16‏/10‏/2007

عصابة؟!

زياد الرحباني
الأخبار، عدد الثلاثاء ١٦ تشرين الأول
من المؤكّد أنّ السرقة أسرع من الاشتراكية.لذا، فإنّ السرقات تزداد يا إخوتي وستزداد.
سيفكّر المواطنون الذين لم يفكّروا بعد بالسرقة، أن يسرقوا. جيّد.
ونحن في غنى عن تعداد الأسباب فهي: بؤسٌ ببؤس.
أما السرّاقون المزمنون المواظبون منذ أكثر من عشر سنين، الذين مهما بلغت الهستيريا العامة من قمة الهرم المضروب حتى أسفله، فلن يستطيعوا أن يؤسّسوا نقابة. طبعاً. فالنقابة لها ترخيص، والسرقة لا ترخيص لها بتاتاً.
النقابة يلزمها علم وخبر، والسرقة يُفترض ألا يكون لها علم، لا مبتدأ ولا خبر.
النقابة علنية أما السرقة فأقرب إلى الحميمية والدفء.
لذا، يستبعد السرّاقون فكرة النقابة كلّياً ويؤسسون عادة عصابة.
وهذا نتيجة فكرة مديدة. أما نحن، من لم نبدأ بعد بالسرقة ومن لم يقتنع مبدئياً بالسرقة بديلاً من الاشتراكية وحالتنا حالة، فما العمل معنا؟ ومن يسأل مَن ما العمل؟ كلّنا نسأل، إذاً لا أحد سيجيب فإلى متى؟
ألا يُفترض بنا على الأقلّ، وعلى غرار السرّاقين والعصابة، أن نؤسس، كعاملين، نقابة؟ لدينا نقابات، صحيح، ولكن، متى نبدأ بتأسيسها؟ وهذا بالضبط ما أقصد.
ما العقبة؟ إنها الطائفية؟ مفهوم، وهل سننتظرها تزول كالتجاعيد؟ وهل يزول النقش في الحجر عن الحجر؟ كيف؟ هل ننتظر «على وقع» المعاشات الحالية؟
بربّكم يا إخوان ما دخل المعاشات بالطوائف؟ فالمعاشات خياليّة الرداءة والطائفية في ذروة الازدهار.
فأين العلاقة؟ لا علاقة.
بل إنّ الطائفية هي بالضبط ما لن يدعكم تؤسسون النقابة ولا الوطن، على فكرة.
تعالوا نؤسس عصابة إذاً. والعصابات، على فكرة، مختلطة طائفياً وفيها الكثير من علمانية التجّار وانفتاحهم.
دعونا نؤسس عصابة متماسكة متراصّة، قادرة مثلاً على شلّ العمل في أكثر من مكان في وقت واحد.
فبمجرّد اختفاء أعضاء العصابة ليومين أو ثلاثة من أماكن العمل سيحصلون على مطالبهم فور ظهورهم مجدداً.
تستطيع العصابة، لمزيد من التشويق، أن تأتي إلى العمل عبر قساطل الشركة باكراً، أن تطالب بحقوقها عبر اتصال هاتفي من مجهول وتغلق الخطّ، أو هي تستطيع أن تسرق شنطة المعاشات، وخاصة أنها تعرف الرقم الإجمالي، وهي في النهاية تسرق أتعابها أساساً.
ما رأيكم؟ هذا أكثر ديناميكيةً وحداثةً وتشويقاً من الرتابة والكآبة والنقابة.
ما رأيكم؟
ملاحظة 1: إن النقابة عموماً أفضل من العصابة *.
ملاحظة 2: إن النقابة لا تؤدي بالضرورة إلى الاشتراكية، فلا تخافوا (للخائفين).
إنها الطريق الأكثر أماناً، بوجود الرأسمالية على وجه التحديد.
قد تصبح النقابة، كلما انتظمت، فزّاعة للرأسمالية بالاشتراكية على وجه التحديد.
ملاحظة 3: أحلى ما في حياة الإنسان، التحديد.
* أقلّه أخلاقياً.

ليست هناك تعليقات: