25‏/10‏/2007

أليس كذلك؟


زياد الرحباني
الخميس ٢٥ تشرين الأول ٢٠٠٧، جريدة الأخبار
إلى الأستاذين القطبين الموقّرين في حركة 14 آذار:
السيدين أكرم شهيّب وفارس سعيد.
تحيةّ وبعد،ممكنٌ أن يُنعِمَ الله على الإنسان بموهبة «التوصيف المقلوب» أو بنعمة «التخريج الدائري المعكوس» أو، لنقل، قد يخصّ الخالق امرأً بنعمة «الشرح المنطقي المفتول»، فيكون صاحبه أبرع مَن اختار الكلمات المعيّنة، البالغة التحديد والنادرة خاصةً لدقّتها، فيتوصل تقريباً إلى وصف خسارة نكراء كسحنتهِ، على أنها أبهى أنواع الانتصار.
فيسعدُ المرء لإنجازه المريع هذا، بعد كدّ.
لكنّ ربّنا، والمجدُ له، الذي منذ بداية وعينا للتاريخ، قرّر ألّا «يُكمّلها» مع أحد، لم يُنعِمْ كذلك على الإنسان هذا بأن يصدّق هو ما «طَلَع» به.
وإن حصل وصدّق، فهذا مرضٌ مخيف، وقد خلق له الله أطفالاً بسيطين لا يفهمون تلك الكلمات البالغة الدقة والتحديد والدَوَران والتعقيد.
وشاء ربّنا، كي يردّه إلى رشده ويخفّف عنه وطأة هذا المرض، أن يدع هؤلاء الأطفال «يأتون من عنده إليه».
وسيُمعن هؤلاء الأطفال ـــــ وتَيْسَنةُ الأطفال في عيونهم ـــــ بعد كل معلّقاته ومطوّلاته والمكعبات اللازمة لتوصيف الخسارة بالانتصار، في الإصرار البريء، على كون الخسارة خسارة، وكون الانتصار هو إمّا: الانتصار، وإمّا، بأعقد صيغة بسيطة: عكس الخسارة.
أليس كذلك؟الأطفال مشكلة يا عزيزيَّ أكرم وفارس، مع حفظ الصفات.
سيكون مستحيلاً أن تشرحا لطفلٍ ما هو: الكاتب العدل أو ماذا يكون المجلس الدستوري، بينما لا جهد إطلاقاً في شرح ما هو الشرطي ومَن هو اللص!
سيكون أصعب بكثير أن يفهموا ما هو «المنبر» أو «حركة التجدّد الديموقراطي» على أن يدركوا مَن هو الصادق ومَن هو الكذّاب.
إنهم يشعرون بهما، بل يفضّلون صورهما على شرحكما.
إنهم يردّدون عن غيب ماذا فعلت إسرائيل وماذا فعل مقاومو حزب الله، فهذا واضحٌ وسهل، وكل ما هو حقيقي واضحٌ وسهل، فعكسه أو قلبه وقتئذٍ فقط يزيد الوضوح.
فما العمل؟
إن بداية العمل تُختصر بنقطتين:
1 ـــــ يبدأ العمل عبر التسليم بما سبق أولاً، وعبر تسليم نسخةٍ عن هذا المقال للنائب وقطب أقطاب الحركة السيد مروان حمادة.
2ـــــ محاولة التخفيف من الاستطراد والتطويل في مسلسل «الغالب والمغلوب»، فالأطفال عرفوا منذ السنة الماضية مَن هو الغالب ومَن هو المغلوب، وراحوا يتابعون مسلسلات أخرى، بانتظار معركة وطنية جديدة، ربما القادمة.
ودمتما لنا ذخراً.

ليست هناك تعليقات: