19‏/10‏/2007

2x1


زياد الرحباني
الجمعة ١٩ تشرين الأول ٢٠٠٧
... فنحن عملياً، منذ ذلك الوقت، ما عدنا فكّرنا فيها.
صرنا نمارسها يوميّاً تلقائيّاً وكأنها: الطبيعي.
كلّها طبيعية وبديهية فلا سبيل للعجب منها إلى نفوسنا. صرنا نستكين إليها كأنها سنّة من سنن الحياة أو من شيم الحروب الأخوية الأهلية.
صرنا متفوّقين بها على كل صرّافي المعمورة ومصرفييها، دون أي رهجة أو ضجّة، دون طنّة أو رنّة، هكذا، لا حول ولا أسهل من ذلك.جبّار كالعادة. شعب جبّار خلّاق وحيّ.
هكذا كنّا وهكذا نريد أن نكون على الدوام. قالوا يوماً إنّ بعض المال عملة صعبة، فانتفض المارد الاقتصادي فينا وأعادها الى حدّها.
أهل هذا الجبل لا صعب ولا صعبة عليهم. لقد جعلنا العملة الصعبة، على صعوبتها، في كلّ جيب وصوب.
خيّرونا بينها وبين العملة الوطنية فارتعد مارد التاريخ فينا وهبّ لنصرتها.
نحن يا إخوتي، شعب واحد بعملتين. نحن شعب يستعمل عملتين في الوقت والمكان والموضوع والبلاد نفسها.
أين المشكلة؟ تدفع لي بعملة، أردّ لك بها أو بغيرها أو بالاثنتين إن شئت وأحسب وأصرّف وأطرح وأدفع في ثانية.
لقد روّضتُ الوطنية الصعبة والأصعب.
عودوا الى تاريخي فلن تستغربوا شيئاً بعد اليوم.
أتقف في وجهنا عملة صعبة؟ أو حالة صعبة؟ كيف؟
فأنا أستعمل الكهرباء مرّتين في بيت واحد، مرّة من الدولة ومرّة من المولّد.
أنا أشرب الماء من المؤسسة ومن الغالون.
أنا أغتسل من عين الدلبة ومن الصهريج.
أنا أستعمل البنزين والمازوت.
أنا أستعمل الخطّ العادي والخلوي و«أحوّل» بينهما.
تسألني بالعربية أجيبك بالفرنسية أو بالإنكليزية، حسب السؤال.
أنا موظّف في القطاع العام لكنّني أعمل في القطاع الخاص.
أنا عامل لكنني ربّ العمل، حيثما جاء هذا العمل، وأنا أكرهه. أنا لبناني لكنني عربي وعلى رأس الجامعة العربية.
أنا مع الهجرة لكنني أوّلاً وآخراً مع الوطن، فلي بيت في دبي وآخر في نيو جديدة. تقلّصت أعداد السيّاح العرب والأجانب فصرت أنا المقيم وأنا السائح، وما المشكلة؟
أروح وأجيء كل السنة وأنقذ السياحة.
إني أنقذ السياحة وأُنزّل الناتج الوطني العام. جبّار أنا، وإن لم أعجبهم فليجرّبوا غيري.
تهوّل عليّ أخيراً جماعات 14 و8 آذار بفراغ وبحكومة لا شرعية؟ خبّروهم بربّكم كم مرّة جرّبت الحكومتين فليجرّبوا إن أحبّوا الفراغين. يعدونني برئيس للجمهورية وأعرف أنهم يكذبون، لذا فقد جهّزت نفسي ونفسيتي لرئيسين.
إن طاقاتي اللامحدودة تستوعب الرئيسين.
شعب واحد أنا صحيح، لكنّ طموحي الجامح جداً أصبح طموحَين فجعلني أحبّ من الأشياء الشيئين.
وها أنا، منذ عام 1975، أحاول أن أؤكّد استقلالي لجمعية الأمم المتحدة، وأحاول أن أثبت لها يومياً أنني بالـ10452 كلم مربّعاً أنجح وأبهى مساحة بين بلدين.

ليست هناك تعليقات: