22‏/12‏/2006

«A refaire» ـ 4.5


«A refaire» ـ 4.5
زياد الرحباني
جريدة الأخبار الخميس ٢١ كانون الأول2006
من المقدمة في «الأخبار» * الأربعاء 20 كانون الأول 2006 العدد 110 الى التفاصيل:
بناءً على مجموع المخاوف الجديّة الثابتة لدى كلّ طائفة لبنانية على حدة، وبناءً على رداءة مزاجها العام خلال العامين المنصرمين (ميلادي وهجري)، ونتيجة مجموع القرارات المصيرية التي أخذتها هذه الملل منذ استشهاد الحريري، كمثل الموقف السنّي السعودي ــ اللبناني بما فيه عبد الحليم خدّام، من الوجود السوري، أو الموقف الشيعي المختلف، كالعادة.
الشيعة مخالفون يا أخي بحسب الأزهر ومكّة المكرّمة.
وبناءً على الأحلاف العجيبة التي قامت قبل آخر انتخابات نيابية مستقلّة وحرّة من أي تأثير أميركي أو فرنسي وطبعاً سوري، ونظراً لاستحالة التمييز بين إجحاف طائفة وقنوطها وطائفة أخرى لوفرة الإجحاف وتفشّيه في الحقبة الأخيرة من تاريخنا، فالكلّ مظلومٌ بحسب إفادته.
الإحباطُ المسيحي على ثباته رغم ثورة الأرز ولوحات الجلاء السوري المنتشرة في المتن الأعلى، تحت ضربات تحالف ثوّار آذار الموارنة والدروز بقيادة الرفيقين حمادة ــ شهيّب الأسطورية، وبالرغم من إمساك المسيحيين بمراكز نيابية وحكومية جديدة فاعلة، استُثني منها التيار الوطني الحرّ لكونه خائناً متنكّراً من ريف دمشق، وقد زكّى هذا الإحباط تغييب مسيحي ــ ماروني مقصود لمقام الرئاسة الحالية الأولى. (مسيحي ــ ماروني تعني مسيحي ــ مسيحي أو ماروني ــ ماروني) فالمسيحيون الباقون، من الخوارج.
هم شيعة تقريباً، أو «إسلام» بشكل علميّ، وذلك بحسب الموارنة طبعاً، وروما الكاثوليكية التي لم تعترف بهم إلا حديثاً، بل حكمت على قدّيسيهم بسنين عجاف إضافية من التنسّك والجوخ الخام والمسامير حتى منتصف سبعينيات القرن السالف، قبل تطويبهم، في الوقت الذي لم يستطع فيه كاثوليكيٌّ لبناني واحد مثلاً، وحاضرة الفاتيكان تسنده، أن يفتعل حادثةً فردية محدودة، دفاعاً عن النفس، في نزلة السريان أو في محيط مستشفى الروم مثلاً، وذلك في أحلك أيام فلتان الحرب الأهلية! ما جعل هذه الأقليّة التي تحكم أوروبا، تشعر بعنفوان نادر مكبوت.
فهي أُرغمت على تبعية أحفاد مار مارون الحلبيين «في عقر الأشرفية» لردهة لا بأس ولا جدوى منها ومن الزمن.
أما السريان والآشوريون فـ absent (غائب عن الصفّ) بداعي «المرض منهم».
وإذا أضفنا تركيز محافظي أميركا الجدد على محور الغول الفارسي وهلاله الجغرافي، في مواجهة أهل السُنّة، انصرف تيار المستقبل إلى تحفيظ أبيات العتابا وأبو الزلف الغريبة عن تراثه الديني الثقافي، لينعى حاله لبنانياً، وإلى تدريب عوائل بيروت وصيدا وطرابلس والبقاع الغربي الكبرى على كلمات وألحان نشيد فليفل الوطني وعلى الوَلَه والتيم بلبنان: وطناً نهائياً لا تحدّه، لا سوريا شرقاً ولا اسرائيل جنوباً إلا على الخريطة الساذجة غير النهائية أصلاً.
فالحلف الرباعي الانتخابي الجديد فيه الأخ الدرزي والأخ الماروني والشيعي (لعنة الله) لذا فيه تراث الأرياف الوطنية، وأبسط قواعد التحالف تقضي بأن توحّد الجماهير لغتها الدارجة نفسها، لغة الساحات ومواكب الاستفزاز الجوّالة، ولسوء الحظ فهي لغة طليع حمدان والزغلول وشحرور الوادي لا لغة قُرَيش.
نتيجة ذلك، عاد بدوره الشعور الشيعي التاريخي المعتّق بالغبن والعزلة، والذي غاب فترةً ما بعد اتفاق الطائف نتيجة إنجازات حزب الله على أرض الجنوب. عاد والعَود أحمدُ وعليٌّ والحُسين ثالثهما. صلّى الله عليهِمُ جميعاً وسلّم. وهذا ما ينفّر فرنسيي الجمهورية والبطركية والقرنة والـ«سانتر ــ فيل» عليكِ يا مريم! وبالتالي يُشعرهم بعزلة مؤكّدة، عزلة بلدية بشَهدِها.
وبناءً على أنّ الدروز في هذه المعمعة، لم يقف وغدٌ واحدٌ من المذكورين على خاطرهم، والعدد دوماً، ظالمٌ تاريخياً. فهو يتبجّح ويجتاح. لذا تتمسّك الأقليّة بمبادئَ كالديموقراطية أو الاشتراكية الديموقراطية كي تعيشَ ولا تنقرضَ، وهنا بحرف الـ(طاء).
إن الاشتراكية في هذه الحال تؤمّن المعاملة بالمِثل بمعزل عن العدد. لذا نستطيع أن نفهم القلقَ الجنبلاطيّ المزمن، وما يمكن أن ينتّج من عدائيّة عموميّة ضامرة حتى النصر.
إن الصورة عند هذا الحدّ من التوصيف، غير مشرقة، إطلاقاً. لكنّ الأمل بالوطن المفترض ونحن لمّا نَزَل على الخارطة حتى الآن، لا بدّ منه. وهو المدخل الرئيسي لمجموعة الاقتراحات الآتية التي يمكن على أساسها، وبرأينا، حلُّ كلّ هذه المخاوف المتبادلة وذلك مباشرةً بعد الأعياد المقبلة.
علّ «المؤسسة الصبيانية للإرسال» تجد، وبعد حلول العام 2007، ما تصوّره غير عاشوراء الكراسي والمقاهي الفارغة يومياً على طول شارع المعرض وحمامه المستوحش الذي تفرّغ للأمكنة وراح يخرى حزيناً على كلّ شيء، كلّ شيء.
غداً الحلقة الأخيرة فعلاً. إنّها المأساة.

ليست هناك تعليقات: