11‏/01‏/2007

الجمهورية B ـ صفر - في الأقليات (1)

الجمهورية B ـ صفر
زياد الرحباني
الخميس 11 كانون الثاني 2007
في الأقليات (1):
كانت الأقليّات أينما ظهرت في الجغرافيا، وعلى مرّ التاريخ، عَثَرةً في وجهه. خلقها الله عزّ وجلّ بلا شكّ كما خلق الأكثريات فهو ربّ العالمين.
لكنّه، تقدّس اسمُه، ربما خلقها في لحظة شائكة من تشكّل الكون، عصيبةٍ في أبسط تقدير، استغفر الله.
فرغم الكفّة الراجحة طبيعياً و انتروبو - اجتماعياً للأكثرية، تجد الأقليّات دوماً، سبحان الله، سبيلاً لتُطلّ على المجتمع الشامل وتتحشم عليه بمجموعة من الخصوصيات والمخاوف والمعتقدات طبعاً، ولا تكتفي بل تُمعن في التذكير بالمطالب والضمانات وبحقّ التميّز بأعراف وتقاليد لها هي دون سواها، لم يسألها أساساً أحدٌ عنها.
كما لا يكون، ولا مرّة، في حياة البشرية الوقت مناسباً. لها تقاليد وأنماط عيش إن عددتها تفوق الأقلية نفسها عددا في غالب الأحيان، فما العمل؟
خاصة في بلد يهاجر وينقص جميع ابنائه على عدد الدقائق، والأقليّة أول الناقصين وتقاليدهم باقية!
لماذا تحشر أقليّة نفسها داخل أكثرية جليلة متجانسة دينياً وقد مرّت وتمرّ في شدائد طائفية مع أكثرية ثانية جليلة، وها قد اتفقتا بالكاد، على صيغةٍ ركيكةٍ للتعايش بعد دهور ؟
ماذا تفعل أقليّة بين أكثريتَين باركهما الله وقد زادت عليهما ثالثة ورابعة لا سمح الله؟
إنها، أي الأقليّات، (فكلّها مجموعةً تظلّ أقليّة للأسف، والجمع حتى لا يُغنيها)، إنها خُلقت هنا لتنكيد المسار التلقائي للأكثرية الهادئة بتجانسها. هادئة كانت ام هائجة، يضبط الأكثرية تجانسها. فهي «مونو - دينية» أي احادية المعتقد، وهذا من فضل ربّي.
هكذا هم، يؤمنون باله واحد آمن ضابط الكلّ وقد ألغى رخص السلاح جميعها فهم منصرفون يومياً على قدم وساق بلا كلل ولا ملل ليوحّدوه!
إن تقاطر «أعراقٍ» كالسريان والكلدان والأشوريين والكاثوليك والبروتستانت واللاتين والأقباط (ما أكثرهم) والعلويين، على مرّ التاريخ على «الأصقاع اللبنانية المتحدة»، كان غلطة جسيمة وتاريخية.
تاريخياً وجغرافياً. ماذا أتوا يفعلون هنا يا ربّي؟ ماذا جلب لهم لبنان وماذا جنوا؟
انظر يا مخايل: لا شيئ سوى القهر والغبن، إنه التهميش والشحار. إنهم يذكّرونني بالشيعة أجل والله! فمنذ الاستقلال لم يحصّلوا حقّاً الّا فرعون وشركاه، علماً أنه بنى نفسه بنفسه. حتى مؤتمر الطائف بعد حوالي 46 عاماً لم يُنصفهم مع أنه حاول بخجل أن يميّز الكاثوليك مثلاً، لكن بما لا يُذكر.
فرئاسة جهاز أمن الدولة وبالعرف، لا تُغني ولا تُسمن من جوع، ولا رئاسة المجلس الاقتصادي الاجتماعي، الذي لا يعرف مواطن واحد ما هو ولا أين أو لمن أو لماذا.
إن الحركة الاجتماعية للمطران غريغوار حدّاد الكاثوليكي، غير المرضي عنه كاثوليكيا، معروفة ومنتشرة أكثر من المنصبَين المذكورَين.
ربما شعرت الطوائف البلدية اللبنانية بالخلفية الحضارية العالمية للكاثوليك، فحاولت التعبير لهم عن احترام ما، ولو لم يترجم بمناصب حساسة. تقدير روحيّ بالاجمال، وجداني، فالكاثوليك في النهاية الطائفة المسيحية الأولى الأكبر والأوسع انتشارا في العالم، وبنجاح منقطع النظير لذا نجد أنّ لها حاضرة في الفاتيكان، وهي ليست داراً للمطرانية، انها دولة قائمة بذاتها، واسمها شرعاً دولة الفاتيكان.
إن الكاثوليك يا مخايل، هم أبناء سيّدنا المسيح (س/ص) بحسب انجيل العهد الجديد في العالم كلّه. وصحيح أنّ بنديكتوس السادس ليس مارونياً، لكنه تلميذ من تلامذة المسيح وغير مسلم على الاطلاق.
كاثوليكي صحيح لكنه مسيحي، حتى لو لم يلتق الموارنة والأرثوذكس يوما على شيئ الا المضض من ذلك.
لذا كان الالتفات نحو الكاثوليك في لبنان (وليس كلّهم) فيه من السياسة والاستعمار والمصالح أكثر ما فيه من الدين عموماً أما التعايش فالعياذ بالله.
لكن للالتفات كما للصبر حدود. والجمهورية B -صفر القادمة، واضحة المعالم، قاطعة عقائدياً. فقد نضجت نتيجة صراعات طائفية لامتناهية، فالموارنة عن المسيحيين كما السنّة عن المحمّديين، لن يتساهلوا لا مع أكثرية ولا مع بطّيخ! فكيف بأقليّة، مع حفظ المعتقدات والألقاب.
يتبع غداً فلم ينته كما وعدناكم.

ليست هناك تعليقات: