28‏/02‏/2007

ما العمل؟ مجرّد عنوان


زياد الرحباني
جريدة الأخبار الاربعاء 28 شباط 2007
إلى أصدقاء جوزف سماحة، رفاقه، زملائه في العمل، إلى الأحبّاء والأقارب، وإلى قرّائه أيضاً، أرجوكم:
لا بكاء، لا رثاء، لا ذكريات، لا مقارنات، لا نوستالجيا، لا قصائد...
أرجوكم فكّروا جيداً معنا كيف يُملأ هذا الفراغ الكبير...... ولتكن مناسبة، وهي على الأرجح الأخيرة، لتلاقي كل الشيوعيين أولاً، و«ما يعادلهم»، أو يتلاقى معهم اليوم، فليكن من اليوم فصاعداً فدوماً، في مواجهة عدوٍّ عنيدٍ داخليٍّ غير إسرائيل.
أرجوكم لا تدعوا هذا العدو يستقوي لحظةً بغياب «الرفيق سماحة»، فبعض قادته سعيدٌ، صدّقوني، لغيابه، وبلغتهم: لاختفائه.
إذ هذا يعني اختفاء الإزعاج المشاغب اليومي لمشاريعهم، زوال عقبة ذكيّة كاشفة أمام ألغاز أطباعهم وخفايا نيّاتهم، اختفاءُ نَفَسٍ طويل معتَّقٍ دؤوبٍ على شرحهم وتشريحهم، توقُّف آلةٍ لتبسيط كذبهم المحنّك ونشره علناً بكل هدوء، انزياحُ عدوٍّ جديٍّ لـ«الرأس»: الإدارة الأميركية.
هل البكاء، هنا، مقبول؟ لا بكاءَ أرجوكم، فهذه الإدارة تحبّ البكاء أيضاً، وكثيراً ما تشجّعه وتحرص على مشاركة العالم الثالث فيه بكلّ رُقيٍّ ووقار، بكاءُ سفارات!
فأرجوكم لا بكاء، وخاصةً لا رثاء.
فالرثاء فعلٌ يُفعَل لشخصٍ مات، أولاً، وثانياً: «ما العمل» إذاً؟العمل كثير.
العمل كثيرٌ جدّاً، فـ«إلى العمل».
واعتبروا منذ اليوم أنَّ عبارة «ما العمل؟» أصبحت مجرّد عنوانٍ لهذه الزاوية من الصحيفة.

26‏/02‏/2007

باسمِ الحُفنَة...

زياد الرحباني
الأخبار الاثنين ٢٦ شباط ٢٠٠٧
إن الله يحبّ جوزف سماحة. فلقد قرّر سبحانه أن ينجّيه البارحة، من أعراض وأحقاد العديد من العديدين.
خطفه كالبرق من بين كل المتربّصين به.
إن الله يحبّه، فهو يعرفه جيداً، وللرفيق جوزف مكانةٌ عنده.
يعرفه ويخاف من أعدائه عليه.
يعرف أنه لا يحتاط، وأنه ضد التدابير الأمنية الشخصية والمرافقين، يعرف جيداً كم هو مستهترٌ أحياناً بحقّ نفسه، فأخفاه عن السمع والأنظار.
أعدّ له ميتَةً شهمة، مختزلة خاطفة، خصّه بميتَةٍ بليغةٍ ولائقة، بعيدة عن وحُولِنَا العارمة، طالعةٍ من وسخنا المتراكم اليومي، النهاري الليلي اللامتناهي لا بحولِهِ فكيف بدونه؟
مات ميتَةً يسمّونها منذ قديم الزمان الأفضل الأرحم: ميتَةَ ربّه... بكل نظافة، بكل تجرّد.
ميتَةً ليست حلوة بالتأكيد لكنها، سيّدةٌ، حرّة، مستقلّة!
لا مجهولَ من زمرهم ليُدّعى عليه فيها، ولا مشبوه.
لا يدَ لجانٍ عميل، لمتطرّفٍ درزيٍ، مارونيٍ أو سُنّي، لا يقرأ وإن قرأ لا يفهم. لا إصبعَ «لِنِسٍّ» من أكثريتهم حاقدٍ عليه... لم ولن يَبْلُغَهُ، فقد رحل.
غدره الرفيق جوزف خلال ليلة البارحة، فنكّد عليه المتبقي من حقده على مدى الحياة، وأفشل بالمختصر كل محاولات التخلّص منه.
أساساً، فربّهُ سبق الجميع، ورحل به من على الطريق العسكري في جنح الظلام.
ربّهُ يحبّه، قلتها لكم وأكرّر، ربّه يحبّه ولو أنه كفَرَ مرّةً، لو أنه كفَرَ مرّات.
فالربّ يا إخواني قادرٌ على أن يحبّ الكفار كما المؤمنين.
بل إنه يفضّل الكافر الطيّب النظيف المعطاء على المؤمن الآخذ الآثم الشرّير...
وها قد أفلت الرفيق جوزف سماحة منهم ولكن منّا أيضاً في فجر 25 شباط.
فما العمل الآن؟ ما العمل «الآن هنا»؟
كما كان الرفيق يُعَنْوِنُ افتتاحيته في «السفير».
لا توجد ميتةٌ حلوة بالتحديد، كما أنه في المقابل لا حياة حلوة بهذه السهولة.
وستشحّ حلاوتها كثيراً دون شيوعيٍ أصيلٍ عنيد.
أنا لستُ حزيناً في هذه اللحظات، «الآن هنا»، أنا غضبان، وخائف بعض الشيء.
أمّا الحزن فلا... سأحزن لاحقاً مع بعض أصحابه الحزينين.
إن أعداءنا، يا حفنة المتبقين، يا حفنة الشيوعيين النضرين النادرين، يا بعض الباقي من أصابع اليدين، وهذا ما يخيف، إن موت الرفيق سماحة يستنفرني فَلْيَستنفرْكُم!...
إن أعداءنا يدورون حولنا كلّما استطاعوا.
إنهم مصمّمون باقون، إنهم يحاولون يحتشدون، ولم يبقَ لديهم ما يهوّلون به منّا على أعراضهم ويخيفون الأطفال، سوى أننا: سوريّون، أفغان، طالبان، وفرس.
سوى أننا كارهو لبنان، حاقدون على الحياة فيه، مجرمون واستشهاديون، آكلو متحضّرين، سيستولون بعد تطيير المحكمة الدولية، على السلطة ويحكمونهم.
وعلينا أن نواجه هؤلاء دون الرفيق سماحة.
نحن أضعف في هذه اللحظة لأننا خسرناه، فنحن سنواجههم بدونه.
الحزن والانهيار الآن، قاتلان.
لا! نَفَسُ جوزف طويل وقد تنفّسنا عمراً معاً، وحَّدْنا الأنفاسَ قبل الأهداف، وهذا وقت التنفّس المثالي العميق والطويل.
في نهاية هذا الأحد الماطر الشاهق، أؤكّد لك يا رفيق، أنك زدتَني تأكيداً، أنَّ ما نحن مؤمنون به، هو مستقبل الإنسان اللازم وهو الصحيح ولا يصحّ غيره.
في هذه اللحظات لا أعرف ما هو الرابط بين موتك وبين ارتفاع مستوى تمسّكي بالتزامي، لكنني سأعرف لاحقاً.
فلهذا علاقة بالعقل والعقل الهادئ، والقناعة دوماً أقوى من العقل. فكيف “الآن هنا”؟
كنّا نفضّل، كنّا وما زلنا نعشق أن تكون معنا يا جوزف في طريقنا المتبقّي، لكنّكَ ذهبْتَ، لكنّكَ... ذَهَبَ.
ماذا نفعل؟ إن الأعمار بيد الله، لكن النصر بأيدينا.
فَنَمْ عميقاً ولا تَخَفْ!

22‏/02‏/2007

حول آخر فالنتين [4]

زياد الرحباني
الأخبار الخميس ٢٢ شباط٢٠٠٧
... إن التروّي هو فريق التقدمي الاشتراكي لكرة السلّة ومصالحات الجبل، بمعنى أن التروّي واجب قبل البدء بالتهجير القادم (يتبع).
إن التحالف الرباعي الذي صنع الأكثرية النيابية العجيبة، يجب ألّا يُمسّ، أعني بعدما صار ثلاثياً (راجع «مثلّث الصمود والخصخصة» ـ فالنتين 1).
ألاّ يُمسّ سياسياً أولاً، لذا يجب أن يُمسك التقدمي الأيوبي الاشتراكي نفسه عن أي تهجير جديد للمسيحيين مهما فعلوا أو انفعلوا فأحبوا، مثلاً، سمير جعجع كثيراً وراحوا يعلّقون صوره إلى جانب صور وليد بك بأحجام متساوية أو عادوا يختالون بصلبان ضخمة مخيفة.
يجب أن يعمل الاشتراكي بكدّ ومواظبة لتذكيرهم، يومياً بمن هو جورج عدوان لا على حقيقته طبعاً، بل كما اتُّفق عليه في المختارة، حيث دِينُ عدوان ومعبوده، الدروز، الذين بدورهم سيحبونه حتى لو لم يحتج إلى أصواتهم وقتها، ونجح بصوت وليد بك فقط. هكذا تكون الانتخابات والنزاهات وبالتالي الأكثريات.
المهمّ، هكذا يُبنى المستقبل!ثانياً، ألّا تُمسّ الأكثرية المثلّثة البلدية، إعلامياً، وهنا تكمن خطورة نقل كرة السلّة تلفزيونياً. إن بث تلفزيونَيْ «المستقبل» و«ال.بي.سي»، شبه موحّد الآن، من المحكمة الدولية إلى الشهداء أحياءً وأمواتاً، إلى «حب الحياة»، إلى كراسي «سوليدير» الفارغة أمام مضارب الإيرانيين الجنوبيين وخيمهم وشلل حلفائهم، الموارنة صحيح، إنما مع «جنرال حارة حريك»، أي الضاحية، يا إلهي، بطريق الصدفة والقدر، إلى موارنة المردة السوريي الهوى، إلى آخر الغيث من قوميين سوريين وشيوعيين، الذين وُجدوا عموماً لتلبيك الحياة وتعقيدها، هذه الحياة التي تعبدها الأكثرية.
فهم أُناس غير واضحي المعالم ولا حتى المناطق، ولا أسماؤهم تدل عليهم، «ما دينهم، يا أخي؟»... يهدرون وقت الأكثرية وأعصابها ليس إلاّ.
إن التلفزيونين المذكورين، الماروني ــــــ المسيحي والسنّي ــــــ المسلم، يتبادلان، اليوم، البث خلال تغطية أخبار الأكثرية وهما على أحسن حال.
فلمَ العودة إلى فترة «يا خرابي الإعلامية»؟ حيث كانت نشرة أخبار كلٍّ منهما تبدأ بتهنئة فريقه لكرة الطائفة والسلّة، إن هو ربح طبعاً، أو بتفنيد انحياز الحَكَم إن هو خسر، ومن النشرة إلى الشوارع مباشرة.
انحيازٌ إعلاميّ لم تكن تهزّه أو تقطعه، حتى عملية ناجحة للمقاومة في جنوب لبنان.
ولمَ لا؟ فقناتاهما تحبان الحياة، خيام الهنا ونهر الفنون، و«تفكّران ثم تربحان أو تغنيان».أمام كل ذلك، لا تزال البلاد مقسومة، والمحاولات جارية للتوافق على كل نقطة خلاف بمفردها، بنيّة تسهيل الحلحلة.
وتبقى عقدة المحكمة الدولية، لجهة تحديد مهماتها، نقطة الخلاف الأبرز.
على الأقل بالنسبة للحكومة الحالية، إذ لا صفة أخرى لها حالياً، غير الحالية.
وعلى فكرة، فهذه ميزتها الوحيدة المتفق عليها، فما العمل؟ إن اللاعب المخضرم فادي الخطيب، مثلاً، يرى أن المحكمة الدولية ضرورة وطنية، شرط ألاّ تتدخّل في تفاصيلنا الداخلية وألاّ تفتح الحسابات القديمة.
فلجنة للتحكيم، مشتركةٌ من فريقي الحكمة والرياضي، هي وحدها المخوّلة بتّ موضوع تعاقده المزدوج مع الفريقين.
وهو ربما يغادرهما نهائياً وينتقل إلى فريق بلوستارز، بعيداً عن تدابير الجيش في ساحتي النجمة، عفواً، الصلح والشهداء.
وربما انتقل، إن طالت الأمور وتأزّمت، لا سمح الله، إلى فريق الجيش السوري، وهو يدرس عرضاً من بين عروض عديدة، جديّاً قُدّم له، كان سيوافق في وقتها عليه، لولا العيب والحياء والوطن والشهداء والمستقبل والماضي وحب الحياة.
إنهم يحبّون الحياة، هكذا.
أما الخطيب، فيفضّل عليها كرة السلّة. لكن فريق الأكثرية، الذي خسر في التصفيات نصف النهائية، فلا يمكنه أن يتأهّل للنهائيات ولا يحق له أن يتعادل مع أحد. بل يجب أن يستعيد نشاطه المعهود ويأخذ زمام المبادرة قبل المباراة الأخيرة.
هذا ما يعوق الناس ويشلّ البلاد ويُقعد المعتصمين أياماً إضافية في الخيم وقد يؤدي إلى عصيان مدني، نتمنى أن تنتهي المباراة من دونه.
هل سمعتم بمباراة واحدة لكرة السلّة أو القدم، في الكون، تنتهي بلا غالب ولا مغلوب؟مستحيل!
يُمدّد الوقت ثم يمدّد مجدداً، تعاد المباراة في أسوأ الأحوال، أما التعادل فساقط من قانون اللعبة.
كيف، إذاً، بمباريات مستمرّة، لا غالب فيها ولا مغلوب، تؤجَّل ثم تعاوَد وتنتهي بالتعادل المتواصل؟ مَن سيأتي إليها؟ مَن يحضرها؟ مَن يهتم، مَن يشجّع، مَن يتابع؟ جمهورٌ من اليونيفيل، ربما، على رأسهم، فخرياً، كوفي أنان.

21‏/02‏/2007

فاصل مع الإعلان


زياد الرحباني

جريدة الأخبار الأربعاء 21 شباط 2007

الإعلان

أطلقت مجموعة إعلاميّة - سياسية تسبح في فضاء قوى 14 آذار ، مجموعة من أظرف الظرفاء في لبنان وأخفّهم دمّاً، لا ضرورة لتعداد أسمائهم هنا، كي لا ننسى أحدهم، فهم جنود مجهولون، شغوفون بالوطن وبشعاراته البسيطة والعميقة، «مجرمون» في كل سهل ممتنع، أطلقوا شعاراً يقول:أحبّ الحياة.
نقطة على السطر، ألنقطة فوق ونحن على السطر المذكور.
وقد فُهم أن الشعار هذا، وُجد لمواجهة ما يسميه الرفيق الأعلى وليد بك جنبلاط « ثقافة الموت» التي لخّص هو بها حزب الله وجمهوره.
وراح يكرِّرها هنا وهنالك كي يحفظها الحلفاء لكثرتهم وتشعّب أولوياتهم الوطنيّة وتصريحاتهم الذاتيّة.
وقد نجحوا فعلاً في حفظه، كونه إعجازاً في البساطة (حتى نائلة وكارلوس حفظاه فورا، حفظهما الله)، شعار وطني لن يضاهى.أحبّ الحياة.على فكرة، انه يرنّ أفضل بالانكليزية، والأرجح أن يكون قد تسقّطه «ملكهم» بالانكليزية ومن ثم تمّت ترجمته الى العربية.
أحبّ الحياة... آه...أودّ هنا ان اؤكد اني، أنا الموقّع أدناه في رأس المقال، أحب الحياة ايضا ولست مع ثوار 14 آذار ولا بأي شكل.
وأنا بالمناسبة، أحب الحياة أكثر منهم بكثير ولم أكن أعلم ذلك الى أن تجمّعوا.
فأنا:أحب الحياة حتى الموت.
ملاحظة:
1- اذا اردتم معرفة اي نوع من الموت هو، استطيع ان افصّله لكم لاحقاً. ولكن لا داعي على ما أظن.
2- غداً: حول آخر فالنتين (4) وينتهي.

19‏/02‏/2007

حول آخر فالنتين [3]

زياد الرحباني
الأخبار الاثنين ١٩ شباط٢٠٠٧
...... وقتها فقط، تستطيع أن تفهم الغياب الحالي (تابع) صدّقني، هكذا أستر، فالوقت ليس مناسباً لمشجّعي الحكمة ولا الرياضي، فمشجّعو تحالف حزب الله ـــــ عون موجودون على الأرض وفي الخيام و«بوحشنة»، وهم بالإضافة إلى حشود 14 آذار «المشكّلة»، حشودٌ جديدةٌ على الوطن.
إن أقطاب 14 آذار، هم أنفسهم شجّعوا على تجميد هذا النوع من النشاطات الجماعية الرياضية، خاصةً في مراحل تاريخية لإفشال المحاولات الانقلابية الحالية الشرسة.
أولاً: لأنها، كما يبدو، ليست حالية على الإطلاق.
ثانياً: لكونهم يفضّلون أن يتفرّغ الجيش اللبناني لتجريد حزب الله من سلاحه، على سبيل المثال، ومن خيمه ومشاريعه وجماهيره ومن الشوارع التي افترشها زوراً، إذا أمكن، هو وصاحبه «فخامة الرئيس ميشال عون»، بدل أن يهدر هذا الجيش وقته للانتشار في البيروتين تسهيلاً للابتهاج والابتهاج المضاد المرافقَين لنتائج «كرة الطائفتين للسلّة» ولضبط «الود المتبادل» الذي غالباً ما يعمّ العاصمة وكيفما دار سبحانه، ينتهي على خطوط التماس الكلاسيكية العظيمة مثل موسيقى بيتهوفن! هذا الود الذي يضرب مفاصل رئيسة كمستديرة الطيونة باتجاه الكلية العاملية ـــــ السوديكو نزولاً نحو التباريس منها إلى الخندق الغميق ـــــ بشارة الخوري رحمه الله.
ثالثاً: لأن الجيش نفسه يفضّل أن يتعامل مع التجمعات البشرية الضخمة المتركّزة أخيراً في الساحتين الناجحتين: «الحرية» ورياض الصلح، الناجحتين أكثر من «عجرم وإليسا وعشتروت» وأبجدية جبيل، فقد حفظ الساحتين وصار يتفنّن بضبطهما أمنياً بشكل حضاري. يفضّلهما على مطاردة فلول مواكب المشجّعين الدرّاجة، خاصةً حين تتشتّت وتصبح «طيارة» داخل الأحياء الضيقة بمساحتها وأخلاقها عموماً.
إن حدود الردع لدى قوى الجيش بعد كرة واحدة للسلّة، أضيق بكثير ممّا هي الآن، لمشاريع من العصيان المدنيّ المزعوم أو انقلابٍ سوريٍ إيرانيٍ شريرٍ على الأرز والاستقلال.
قد يستعمل مدافع الدبابات هنا ويفهمه شعب لبنان العظيم. أما مباراة لكرة السلّة، كيفما كانت نتائجها وارتداداتها والفتية الدوّارين في الليالي و«الوَزَاوِز القاصرين» و«حَبّ الشباب» وعصارة المشاعر وكوكتيل الألفة والعزّة المحلّى المركّز على «بربر وساسين»، فقد تتطوّر في جميع الاتجاهات وهي، أمنياً، مبعثرة.
يفضّل الجيش عليها، أن يبني جدراناً إسمنتيةً دائمة إذا لزم الأمر، حول ضريح الشهيد الحريري، المعروف أين يقع، ولذكراه المعروفة متى وأين. يفضّل التدشيم المسلّح في محيط السرايا الصامدة حتى الموت للشيعة! على تطويق الشياح وعين الرمانة ليلاً بسبب ملاسنةٍ انتهت بـ«مدافشة» مصوّرة بين اللاعبين حسين توبة وإيلي مشنتف وصليبه الذي على الجبين وعلى التلفزيون أيضاً.
فحدود القوة النارية اللازمة هنا لاستتباب المشاعر والعودة إلى الوحدة الوطنية، ضيّقة.
هل يمكن استعمال الرشاشات المضادة ومدافع الـ106 مباشر على حشدٍ لمناصري «الحكمة» يهيّص ويدبك على أنغام فارس كرم وطوني كيوان في ساحة ساسين؟
حتى لو رفع العديد منهم صور «الحكيم» وأعلام الفاتيكان، و«القوات اللبنانية للإرسال» تحاول جاهدةً تلافيها أثناء بثها المباشر تأكيداً على التعايش، لكن دون طائل.
هل يمكنه زرع الألغام للمواكب الدرّاجة المعادية التي تطوف وتحوم حول الأشرفية، ومن ثم أسر الناجين منهم؟
شرعاً لا يجوز، خاصةً أن الدرّاجين هؤلاء، مختلطون سنّة وشيعة للأسف، ولا فتنةَ بينهم ممكنة ضد النبي عيسى، أما ضد «الحكمة» فصفاً واحداً.
هذا معقّد على «أمر اليوم»، فبالملخّص فيه خطر على الوحدة.إن في شخص صولانج بشير الجميل الآن، إشارةً من أبلغ الإشارات. فمتى عاد النشاط إلى كرة السلّة فستستقيل حكماً.
وذلك اعتراضاً على السنّة الذين لم يصوّتوا لها، بل وضعوا أوراقاً في الصناديق مكتوباً عليها اسمها، الذي لم يكن سهلاً قصّه، فاسم سعد الحريري إلى جانبه، وقد ملأ صناديقهم عنوةً عنهم، وهم أهل البيت ولم يروها فيه منذ وقت طويل، لا تأتي إلى قريطم ولا يرونها على «تلفزيونهم» ولا حتى في «الباستيل الحكومي» إلى جانب المناضل السنيورة.
ما همّ فابنها نديم، بالمقابل، يرعى فريق «الحكمة» ويفضّله على وليد عيدو والجلول ورفعت الحلاب، فمناصروه صانعوه، وولاؤهم «وطني» لبناني صرف.
أما محمد الحجار وجمال الجراح فهل كانا يوماً من مشجّعي فريق «الحكمة» ضد الإحباط المسيحي؟ منذ متى؟ أستغفر الله. إن فريق عملهم «الأبيض المتوسط» حصر جهوده بحمل فريق «الرياضي» عالياً فاختصروا وحدهم وجه لبنان الحضاري، لبنان رفيق الحريري، لبنان ـــــ بيروت، مدينة عريقة لمَن؟ للمستقبل.
هذا ما يزعج بكركي. إن أموراً عديدةً غير سليمان بك و«الجنرال» أزعجت بكركي وأقلقت تاريخياً المطران بشارة الراعي وما فتئت تؤرّق بطرس حرب و«القرنة» السابقة حتى الآن. إن بكركي فوق الجميع، أكيد، لكنها مع «الحكمة» و«التروّي»، إن التروّي هو فريق التقدمي الاشتراكي لكرة السلّة ومصالحات الجبل، بمعنى أن التروّي واجب قبل البدء بالتهجير القادم.
(يتبع)

17‏/02‏/2007

حول آخر فالنتين [2]

