18‏/11‏/2014

Тбилиси | Berlin Charlie checkpoint

زياد الرحباني
 
في ببرلين هالأيام احتفالات كبيرة بذكرى سقوط الجدار. على أمل إنّو هاي السنين اللي كانت صعبة على ألمانيا ما بقا ترجع. بمعزل عن إنتمائي أنا اليوم، أكيد لو ما صار بالتاريخ السابق لسقوط الجدار أحداث وممارسات لا تحتمل، ما كان حدا فكّر يسقّط الجدار. وبما إنّو اللي بيصير بالتاريخ حتمي، بدليل صار، وبالتالي ما فينا حتى لو برّرنا الممارسات اللي سبّبت اللي صار، نغيّر بواقع إنّو صار، ما فينا نقول إلا: اللي صار صار، ونضفلها: وخلص. لكن، كمان لازم نلاحظ شو بلّش يصير بالعالم كلّو، الشرقي والغربي المتحالف مع القارّة الأميركية، من بعد سقوط الجدار.
أهم شعارين بترفعهن الرأسمالية واللي هنّي: 1ــ المبادرة الفردية، و2ــ المنافسة في سبيل الأفضل، وصلوا لمشكلة كبيرة عملية. بشكل أوضح، وصلوا لتناقض أساسي داخلي موجود فيهن، خاصة الشعار التاني المتعلّق بالمنافسة، واللي كانت ملغيّي تقريباً بالنظام الاشتراكي لمصلحة مركزية الدولة. إذا رجعنا للمبادرة الفردية، الظاهر إنّو ما عاد إلو لزوم تسويقها بالإعلام الغربي، والأرجح لأنّو أهميتها كانت مربوطة بوجود منظومة إشتراكية كبيرة مؤمنة بمركزية الدولة. فلمّا انهارت، بقيت المبادرة الفردية وحدها بالسوق العالمي (مع استثناءات ببعض الدول) هيّي المتداولة والطبيعية. الكارثة اليوم اللي برأيي رح تنهي الرأسمالية بإذن الله، مش بالمبادرة الفردية بل بـ «المنافسة في سبيل الأفضل». طلعت هيدي «الخبرية» أكبر كذبة أو نكتة عالمية معاصرة. لأنّو تبيّن من التراجع العام والشامل النوعي بكل شي مصنّع لينباع، ناتج عن سبب منّو غير إرادي. بالعكس تماماً، طلعت هيدي المنافسة مش في سبيل الأفضل. طلعت في سبيل الأربح، يعني في سبيل المال الأكتر مش المنتج الأفضل. فهمت يا بابا؟!
الرأسمال، تأكّد يا بابا، الرأسمال متمثّل بالصناعيين الكبار أصحاب المصالح الضخمة الأساسية والمكمّلة والكمالية، كلها دون استثناء، تأكّدوا ببساطة شديدة وبوضوح الشمس إنّو: الأفضل بالنظام التنافسي بيخسّر...! أيوااااااه. إيه ده؟ كارثة. إيه بس لأ مش عالتجار ولا الصناعيين، لأنّو حلّوها دوغري، ما بدها شي: الأفضل = نوعية أكتر = خسارة = ربح أقلّ. هيدا الأفضل بلاه وأخت ساعتو...! ومين قال إنّو الإنسان أي الشاري ضروري ياخد الأفضل، أو إنّو هوّي بيعرف قديش بعد في أفضل. ما نحنا اللي بالإعلام عمنخبرو وندلّو إنّو هيدا هوّي الأفضل. هلق هوّي بيثبت مع الوقت إنو اشترى منتج وخرب عندو أسرع، إنما كان أرخص لأنّو سعرو أقلّ ونوعيتو كمان. بالتالي، هيدا «الأفضل القديم المعهود»، هيدا غير أفضل تبع هلق. هيداك الأفضل القديم واللي الرأسمال سوّقلو وفلقنا سنين بنوعيتو وطول عمرو، مقابل الاشتراكية اللي مهتمة بس بالكمّية على حساب النوعيّة، فطلع بعد خبرة وتجربة الرأسمال بالسوق، إنّو الأفضل المعهود هيداك منّو «الأفضل الحقيقي»، فالأفضل هوّي هيدا هلق، وهيّاه: أرخص وبس بدّك تتخلّى عنّو بترميه، لأنّو رح فيك بسبب رخصو تجيب أفضل وأجدّ منّو. والأجدّ تفصيل مهمّ بالإعلام. وبما إنّو أهم شي إنّو صانع المنتج ما يأفلس أو لا سمح الله يربح أقلّ، من المستحبّ تتراجع النوعيّة، والربح إذا ما قادر يطلع بيستقرّ... ما معقول كمان يكون الأفضل ما بيسوى... بيخسّر لأنو!
(يتبع)
سياسة
الأخبار - العدد ٢٤٤٧ الثلاثاء ١٨ تشرين الثاني ٢٠١٤

ليست هناك تعليقات: