30‏/10‏/2007

83 وللأسباب التالية

زياد الرحباني
الثلاثاء ٣٠ تشرين الأول ٢٠٠٧، جريدة الأخبار
لا يمكن أيَّ شيء متوقف تماماً عن الحركة، أن يقع في خطأ.
فهو في توقّفه، خارج الحركة، وبالتالي خارج الخطأ، بل خارج الزمن والتاريخ أيضاً.
فأي خطأ سيرتكب غير ذلك؟ وذلك يكفي.
والإنسان كذلك، لا يستطيع ألّا يخطئ متى قرر أن يعمل.
وقد احترم الحزب الشيوعي اللبناني قاعدة الطبيعة تلك.
لم يكن سهلاً على الحزب الشيوعي، مع بداية الحرب الأهلية، أن يقف محايداً كي لا يخطئ.فدخل الحرب رغم ملاحظته أنها، بسرعة، عادت الى طابعها الجذري ـــــ الأساسي وهو الطائفية.
وربما كانت اللمحات أو اللحظات المعدودة اللاطائفية في هذه الحرب إذا استثنينا الأكثرية الصامتة المتهمة دوماً بالبراءة، والعلم اليقين بذلك عند ربّنا وحده.
لحظات على علاقة بوجود الحزب الشيوعي اللبناني أولاً.
حارب الحزب كثيراً وعلى كل الجبهات، لكنه حورب أكثر.
وأهمّ مَن حاربه حلفاؤه الذين حاربوا به.
وحين حان وقت الخطأ، أخطأ.
لست هنا سوى شيوعي واحد ولا يمكنني ولا يحقّ لي هنا أن أناقش أخطاءه الكبرى.
سوى أني أظنّ أنّ أكبرها: إدمان النقد الذاتي. تقع المشكلة في أنّ ماركس، بحديثه عن النقد الذاتي، لم يحدّد كيفية استعماله ولا عدد الجرعات والمقادير، ولم يسمع طبعاً في زمانه بإعادة النقد الذاتي، زيادة في التأكيد!
وجاء وقت الذيول، فكما لكلّ حادث حديث، لكلّ حدث ذيول.
وقد بدأت تتضّح، على مستوى القاعدة والقيادة، بشكل متوازٍ، سبحان الله، مع بداية التسعينات، ودائماً بحسب رأيي.
وكان عنوانها: الضياع.
وخاصة بعد ما راح بعض فهلويّي الشيوعيين يسوّق أنه طالب بـ«البيرسترويكا» قبل غورباتشيف وتنبأ بانهيار الاتحاد السوفياتي قبل الروس وأفحم ميشال حايك ونانسي عجرم قبل أن يشبّا.
الموضوع فيه حرقة شديدة وإغراء على قدرها، للسباب والتزفير، ولا الوقت يسمح ولا المكان، وخاصة أن ما كان قد كان.
فأهمّ الذيول الفعلية لهذا الضياع كان اختلاف توجّهات الضائعين في القاعدة والقيادة، في الوقت الذي كانت فيه أطراف سياسية أخرى تعمل، وتعمل بجدّ، في البلاد، واستطاعت أن تشكّل منفذين أساسيين لهؤلاء بحسب الرسم الآتي:
هنا أعزائي، مع مَن يمكن أن نتحالف اليوم؟ مع من تريدون بربّكم؟ حلّلوا كما شئتم عن تناقض المادية والدين، عن علاقة الماركسية بالإسلام، حلّلوا واستغربوا تحالف الأصولية مع الشيوعيين، حلّلوا وناقشوا وإن وصلتم الى نتيجة غير واقعنا نفسه الآن، بلّغونا بها علّنا نعرف ما العمل.

27‏/10‏/2007

تنبيه!

زياد الرحباني
السبت ٢٧ تشرين الأول ٢٠٠٧، جريدة الأخبار
من أجل سلامتك الشخصية والمعنوية (عموماً)، الرجاء قراءة النص بعناية.يتميّز القابس الأنكلوساكسوني تاريخيّاً بأنه مشكّلٌ بثلاثة دبابيس تحمل المأخذ الرئيسي للتيار المتردّد على الدوام.
فتيار الشيخ سعد الحريري على الأرض، جاء وسطياً بين وليد بك «الحيّ» والدكتور جعجع «الطبيعي»، فسرى التردّد.
ولولا وجود الشيخ سعد المركزي بينهما (باللون الأخضر) في هذا القابس، لم يكن ممكناً التأكيد على أن المأخذ الرئيسي سينضبط عند حدود تردّد هذا التيار، فيتأمّن الحد الأدنى من سلامتك الشخصية وراحتك، وخاصةً أن القابس هذا يعمل منذ الانسحاب السوري من لبنان دون فاصمةٍ *.
غداة اغتيال الشيخ رفيق الحريري، وَجَدَت هذه الخطوط الثلاثة نفسها «متضافرةً لا بَطَلة» لأجل تأمين استمرار التيّار حتى لو متردّداً.
ذروة ما استطاعت الوصول إليه، قرار إنشاء المحكمة الدولية.
إن الخطوط الثلاثة هذه ضمن المأخذ الرئيسي، ملوّنة وفق الرموز الآتية: الأزرق = طبيعي/ البنّي = حيّ/ الأخضر = أرضي.
لذا، فإن أي استعمال منقوص أو غير مسؤول لهذه الرموز، يهدّد بخطر حدوث صدمات أو صعقات واندلاع ما لا تُحمد عقباه من فرط الإحماء! فالحديث، مثلاً، عن حلف جعجع ـــــ جنبلاط، «الحيّ ـــــ الطبيعي»، دون وجود خط سعد الحريري «الأرضي» بينهما، هو كخلط الخيال بالجنون.
هام: نحن اليوم، وفي وضعٍ من عدم ملاءمة القابس الثلاثي الأنكلوساكسوني للتيار المتردّد التفاؤلي العام، وعدم ملاءمة السوق السعودية المحلية ولا خلال سياحتها، ننصح، قبل أي عملية تشغيل، بنزع الفاصمة (إن وُجِدَتْ) وبقطع القابس المثبَّت الأصلي، وهنا المشكلة.
لا يقال أساساً، حلف جعجع ـــــ جنبلاط، بل حلف جنبلاط ـــــ جعجع.
تحذير: إن جنبلاط لا يُحَالَف بل يحالِف، إن أراد، وهو لا يحالِف أحداً، فقط عبر الشيخ سعد.
وهذا ما يتفهّمه جعجع جيداً ولا يرضاه على الإطلاق، وطبعاً باسم المسيحيين المحبطين، لذا «يُحالِف ويُعرَف» عبر الشيخ سعد أيضاً.
هكذا سرى التردّد حتى الآن، وإن أردنا التشغيل بدءاً من اليوم، يرجى التقيّد بالعملية الآتية.
هام: لا يُوصَل أيٌّ من الخطّين، الأزرق أو البنّي، بالأرضي ـــــ الأخضر إلّا بالتقارب أو بالودّ في أحسن الأحوال، كما لا يوصَل الخط الأزرق إلّا بخطٍّ مثله، أزرق، أو بالأسود، ولا يوصَل الخط البنّي إلاّ بخطٍّ مثله، بنّي، وهذا في غاية الصعوبة، أو بالأحمر.
فبعد إتمام ذلك فقط، يمكنكم التشغيل. هذا بالطبع إن أردتم أن تعرفوا: مَن هو الزائد واحد و«إلى أين»؟
* في حال وجود شكّ حول غطاء الفاصمة، يرجى استشارة سفير أو فنّي مؤهَّل.

25‏/10‏/2007

أليس كذلك؟


زياد الرحباني
الخميس ٢٥ تشرين الأول ٢٠٠٧، جريدة الأخبار
إلى الأستاذين القطبين الموقّرين في حركة 14 آذار:
السيدين أكرم شهيّب وفارس سعيد.
تحيةّ وبعد،ممكنٌ أن يُنعِمَ الله على الإنسان بموهبة «التوصيف المقلوب» أو بنعمة «التخريج الدائري المعكوس» أو، لنقل، قد يخصّ الخالق امرأً بنعمة «الشرح المنطقي المفتول»، فيكون صاحبه أبرع مَن اختار الكلمات المعيّنة، البالغة التحديد والنادرة خاصةً لدقّتها، فيتوصل تقريباً إلى وصف خسارة نكراء كسحنتهِ، على أنها أبهى أنواع الانتصار.
فيسعدُ المرء لإنجازه المريع هذا، بعد كدّ.
لكنّ ربّنا، والمجدُ له، الذي منذ بداية وعينا للتاريخ، قرّر ألّا «يُكمّلها» مع أحد، لم يُنعِمْ كذلك على الإنسان هذا بأن يصدّق هو ما «طَلَع» به.
وإن حصل وصدّق، فهذا مرضٌ مخيف، وقد خلق له الله أطفالاً بسيطين لا يفهمون تلك الكلمات البالغة الدقة والتحديد والدَوَران والتعقيد.
وشاء ربّنا، كي يردّه إلى رشده ويخفّف عنه وطأة هذا المرض، أن يدع هؤلاء الأطفال «يأتون من عنده إليه».
وسيُمعن هؤلاء الأطفال ـــــ وتَيْسَنةُ الأطفال في عيونهم ـــــ بعد كل معلّقاته ومطوّلاته والمكعبات اللازمة لتوصيف الخسارة بالانتصار، في الإصرار البريء، على كون الخسارة خسارة، وكون الانتصار هو إمّا: الانتصار، وإمّا، بأعقد صيغة بسيطة: عكس الخسارة.
أليس كذلك؟الأطفال مشكلة يا عزيزيَّ أكرم وفارس، مع حفظ الصفات.
سيكون مستحيلاً أن تشرحا لطفلٍ ما هو: الكاتب العدل أو ماذا يكون المجلس الدستوري، بينما لا جهد إطلاقاً في شرح ما هو الشرطي ومَن هو اللص!
سيكون أصعب بكثير أن يفهموا ما هو «المنبر» أو «حركة التجدّد الديموقراطي» على أن يدركوا مَن هو الصادق ومَن هو الكذّاب.
إنهم يشعرون بهما، بل يفضّلون صورهما على شرحكما.
إنهم يردّدون عن غيب ماذا فعلت إسرائيل وماذا فعل مقاومو حزب الله، فهذا واضحٌ وسهل، وكل ما هو حقيقي واضحٌ وسهل، فعكسه أو قلبه وقتئذٍ فقط يزيد الوضوح.
فما العمل؟
إن بداية العمل تُختصر بنقطتين:
1 ـــــ يبدأ العمل عبر التسليم بما سبق أولاً، وعبر تسليم نسخةٍ عن هذا المقال للنائب وقطب أقطاب الحركة السيد مروان حمادة.
2ـــــ محاولة التخفيف من الاستطراد والتطويل في مسلسل «الغالب والمغلوب»، فالأطفال عرفوا منذ السنة الماضية مَن هو الغالب ومَن هو المغلوب، وراحوا يتابعون مسلسلات أخرى، بانتظار معركة وطنية جديدة، ربما القادمة.
ودمتما لنا ذخراً.

23‏/10‏/2007

غريب!

زياد الرحباني
الثلاثاء ٢٣ تشرين الأول ٢٠٠٧، جريدة الأخبار
... وممّا أذكره صراحة، أن لجنة الحوار الوطني وصلت إلى مناقشة «خطّة لبنان الدفاعية»، بعدما توافقت على مجموعة نقاط ساخنة تاريخياً، بحسب تاريخ: ما بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وقرّر المجتمعون، مجتمعين وقتها، أن يؤجّلوا البحث إلى ما بعد انتهاء الصيف، لإفساح المجال أمام السياحة والمجد.
كان ذلك بداية صيف عام 2006، بإذنه تعالى. وإذا بحزب الله في 12 تموز، يقوم بعملية مزدوجة على الحدود يقتل فيها جنوداً ويأسر جنديين ويطالب في المقابل بإطلاق المعتقلين اللبنانيين، وسمير القنطار على رأسهم. فيبدأ العدوان الإسرائيلي الشامل على كل الجمهوريات اللبنانية المتحدة.
أذكر أن الطيران الحربي على أشكاله لم يغادر الأجواء اللبنانية، وأذكر جيداً أنه كان إسرائيلياً، أو على الأقل هذا ما قيل وأُشيع وقتها. غريب!
وخاصةً أن العدو الإسرائيلي نفسه كان يدّعي أن طيرانه قصف وأصاب، حتى لو لم يُصب أحياناً، أو أنه أصاب كلّ شيء، فعلاً غريب!
هذا بالإضافة إلى البوارج التي دكّت السواحل وبعض العمق كالضاحية الجنوبية، نموذجياً، والتي كانت كلها إسرائيلية أيضاً، للمصادفة.
غريب! وكلنا يذكر يوم أعلن الأمين العام السيد حسن نصر الله أن المقاومة ستقصف بارجةً جاثمةً قبالة شاطئ بيروت، وقد تمّت بعد دقائق بالفعل إصابتها. لقد كانت بارجةً إسرائيلية علناً. وهل ستتبع لبحرية عمر بن الخطاب؟ وكان لإصابتها، «بالعلامة»، دفعٌ معنويٌ هائلٌ للبنانيين، ضد إسرائيل وليس ضد البريستول ولا قوى فارس سعيد! لقد كانت معركة وادي الحجير هزيمةً صعبةً للميركافا الإسرائيلية،
صدّقوني، وليس للقوات اللبنانية، ولا أنطوان لحد(*)، إن كنتم تذكرونه.
لا ميركافا لدى القوات اللبنانية اليوم ولا لحد.
فعلاً، غريب.
أما معركة مارون الراس المضيئة، والعدو هذه المرة كان أيضاً إسرائيلياً، فكانت كذلك نكسة مريعةً لقوات النخبة الإسرائيلية وللواء غولاني وليس لطلائع بني معروف وفاعور وفيّاض التقدميّة.
فالطلائع هذه أساساً، كانت منهمكة باستقبال النازحين من الجنوب المنكوب وبدعمهم تماماً، ولقد شكرنا ربّنا وقتها على هذا القطوع.
أما وحدات «المستقبل» الحديثة، وشركاته الفندقية الأمنية الخاصة النظامية، فباستثناء قصف جسرٍ صغيرٍ مهجورٍ في منطقة بعبدا، وقفت على الحياد الواعد، وعملت على تأمين الأخوّة على طول الساحل الممتد من صور إلى النورماندي.
أفَليسَ الوضعُ اليومَ غريباً؟
غريبٌ إن قلنا والعالم معنا قال: إننا مرةً، رغم هولِ خرابنا، انتصرنا على إسرائيل، غريبٌ أن تُسْمَعَ جملتنا هذه، على وضوحها: ... انتصرنا على قوى 14 آذار!
إن الفرقَ، كتابةً وقراءةً، شاسعٌ بين كلمة: إسرائيل وعبارة: قوى 14 آذار.
إن كلمة إسرائيل أقصر وأفعل.
أما عبارة قوى 14 آذار فأطول وبلا غلّة.
إن مَن يعتبر، يا ناس، أن حربنا مع إسرائيل هي حربٌ معه، هو مشكلة، ومشكلة كبيرة.
كبيرة لدرجة أنه يتمنّى على إسرائيل أن تنتصر علينا، وهو أخونا، وإن كنّا نجد ذلك غريباً، وفي الانتظار، وهو لا يطيق الانتظار، يطالبنا، بل يشارط على شعار: لا غالبَ ولا مغلوب.
بربّكم هل غلبهُ أحدٌ منكم يوماً ولم ندرِ؟
(*) مناضل حدودي، في التسعينات، ضد العدو اللبناني.

19‏/10‏/2007

2x1


زياد الرحباني
الجمعة ١٩ تشرين الأول ٢٠٠٧
... فنحن عملياً، منذ ذلك الوقت، ما عدنا فكّرنا فيها.
صرنا نمارسها يوميّاً تلقائيّاً وكأنها: الطبيعي.
كلّها طبيعية وبديهية فلا سبيل للعجب منها إلى نفوسنا. صرنا نستكين إليها كأنها سنّة من سنن الحياة أو من شيم الحروب الأخوية الأهلية.
صرنا متفوّقين بها على كل صرّافي المعمورة ومصرفييها، دون أي رهجة أو ضجّة، دون طنّة أو رنّة، هكذا، لا حول ولا أسهل من ذلك.جبّار كالعادة. شعب جبّار خلّاق وحيّ.
هكذا كنّا وهكذا نريد أن نكون على الدوام. قالوا يوماً إنّ بعض المال عملة صعبة، فانتفض المارد الاقتصادي فينا وأعادها الى حدّها.
أهل هذا الجبل لا صعب ولا صعبة عليهم. لقد جعلنا العملة الصعبة، على صعوبتها، في كلّ جيب وصوب.
خيّرونا بينها وبين العملة الوطنية فارتعد مارد التاريخ فينا وهبّ لنصرتها.
نحن يا إخوتي، شعب واحد بعملتين. نحن شعب يستعمل عملتين في الوقت والمكان والموضوع والبلاد نفسها.
أين المشكلة؟ تدفع لي بعملة، أردّ لك بها أو بغيرها أو بالاثنتين إن شئت وأحسب وأصرّف وأطرح وأدفع في ثانية.
لقد روّضتُ الوطنية الصعبة والأصعب.
عودوا الى تاريخي فلن تستغربوا شيئاً بعد اليوم.
أتقف في وجهنا عملة صعبة؟ أو حالة صعبة؟ كيف؟
فأنا أستعمل الكهرباء مرّتين في بيت واحد، مرّة من الدولة ومرّة من المولّد.
أنا أشرب الماء من المؤسسة ومن الغالون.
أنا أغتسل من عين الدلبة ومن الصهريج.
أنا أستعمل البنزين والمازوت.
أنا أستعمل الخطّ العادي والخلوي و«أحوّل» بينهما.
تسألني بالعربية أجيبك بالفرنسية أو بالإنكليزية، حسب السؤال.
أنا موظّف في القطاع العام لكنّني أعمل في القطاع الخاص.
أنا عامل لكنني ربّ العمل، حيثما جاء هذا العمل، وأنا أكرهه. أنا لبناني لكنني عربي وعلى رأس الجامعة العربية.
أنا مع الهجرة لكنني أوّلاً وآخراً مع الوطن، فلي بيت في دبي وآخر في نيو جديدة. تقلّصت أعداد السيّاح العرب والأجانب فصرت أنا المقيم وأنا السائح، وما المشكلة؟
أروح وأجيء كل السنة وأنقذ السياحة.
إني أنقذ السياحة وأُنزّل الناتج الوطني العام. جبّار أنا، وإن لم أعجبهم فليجرّبوا غيري.
تهوّل عليّ أخيراً جماعات 14 و8 آذار بفراغ وبحكومة لا شرعية؟ خبّروهم بربّكم كم مرّة جرّبت الحكومتين فليجرّبوا إن أحبّوا الفراغين. يعدونني برئيس للجمهورية وأعرف أنهم يكذبون، لذا فقد جهّزت نفسي ونفسيتي لرئيسين.
إن طاقاتي اللامحدودة تستوعب الرئيسين.
شعب واحد أنا صحيح، لكنّ طموحي الجامح جداً أصبح طموحَين فجعلني أحبّ من الأشياء الشيئين.
وها أنا، منذ عام 1975، أحاول أن أؤكّد استقلالي لجمعية الأمم المتحدة، وأحاول أن أثبت لها يومياً أنني بالـ10452 كلم مربّعاً أنجح وأبهى مساحة بين بلدين.

16‏/10‏/2007

عصابة؟!

زياد الرحباني
الأخبار، عدد الثلاثاء ١٦ تشرين الأول
من المؤكّد أنّ السرقة أسرع من الاشتراكية.لذا، فإنّ السرقات تزداد يا إخوتي وستزداد.
سيفكّر المواطنون الذين لم يفكّروا بعد بالسرقة، أن يسرقوا. جيّد.
ونحن في غنى عن تعداد الأسباب فهي: بؤسٌ ببؤس.
أما السرّاقون المزمنون المواظبون منذ أكثر من عشر سنين، الذين مهما بلغت الهستيريا العامة من قمة الهرم المضروب حتى أسفله، فلن يستطيعوا أن يؤسّسوا نقابة. طبعاً. فالنقابة لها ترخيص، والسرقة لا ترخيص لها بتاتاً.
النقابة يلزمها علم وخبر، والسرقة يُفترض ألا يكون لها علم، لا مبتدأ ولا خبر.
النقابة علنية أما السرقة فأقرب إلى الحميمية والدفء.
لذا، يستبعد السرّاقون فكرة النقابة كلّياً ويؤسسون عادة عصابة.
وهذا نتيجة فكرة مديدة. أما نحن، من لم نبدأ بعد بالسرقة ومن لم يقتنع مبدئياً بالسرقة بديلاً من الاشتراكية وحالتنا حالة، فما العمل معنا؟ ومن يسأل مَن ما العمل؟ كلّنا نسأل، إذاً لا أحد سيجيب فإلى متى؟
ألا يُفترض بنا على الأقلّ، وعلى غرار السرّاقين والعصابة، أن نؤسس، كعاملين، نقابة؟ لدينا نقابات، صحيح، ولكن، متى نبدأ بتأسيسها؟ وهذا بالضبط ما أقصد.
ما العقبة؟ إنها الطائفية؟ مفهوم، وهل سننتظرها تزول كالتجاعيد؟ وهل يزول النقش في الحجر عن الحجر؟ كيف؟ هل ننتظر «على وقع» المعاشات الحالية؟
بربّكم يا إخوان ما دخل المعاشات بالطوائف؟ فالمعاشات خياليّة الرداءة والطائفية في ذروة الازدهار.
فأين العلاقة؟ لا علاقة.
بل إنّ الطائفية هي بالضبط ما لن يدعكم تؤسسون النقابة ولا الوطن، على فكرة.
تعالوا نؤسس عصابة إذاً. والعصابات، على فكرة، مختلطة طائفياً وفيها الكثير من علمانية التجّار وانفتاحهم.
دعونا نؤسس عصابة متماسكة متراصّة، قادرة مثلاً على شلّ العمل في أكثر من مكان في وقت واحد.
فبمجرّد اختفاء أعضاء العصابة ليومين أو ثلاثة من أماكن العمل سيحصلون على مطالبهم فور ظهورهم مجدداً.
تستطيع العصابة، لمزيد من التشويق، أن تأتي إلى العمل عبر قساطل الشركة باكراً، أن تطالب بحقوقها عبر اتصال هاتفي من مجهول وتغلق الخطّ، أو هي تستطيع أن تسرق شنطة المعاشات، وخاصة أنها تعرف الرقم الإجمالي، وهي في النهاية تسرق أتعابها أساساً.
ما رأيكم؟ هذا أكثر ديناميكيةً وحداثةً وتشويقاً من الرتابة والكآبة والنقابة.
ما رأيكم؟
ملاحظة 1: إن النقابة عموماً أفضل من العصابة *.
ملاحظة 2: إن النقابة لا تؤدي بالضرورة إلى الاشتراكية، فلا تخافوا (للخائفين).
إنها الطريق الأكثر أماناً، بوجود الرأسمالية على وجه التحديد.
قد تصبح النقابة، كلما انتظمت، فزّاعة للرأسمالية بالاشتراكية على وجه التحديد.
ملاحظة 3: أحلى ما في حياة الإنسان، التحديد.
* أقلّه أخلاقياً.