زياد الرحباني
الأخبار السبت ١٧ شباط ٢٠٠٧
مثلّث الصمود والخصخصة:
مهما توالت الأحداث وتسارعت، مهما كان حجم المستجدّ على البلاد، مهما كانت التطورات دراماتيكية، مهما تبدّلت أمزجة الناس وانتماءاتهم، مهما كان موقف سوريا أو موقف إسرائيل اليوميان الرسميان، مهما ازدادت التدخلات الخارجية في وطننا العزيز، مهما جرى في فلسطين المحتلة أو في العراق المنكوب، في إيران ـ المحور الحالي، أو في السعودية ـ المحور الدائم، لا يسعنا إلاّ أن نتوقّف بإجلال وتقدير عند ثبات المواقف لدى بعض قياداتنا التاريخية اللبنانية.
فمن أين تبدأ أصلاً، مواصفات أيّ قائدٍ على مرّ الزمن، إن لم يكن بالثبات؟
إن الثبات أكثر جذريةً من الصمود، الصمود واجبٌ في لحظات الشدائد، في مراحل الذروة، أما الثبات ففي حينه ومن قبله ومن بعده، فيه شيء من الأبدية. إنه يعطي جماهير القائد، شعوراً بالطمأنينة إلى الحاضر والمستقبل.
الثبات يعني: لن نغيّر شيئاً، لا تخافوا. أما التجلّي الكامل فيحلّ عندما تضاف إلى هذا الثبات، الرؤيا السياسية الثاقبة، التي هي، سبحان الله، نعمةٌ من نِعَمِهِ.
وعليه، علينا يا إخوتي أن ننحني لثبات «المثلّث السياسي للصمود»: الحريري ـــ جنبلاط ـــ جعجع. لقد ثبتوا وسيتابعون، وخاصة أنهم توزّعوا المهام.
هنا أيضاً ننحني مرّة أخرى للحنكة والدهاء. لقد قسّموا المأزق ثلاثة مفاصل، لذا «هان» عليهم فنجحوا.
الحريري متخصّص بالمحكمة الدولية، وجنبلاط متخصّص ببشار الأسد، أما جعجع فقال لهم في زمانه: اتركوا لي الرئيس لحود!
عند هذه النقطة تمّت السيطرة على كل جوانب الأزمة وانتهى الموضوع، بدليل: انظر إلى البلاد وهي في أحسن حالاتها! يبدو أن من الأفضل أن «يَتَحَطَّط» مارونيٌ على مارونيّ ودرزيٌ على علويّ، أمّا السنّي فعلى الأوادم والحقيقة.
إنها التخصصّية بالشعوب، وهي أرقى مراحل الخصخصة.
إن أموراً كالهاتف والاتصالات، كمؤسسة كهرباء لبنان أو ضمانه الاجتماعي، ما هي سوى تفاصيل جانبية «ساذجة» بالمقارنة بصناعة التاريخ. وهم يستطيعون، متى خفّ الضغط عليهم، مثلّثين، أن يتسلّوا بها ويحسموا أمرها فوراً.
طبعاً أنّى لنا، إذاً، استقرار البلد الحاليّ غير المسبوق والممتدّ بإذنه تعالى؟
الحكمة ـــ الرياضي ـــ والتقدّمي الاشتراكي:
نلاحظ جميعاً، أو يهيّأ لنا، أن كرة السلّة اللبنانية، منذ فترة من الزمن طالت، لم تعد في الواجهة ولا في التلفزيون، والحيّز الذي شغلته لسنين، منذ التسعينات، تراجع كثيراً حتى إنه غاب تقريباً.
والسبب الواضح غير موجود لدى الكثيرين. إن الحقيقة مختلفة، فالأسباب موجودة وخطيرة، لا بل ألعن ممّا تتصوّرون، والعفو منكم.
في لغتنا العامية، كلمةٌ تتردّد جداً لشدّة اختصارها في التعبير، كلمةٌ لا نجد غيرها أحياناً، وخاصةً عندما نصل إلى شيء ما ونقف أمامه مذهولين، لا نفهمه، حتى بعد استنفاد كل أنواع المنطق المعروفة وأساليب الفهم أو الاستيعاب المعهودين، وهي: «شو دينو؟»، أي: ما هو دينه؟ والكلمة لم تأتِ بالصدفة طبعاً، يا مخايل، فنحن، وأنت تعلم، نعيش في علمانيةٍ أسوجية شاملة!!!
إذاً، عندما تتمكّن من فهم التحالف القيصري بالأنابيب والأعاجيب بين تيار المستقبل والتقدمي الأيوبي الاشتراكي وقوات الصليب المشطوف، وقتها فقط، تستطيع أن تفهم الغياب الحالي لـ«لباسكيت بول».
[يتبع الاثنين]

16‏/02‏/2007

حول آخر فالنتين [1]

زياد الرحباني
الأخبار الجمعة ١٦ شباط ٢٠٠٧
أسرار «الأخبار»:
لوحظ عدم وجود الرئيس السنيورة في يوم القيامة الأخير من 14 شباط إلى جانب قياداته المتراصّة على «زودٍ ومضض»، وقد علّق أحد المقرّبين عندما سئل عن السبب: إن الرئيس السنيورة أذكى من ذلك بكثير.
أولاً: هو ليس طرفاً، وهذا بات معروفاً حتى لدى الأطفال.
ثانياً: معظم الإحصاءات الحديثة ترجّحه لرئاسة الحكومة بفوارق كبيرة عن باقي القيادات السنّية، فلمَ يخطب بجماهير 14 شباط حتى الـ14 من آذار، وكل مَن خطب فيهم صفّقوا له أولاً ثم خسر.
فاستمرار الخطاب باختراع الحجج كالمحكمة الدولية ومصيريّتها وخطورة عدم انعقادها، وسوريا سوريا و«اطلعي برّا» وهِيَ برّا، أصبح في الحقيقة: «خسارة بخسارة».
والسنيورة اقتصاديٌ قبل أن يكون سياسياً، والخسارة من آخر هواياته.
إن جماهير سان فالنتين عزيزة لكن، إن شاء الله، في شباط المقبل، بعد تحرير السرايا من رياض الصلح وأخواته ومن القوة الدولية التركية المتوقعة، إذا أمكنه ذلك.

أخبار سوبر ستار:
إن مقال الزميل خالد صاغيّة البارحة في 15\2\2007 بعنوان: «رجولة»، تعليقاً على الكلمة التي ألقاها القائد العام الوليد بك بن جنبلاط، على جماهير الساحة الحمراء، إي والله، وهي طبعاً ليست بعيدة عن الرفيق وليد واشتراكيته الدولية، إن هذا المقال وفّر عليّ الكثير من الجهد المؤلم المرافق لكبت الردّ وأثلج قلوب العديد من القرّاء الذين يكتشفون فيقدّرون «الزعيم الوطني» أكثر فأكثر يوماً بعد يوم.
شكراً يا خالد على الدقّة في التشريح، أي ما بعد الشرح، وعلى ضبط النفس البشريّة عند هذا الحد. هذا أصعب من الصوم المسيحي، إنها قدرة عالية جداً على التروّي أمام خطابٍ فيه كلّ ما يُبهج ويستفزّ ويستنفر «الرجولة» و«الأنوثة» و«الأمومة» و«الكفّار» و«المراهقين» و«الألوية الحمراء» عند الشعوب اللبنانية. إن كان هذا هو المطلوب فقد وصل.
أما الآتي فأعظم، الاحتياط واجب وكل مواطن خفير.

