الحقيقي، وعلماً كذلك بأنه من أفضل الردود التي ربما تعلقت بما كتبناه تحت عنوان «علمياً ــــ 2»، تمكن من أن ينشر الآتي نصه:«غبطة الحبر زياد (حاف) عفواً من فهمكم، قد أكون حماراً قياساً بأمميتكم ولكن: علمياً: لم تنتج الاشتراكية والشيوعية حين طبقت في أدغالنا سوى القهر والبرطيل والظلم والتعذيب والفساد والاعتقالات والتنكيل (البلاطات) والقتل والفقر.
وأما بالنسبة للنوعية، أعجب أن أشد زبائن بضائع الرأسماليين هم قادة الاشتراكية والشيوعية، أفرغوا السوق من المرسيدسات والب أم مات!! ما في غيرك يا أيها الشيوعي العنيد لا تزال تطلق العنان للحيتك وتمشي «مهرغلاً» في شوارع الحمراء منتقداً كل ما أمامك وتحلم باليوم الذي سيستيقظ فيه مؤسسو الشيوعية الثلاثة اليهود «أغمدهم الله فساح جنانه» وحينها سيضربون بيد من حديد كل حيوان ANIMAL سوّلت له نفسه التفكير بالسعادة، وحينها، سيعلمون الناس ما لم تعلم».أعزائي، ليس بوسعنا، ضمن الامكانيات المتاحة، سوى أن نشكر الزميل في البحث، الأستاذ م. بكري وأن ننشر له كل جديد في هذا السياق.
ونسأله إن كان بالإمكان لنا الاستمرار في الكتابة في موضوع «الكمية والنوعية» كما نراه نحن وبنفس الشروط الرديئة التي نتناول بها مواضيعنا عادةً، فهذا أفضل ما منحنا الله إياه، فكل ما يأتي من الله عز وجل، «منيح».
ـ يتبع غداً ـ أي هذا الملحق ــ فيتبع نهار الاثنين ـ علمياً ـ 4 ـ