15‏/10‏/2007

ضمناً

زياد الرحباني
الاثنين ١٥ تشرين الأول ٢٠٠٧، جريدة الأخبار
إن المميزات المطلوبة من رئيس الجمهورية المقبل، التي تمّ تعميمها وتردادها بسرعة قياسية، صفات ليست نادرة بالنسبة إلى المواطن.
وخاصة أنها تركّزت على رئيس له طعم ولون.
وأضيفت أحياناً، الرائحة، لمزاح ما غليظ في أيّام كهذه، وعلى العموم حتىّ. وخاصة أنّ كلمة الرائحة تركن في الدماغ البشري الى جانب الطعم، فتحلّ بعده ببغائياً على اللسان.
حلو جدّاً أن نتحوّل، فوق ما نحن عليه، الى جموع ببغاوات تتابع نخبة ببغاواتها الحكيمة القيادية، تغطّ ليلياً على شاشات التلفزة، يكرّر بعضها عن بعض مواصفات الرئيس.
لكن اللافت، كما ذكرنا، أن الصفات ليست نادرة ولا تعجيزية فلماذا إذاً تضيق يوماً بعد يوم دائرة أسماء المرشحين؟
إن شخصاً كالسيّد سمير فرنجية، الذي لم يُطرح اسمه، وهنا الاستغراب، هو ضمناً رئيس الجمهورية المقبل.
والسيد فارس سعيد، لولا نرجسية المرشّحين الزملاء وأنانيتهم التي نحرت التجرّد في ثورة الأرز، هو ضمناً، بلا منازع وبلا «غطّاس»، رئيس الجمهورية المفصَّل لها ولنا.
ما مشكلة السيّدة نائلة معوّض مع الطعم واللون؟ ماذا فعلت هذه الوقورة طوال الحقبة الأخيرة حتى يطعن بها رفاق النضال بالأنانية نفسها التي طعنوا بها «فارس»؟ مع الفرق عنه أنها أرملة، ولشهيد، ورئيس لجمهورية.
هل نسوا أو يتناسون؟ أنها، ضمناً، رئيس الجمهورية وسيّدته الأولى في آن واحد.
أمّا ابنها ميشال، فأيضاً وضمناً وليّ العهد. ربما تنحّى لها حصرياً احتراماً للخبرة والعمر.
ممَّ يشكو السيّد روجيه إدّه وحزبه الجائش بالسلام؟ وكيف يكون الطعم واللون إذاً؟ لو أنّ بلدنا يشبه في شيء البلاد المتحضّرة ويفهم في الطعم، لكان روجيه إدّه، الذي هو ضمناً الرئيس المقبل، هو الرئيس فعلاً.
وهل السيّد جوني عبده المقيم في باريس، وهذه من أهمّ ميّزاته، أفضل منه؟ إ
نّ عبده الذي هو ضمناً الرئيس المقبل يعرف أن لا مستقبل له، مع أنّه يكلّف المستقبل كثيراً، فالدكتور شارل رزق الذي هو ضمناً ويا لحيف القدر رئيس الجمهورية، عبءٌ جديد على الطعم واللون والمستقبل وتصعب منافسته من باريس.
حتى إنّ الرئيس أمين الجميّل واسمه الرئيس وهو طبعاً وضمناً وأساساً رئيس للجمهورية، هو الأوحد إن شئنا الخلاص والتوافق، لولا كلّ هذه الأسماء المطروحة التي، اسألوه، لا علاقة لها بالرئاسة ولا بمفهوم الاستحقاق.
ومن قال إن الجمهورية تُدار حصراً بالطعم واللون والرائحة؟يعني أنّ رؤساء الجمهورية متوافرون وهم كُثُر، ولا أدري من أين وكيف افتُعلت هذه الأزمة. المشكلة ليست في رئيس الجمهورية.
المشكلة في أن نعرف ما هي هذه الجمهورية بالضبط؟
أين تقع؟
وهل إن وقعت ستقوم؟
وعلامَ تقوم؟
على مؤتمر باريس ـــــ 114؟
على بنك البحر المتوسط وبوارجه؟
هل ستعتمد نهائياً ومرّة واحدة على حدودها؟
وهل هي تريد إزاحة سوريا الى ما بعد تركيا على الخريطة بالتنسيق مع الأمم المتحدة؟
والسؤال الأخير: كيف يمكن أن تكون هذه الجمهورية مستقلّة ومستقبل الحلّ فيها مرتبط بحلّ القضية الفلسطينية؟
ربما يعرف الكثيرون الجواب، لذا قولوا للباقين، قولوا ذلك يوماً لرئيس الجمهورية.
يجب أن يكون لديه، إلى جانب الطعم واللون والرائحة، الجواب.

09‏/10‏/2007

...في القضائية أيضاً

زياد الرحباني
الثلاثاء ٩ تشرين الأول ٢٠٠٧، جريدة الأخبار
هذا، وبعد انتهاء العطلة القضائية، وبعد مرور عام على صدور صحيفة «الأخبار»، عاد النشاط إلى الجسم القضائي اللبناني وإلى الملفّات العالقة الكثيرة، وخاصة أمام المجلس العدلي، ولنا رجوع إليها.
أما اليوم، وللمناسبات المذكورة، فقد ارتأى وزير العدل الدكتور شارل رزق أن ينعش الجسمين القضائي والصحافي معاً، فاستهلّ الموسم بدعوى قدح وذمّ وافتراء وكذب على جريدة «الأخبار» لأنها ذكرت أنّ وزير العدل قد كذب.إنّ المنطق الحقيقي هو منطق القوّة.إنّ منطق القوّة، لذلك، هو المنطق الوحيد.بالتالي هو وحده المنطق القادر على أن يغلب جميع المناطق.
والمناطق جمعٌ للمنطقة، أعرف تماماً.
وما هَمّ. إنّ منطق القوّة لا يميّز بين المنطق والمنطقة.
وهو لن يحيّد منطقة أو يوفّرها.
فهل نبحث معه في أكثر من منطقة؟ وفي جمعٍ لها كالمناطق؟ لا مناطق ولا منطقة ولا منطق!
وماذا تريدون؟ أين هو المنطق؟ هذا هو المنطق، والمنطق الوحيد، بدليل أنّه لا جمع له.
ربّما حاول أحدكم أن يستعمل المثنّى ليقول: منطقان.
إن فعل فهو يقصد منطقاً آخر لا وجود له بوجود منطق القوّة لأنّه حكماً: منطق الضعف.
والضعف يا إخوتي عدوّ المنطق وغير مرغوب فيه وغير إنساني وغير شعبي وغير وارد.
ربما كان موجوداً في منطقة ما من المناطق المذكورة، وبالتالي فقد قضي عليه بسقوطها.
فلماذا إذاً تتمسّك به صحيفة كصحيفة «الأخبار»؟
هذا ما يؤرقني ـــــ فمنطقياً، نراكم في المحكمة.

08‏/10‏/2007

بعد العطلة القضائية (أيضاً)

زياد الرحباني
عدد الاثنين ٨ تشرين الأول ٢٠٠٧، جريدة الأخبار
لا يمكن أعزائي، أن توجد العجيبة أو تكون إلاّ خارج ما سيأتي:
إنّ هذه المرأة، أو غيرها، التي تغنّي، تنشد أو تقول أشياءَ كـ: «ليتني أستطيع أن أكون ظلّك حبيبي، ليتني غبار يمرّ من بعدك، سأظلّ أنادي حتى لو لم تجبني، ليتك تنظر إليّ خلسة قبل أن أنام لأصبح طيفاً من أطيافك العابرين الأبديين (وهنا تناقض!)... بعدما ابتسمت حبيبي زهّرت على يديّ حقول وانحنى سروٌ وصفصاف...»
إنّ هذه المرأة موجودة بلا شكّ.
لكنّك إن كنت تعتقد لبرهة واحدة، أنها ممكن أن تحتمل شيئاً من هذا وهي المرأة أو أي امرأة تحبّك وتريد يوماً العيش معك بهذه الصفات أو الظروف، فلا تعتقد ذلك أبداً.
إنها أمّك يا حبيبي!
إنها أمّك من تنبت على يديها الأشعار والسرو والسهول ومن نبت على لسانها المعسّل المكرّر!!
إنّ المرأة التي تريدها عشيقة ورفيقة للعمر، تملك تجاهك مجموعة من المشاعر والتفاصيل، لا تُنظم ولا تُغنّى على الإطلاق حتى إنّ البعض منها يباع في الفرمشيّات.
لا عليك، استمع الى الأغاني، هذا أفضل وغيِّر الموضوع.

06‏/10‏/2007

بعد العطلة القضائية

زياد الرحباني
السبت ٦ تشرين الأول٢٠٠٧، جريدة الأخبار
في قراءة سريعة لحقب غابرة من التاريخ البشري، وبالعودة الى مراجع متعددة ومتفرّقة في نوعيّة تطوّر المجتمع الإنساني وكيفية هذا التطوّر، من مجاهل البدائية حتى ما بعد بدايات القرن المنصرم العشرين، نلاحظ كيف أنّ المرأة كانت الكائن الأكثر تعرّضاً للتغيّرات الجذريّة مقارنة بسائر الكائنات.
فلقد تبدّلت علاقتها بالمجتمع ككلّ تبدّلاً دراماتيكياً، وذلك منذ ما قبل رسوّ مفهوم العائلة وتجسّد فكر الملكية المرافق لها، الى ما بعد مرحلة تبلور مبدأ الزواج كإحدى الصيغ الاجتماعية للاستمرار وحماية الذات والمكتسب.
لقد كانت للمرأة في البدايات، المدوّنة طبعاً، سلطة أكبر.
كانت لها هيبة واحترام.
بل إنها لدى بعض الحضارات والأعراق قاربت القدسيّة، وأحياناً السحر.
كان لها حضور في الوقت الذي كان فيه الرجل يقوّم بالجهد فقط وأحياناً بالعمر أو حتى العدد.
هذا غريب فعلاً.
ماذا حصل؟
في رأيكم لماذا عادت هذه البشرية وغيّرت رأيها يا تُرى؟