عُيُون وعمى:
استفسرت بعض الأوساط المتابعة عن سبب غياب الوزير العريضي عن كل ما سبق ورافق التحضير لـ14 شباط، وخاصة يوم الذكرى نفسها.
فسرّبت بعض المصادر المتابعة، رداً على ذلك، أنها: ليست المرّة الأولى، فكل مرّة يستعدّ فيها قائد الأكثرية المطلقة وليد بك جنبلاط للخطاب، أو لاختراق الشاشة أو الصحافيين، يكون العريضي في طريقه إلى دمشق كي يعدّ المسؤولين السوريين لتوقّع الأسوأ وتحمّله، وذلك بسبب الأوضاع الراهنة حول الرفيق وليد، وليفهمهم أن وليد بك لا يقصد كل كلمة يقولها، إنما، كما يقال بالعامية: مِعْناة الحكي.
أما الأساس فموجود والعمق ما زال عربياً سورياً والاتجاه الوحدوي الاشتراكي على نموّ! والغيمة هذه، صيفاً شتاءً، لا علاقة لوليد بك بها، كما أنه لا يعرف من أين أتت ولا مَنْ دسّها في سمائنا المشتركة، وهو مزعوج منها ومستغربٌ لها جداً أكثر منكم في سوريا، بل أكثر من شعبكم السوري أولاً وليس النظام!
وهذا ليس مقصوداً طبعاً، ولا أنتم المقصودون، لكن هذا ما تمليه الاشتراكية بما يخصّ علاقة الجماهير بالسلطة التي منها: كل الحقيقة للجماهير.

تضارب أم تنسيق؟
إنها حزّورة الأسبوع وجوابها.
السؤال: لماذا حاول الشيخ سعد الحريري في خطاب 14 شباط أن «يُظبّط»، أما وليد بك فأن «يُلبّط»؟
الجواب: لأن وليد بك ابن جبل يعرف الطبيعة اللبنانية ويعلم جيداً أن شباط «لبّاط»، بينما قضى الشيخ سعد جزءاً كبيراً من حياته على «التبريد» صيفاً شتاءً، لوجوده شبه المستمر في مناخ خليجي صحراويّ. والإنسان عموماً «يتكيّف»، أما في السعودية فالتكيُّف وحده لا يكفي، إن التكييف هو الأساس ولا حياة خارج المكيّفات ولا آذار غدّار و«لا أيلول طرفو بالشتي مبلول».
الجواب الحقيقي: كلا، كان الجواب أعلاه، تركيبة لنكتة فاشلة. أما الحقيقة فهي أنه: لا يمكن فرط تحالف البريستول الرئيسي كله دفعةً واحدة، والآن. لقد أجّلها الضغط السنّي البيروتي على الشيخ سعد إلى أواسط الربيع على أبعد تقدير وبإذنه تعالى، علّه خيراً.

غداً: أين كرة السلة اللبنانية؟ وما موقفها من المحكمة الدولية؟

[يتبع]

14‏/02‏/2007

يا قديس ڤالنتين صلِّ لأجلِنا

زياد الرحباني
جريدة الأخبار الأربعاء ١٤ شباط ٢٠٠٧
(المقالة اليوم مكتوبة باللغة المحكية، لضرورات فعلية، واقعية، فيها صالحكم وصالحنا. المعذرة من القرّاء الذين يجدون صعوبة في ذلك).
ملاحظة: إنتِ = إنتَ، اي للمذكر ايضاً، بحسب دوائر بيروت الكبرى الثلاث.
***
- أنا ملاحظك ما عدت عم تحضر تلفزيون «المستقبل» بالمرّة، ما تكون دايرها عا جماعة 8 آذار صرت؟- لَه استغفر الله، بيروتي أنا، و 8 آذار؟ إشبَك؟ وحِّد الله!- اي شو القصة لَكَن؟- خيي، مصفّى هالتلفزيون كتير هيك أخبارو كأنو عائلية اذا بدّك، إنّو كلّو قريطم وقريطم، هنّي ذاتهن، ساعة شباب التيار ساعة كتلة نوّاب المستقبل، ومين كان بعد الضهر بقريطم ومين اتصل المسا بقريطم، والسـنيورة راجـع من الســعودية قريطم وسعد ترك قريطم وطار عالسعودية، هيك يعني شوية سعودية والباقي بيت الحريري وقريطم، مجدليون يعني أنجق يجيبو سيرتها.- اي شو المشكل؟ ما هاي عايلة قضِّت.- خيي عا راسي ما عم بقلّك، بس أنا ما بحبّ اتدخّل بخصوصيات العالم، شو بدي فيهن لاحضرهن، أشيا بيناتهن هيدي، مالي ومال غيري.- شو هالحكي؟ تلفزيون هيدا، عم بيغطّيلك أخبار.- أيّا؟ ما بيغطّو شي كلّو مصوَّر، إنّو نازك استقبلت مدري مين وعم بيصوّرو! وفلان عايز الشيخ سعد بقصّة وقاصدو وداير التصوير. ما عم بيغطّو شي، كلّو عالشاشة، الله وكيلَك! ما العالم قاعدة ببيوتها وعم تتأرّج، بيكون الواحد، ما تواخذني بهالكلمة، قاعد هوّي وعيلتو وفي ولاد يعني! انا ولادي مثلا، ما بريد دخّلهن بقصص العالم وال «غِر غِر غِر». انا مربّيهن عالسترة خيي لا قشعِت ولا سمِعِت، عرفِت؟ بعدين عيب، تلفزيون هيدا! وإضرُب وإطرَح.
***
- مخايل: ما في، انا بدفعلك، ما عندي مشكلة.- عيسى: ممتاز ، اذا ما عندك مشكلة إدفعلي، لأنو بتحلّ مشكلة.- مخايل: آه إنتِ عندك مشكلة؟ ما قلتلّي.- عيسى: طبعاً، هيّاني واذا ما رح تدفعلي، منصير إنتِ ما عندك مشكلة وانا عندي مشكلتين! بترضى هالشي إنتِ؟ انا ما بعرفك بترضى بهيك شي. ليك، إنسى إنّو عندي مشكلة ودفعلي عادي، خاصة إنّو ما عندك مشكلة، منصير تنَيناتنا هيك عايشين بلا مشاكل، شو في مجال؟
***
- شو عامِل عا عيد سان فالنتين بكرا؟- ناطر الانفجار.- ليه بدّو يصير انفجار برأيك؟- انشا الله لأ .- ولشو ناطرو، الأخبار كلّها مش بهالجوّ- خيي، كل واحد بيلزقك خبريّة شِكِل، شو بخسر؟ خلّيني ناطرو لإتأكّد إنّو ما رح يصير. كلّهن كم ساعة، وهيك هيك عطلة، عَيّدو انتو وحِبّو بعض. بلا مخّ!

09‏/02‏/2007

المكيّف

زياد الرحباني
جريدة الأخبار الجمعة ٩ شباط ٢٠٠٧
إذا تعرّض يوماً ما أمير سعودي خطأً للكثير من التكييف، ظناً منه أن المكيّف أرقى وأدق من أن يصيب المرء بالزكام أو الأنفلونزا، وانتقل من حالة التكييف إلى حالة اليأس المفاجئ والقنوط، فقد يصير طريح الفراش ويُمنع عنه التكييف كلياً.
ولن يعود مكيّفاً بأي شيء على الإطلاق..
فهو شديد السخونة والبرودة في آن.
طبعاً، لأن حرارته قد ارتفعت إلى 39 درجة ونصف درجة.
هل فكّرنا أو أحسسنا مرة معه؟
كم يصبح مجموع حرارة هذا الإنسان إذا اعتبرنا أن الحرارة في الرياض تقارب خمسين درجة مئوية؟
إن حرارة هذا الأمير تصبح بحدود 89 درجة ونصف درجة.
فأنّى له أن يفكّر بشكل سليم، وكيف يُترك وحده في محيط من الآبار النفطية والمصافي.
هل يجوز أن يقترب أي شيء، وليس الإنسان فقط، حرارته 89 درجة ونصف درجة من النفط؟
هذا ممنوع، والجماجم مرسومة في كل مكان.
قد نفهم يا إخوتي لماذا ترك الأمراء السعوديون أمور تلك الآبار وما فيها لبلاد وشركات أبرد، فهي تتعامل مع النفط بشكل أكثر أماناً، تكرّره وتصنّعه وتصنّفه وتبيعنا ما يناسبنا منه، وما يلائم حرارة عقولنا وأجسادنا.
شكله صحي عموماً، استعماري بعض الشيء، لكنه لا ينفجر عند أول هفوة حرارية!

07‏/02‏/2007

عامٌ مِسْخ

زياد الرحباني
جريدة الأخبار الاربعاء ٧ شباط ٢٠٠٧
كان أحد الأمثال اللبنانية العفوية الممتازة يقول: ما بيصحّ إلاّ الصحيح (لا أدري إن كان لبنانياً بالتحديد). فأبت قوى التغيير والأرز والديموقراطية، وهي تصنع تاريخنا المعاصر، إلاّ أن تعدّل في جوانبَ عدّة من الموروث والمتداول الشائع خطأً، في رأيها، ومنه التعايش بين الملل، التوازن بين السلطات، المشاركة في السلطات، العلاقة مع الجوار، العداوة لإسرائيل، إلى آخره، الذي هو أمثالنا الشعبية، فأصبح المثل المذكور الجديد: ما بيصحّ إلاّ الشهيد. طبعاً، فكل ما تقوم به «قوى 14» الجذرية ليس آنيّاً. كيف وهي جذرية. إن العام المنصرم، والحمد لله أنّه انصرم يا إخوتي، عامُ الضوء، عام العجائب المشّعة، التي تعدّت الـ7 طبعاً والـ14. فقد شوهد، على سبيل المثال، ورغم فصل تموز ـــ آب الهستيري الخيالي، سلباً وإيجاباً، شيخٌ درزيٌ في ساحة الشهداء السابقة والسابقين، شيخٌ من الأجاويد، بعدما فلقته الاشتراكية العلميّة الأمميّة، بتحالفاتها المحليّة، فصار مضطراً لمغادرة الجبل مراراً إلى هذه الساحة المشؤومة ولحفظ بعض التراتيل المارونية للتضامنات المفتوحة المتوقعة مع بعض «القوات اللبنانية للإرسال»، شوهد وقد توقف عندما أصبح القدّاس للحظة باللغة السريانية، التي يجهلها 75% من المسيحيين على الأقل، وذلك تضامناً مع شباب المستقبل للسنّة الذين يقرأون الفاتحة في الوقت نفسه على ضريح الرئيس الحريري. أوليس هذا تعايشاً جديداً مذهلاً!أهذا معقول! أليس هذا فتحاً أخوياً لبنانياً مشعّاً لا يجرؤ على الاقتراب منه علماء الذرّة إلاّ بلباسهم الخاص الكامل!؟إنها يا إخوتي محاولة أخرى متعبة اجتماعياً، سياسياً، دينياً وحتى لاهوتياً، لإشهار التعايش أمام شبكة الـCNN التي تعبد الحريّة فوراً وعندنا دون سوانا. إن هذا واحدٌ من المشاهد التي لا يصدقها «أبو العبد»، لا والله، ولا العيتاني، ولا شاتيلا، ولا شبارو، ولا الداعوق، ولا إله إلاّ هو. إنه عامٌ مضى، ملعونٌ. إنه عامٌ مريبٌ لشدّة الشدّ بعكس التاريخ وتراث الناس «والمَرْبى»، مريبٌ لشدّة ما هو عجيب. سُنّةٌ بيروتيون من تلامذة عبد الناصر يردّدون النشيد اللبنانيّ بصعوبة ويشدّون على مخارج الحروف، يحاولون اختراع القصص عن «الحكيم» و«القوات»، نحن مَنْ ربينا في المتن الشمالي لا نعرفها بل نعرفهم. قصصٌ لن يفهمها أطفالهم الذين تربّوا على أخبار الهويّة والخطف السيئين. دروزٌ مهاجرون من الجبل يتجوّلون في سوليدير الحريّة لا يجرؤون على الابتعاد كثيراً عن باصات التحالف التي أقلّتهم حتى لا تغادر وتتركهم في بيروت. وفي الوقت نفسه شيعةٌ مضطرّون لتسميع النشيد الوطني اللبناني للحزب التقدمي الاشتراكي الذي لم يكمل بعد حفظه ليأخذوا علامةً من عشرة على لبنانيتهم بعدما نجحوا في الفارسيّة بحسب مروان حمادة، أنطوان زهرا، منصور البون والأحدب! فهذه مثلاً لجنةٌ فاحصةٌ من لجان الأكثرية «البائظة» في آخر هذا الزمان للعام 2006 اللئيم.كأنه المشهد شبه الأخير ما قبل «سدوم وعامورة» ابحثوا عنها في كتاب «التوراة»، والبحث في هذه الأثناء جارٍ عن «لوط» في المونتيفردي وعن النبي زكريا واحتمال صلات روحية له بـ«جند الشام» ـــ فرع القاعدة ـــ الرافدين وطيران الشرق الأوسط الجديد.فآخر التقارير يرجّح أن يكون لأحد أعضاء التنظيم المذكور علاقة بتعديل هيكل شاحنة الميتسوبيشي في أحد مرائب «المنشيّة» السرّي، ويبدو، رغم اعتذار براميرتس، أن في ذلك أحد أهم خيوط الجريمة ـــ الزلزال. ناهيك بأنه الخرقُ الخطير الأكبر لمربّعات حزب الله الأمنية.نجّنّا يا ربُّ وهَبْ لنَا،وخفّف عنّا «التيسنة» و«الهَبْلَنَة»وطفِّ كلّْ ما هبّْ لنَا.

05‏/02‏/2007

إله واحد

زياد الرحباني
جريدة الأخبار-الإثنين 5 شباط 2007

لقد أثبتت التجربة المكتملة للمقاومة، أن عاملاً إضافياً مركزياً يكمن في مكان آخر. عندما تصرخ قيادة الامبريالية الحالية بنا: «اللّه معنا» تجاوبها شعوب منطقتنا: «نعم لكن، اللّه أكبر».هل هذا ما تريده الولايات المتحدة؟ ربما كان «نعم» في البدايات، منذ ما يقارب الـ15 الى 20 عاماً خلت. لقد بدا وقتها على الورق والخرائط، هذا الجهاد، محدود الضّرر. أما وقد تفشّى وتبنّته شعوب لم تجتمع يوماً لا في غرف سريّة ولا خلسةً في فنادق خليجية ولا تعرف شيئاً عن مقرّات السي. آي. إي في أوروبا فقد أصبح خطراً دينياً مجنوناً، مجهول القياس. إن الولايات المتحدة تقف أمامه اليوم، تريده، تشتهيه، فهو أبهى من شافيز و كاسترو وبوتين وكوريا الشمالية والصين حتى ألمانيا، لكنه خرج عن أطواره، لذا تريد أن تتخلّص منه. تريده ولا تريده إطلاقا. كيف ينجح ذلك؟لن ينجح. إن إحدى حسنات التاريخ أنه لا يفهم إلا بغالب ومغلوب، فهو ينتظر انتهاء الصراع ليسجّل.¶ ¶ ¶لدى الشيخ سعد الحريري، العديد من المواصفات الجميلة. لكن أجملها على الاطلاق: العمّة بهيّة. هذا ما يجعل إمكان الحوار معه مفتوحاً في المستقبل.في المستقبل متى أفرج عنه لبعض الوقت في سبيل هذا الحوار بالذات. إن عائلة الحريري عائلة صيداوية في النهاية. لقد أنسونا ذلك، أعلامه، أحلامه، أزلامه، وكثرة الكلام الممركز حول بيروت وزعامة بيروت و «بيروت لنا» الخ... إن بيت الحريري، من الجنوب والجنوب أطيب من بيروت. كذلك الشمال. وأما البقاع فأطيبهم. إن الشيطان الرجيم مقيم في بيروت. ونادراً ما يغادرها. لا تهمّه المربّعات الأمنية ويتجوّل دون مرافقين.فما العمل؟أعوذ بالله منه.لم يكن ممكناً أن يكون نصرنا كلبنانيين إلّا على قدرٍ كبيرٍ من «الإلهيّة».فكلّ استلهامات الرئيس بوش، قراراته وانتصاراته الأميركية الشخصية: إلهيّة. إلهيّة بإصراره وبدون نقاش ولا مراجعة. إلهيّة عن كل منطق تفهمه المؤسسات الحاكمة في أميركا، ومنها الجيش ثم الشعب (إذا أراد يوماً الحياة). إلهيّة ولشخصه بكل بساطة، وكأن الميزان العسكري، المريع لصالحه، لا يكفي. إن كل الاجتياحات الأميركية الحديثة المدمّرة كالخيال العلمي، لمناطق عدّة في العالم تحت عنوان «رؤى إلهيّة»، اصطَفَت بوش الإبن لإنقاذ العالم المتحضّر، كيف يُردّ عليها؟ بالصّبر والسلوان السعوديين، أو بصالونات الحوار الديمقراطي عن شرعية سلاح المقاومة، تحت القصف الإسرائيلي على مجمل جسورنا؟ او بالكاتيوشا و «وعد» حصراً؟

02‏/02‏/2007

على التلفزيون

زياد الرحباني
الجمعة 02 شباط 2007، جريدة الأخبار
(عيسى ومخايل يشاهدان مساءً أخبار المؤسسة الصبيانية للارسال. «الحكيم» يصرّح، فجأة عيسى يخفض صوت التلفاز).
عيسى: آه! الآن فهمت لماذا امتدّ سجن الدكتور جعجع أحد عشر عاماً.
مخايل: لماذا؟
عيسى: لأنه يعيد نهاية كل جواب من أجوبته 3 مرات. فهمت؟
مخايل: ما هذا التحليل؟
عيسى: طبعاً! هل سمعته الآن؟ لقد قال: نحن لهم بالمرصاد، نحن لهم بالمرصاد، نحن لهم بالمرصاد!
مخايل: إن هذا يُقال على سبيل الصّلابة في المواقف
عيسى: أدري. ها أنت قلت لي: الصّلابة في المواقف أليس كذلك؟
مخايل: نعم!
عيسى: طيّب، وانا فهمت، لكني لو كنت أكلّم الحكيم لجاوبني: الصلابة في المواقف، الصلابة في المواقف، الصلابة في المواقف.
مخايل: هذه طريقته يا أخي.
عيسى: حسناً، وطريقته هذه ضربت فترة سجنه بثلاثة. كان محكوما بأربع سنوات ربما فصارت أربع سنوات، أربع سنوات وأربع سنوات. ولولا العفو الخاص لكان ما زال يكمل الحكم.
مخايل: أها.
عيسى: لا بل ان العفو قطع التحقيقات المقررة معه في منتصفها أظن.

¶ ¶ ¶

عيسى: لماذا تسمي عائلة ابنها: كريم، وهي من بيت: كريم؟ الا تفكر في ان اسمه اصبح كريم كريم؟
مخايل: بلى، هذا ما يريدون.
عيسى: يريدون كريم كريم؟ لماذا؟
مخايل: لان كريم عادة لا يجيب بسهولة. لا يجيب على احد.