21‏/12‏/2006

«A refaire» ـ 4


«A refaire» ـ 4
زياد الرحباني
جريدة الأخبار الأربعاء ٢٠ كانون الأول2006
... وإن أضفنا إلى الخطأ الفاضح المزمن المُسمّى: «التعايش»، عبارة أخرى هي قنبلة المواسم على الدوام، وها قد عادت بعد حرب تموز وتطويق السرايا الحكومية على لسان ماقِتِها الأول وليد بك جنبلاط: «لا غالب ولا مغلوب» (طبعاً، فالبك لم يعرف سوى الغلبة، وهي في هذه اللحظة مَطوِيّة، مَكِويّة، داخل أحد جوارير الرئيس السنيورة، الملك)، نَكُون كالمُمعنين في اللّا حَلّ!
إنَّ الكراهية المتبادلة العليا، كالتعايش التي حَلَّت أخيراً، في الغالب والمغلوب، كراهيةٌ تُجَمِّرُ الإسمنت والنحاس.
إنها مخيفة في عصرنا، فهي ليست حتى للراشدين.
إنَّ عبارة لا غالب ولا مغلوب، ملفوفٌ عليها التعايش، وبهذا الإصرار هي مقدمة الدمار اللبناني الشامل.
إنّ الأجيال الناشئة الحديثة، الغائبة عن الإدراك بعد أن ختمت الوعي، تُحَدِّقُ إلى مستقبلها التائه في غَطيطَة التلوث العالي الجاثم، وعلى علوّ منخفض، فوق صدر الوطن،
لذا، فإنَّ إعادة العام 2005 حتى آخر يوم في الـ2006، أي: الإعادة بحسب الواجب، أي: «a refaire»، هي واجبٌ وطني، لا بل دراسيّ.
ويُفضَّل قبل البدء بالإعادة، الأخذ ببعض المقترحات والأفكار حتى لا يتكرر لا الخطأ ولا التاريخ.
هي غير ملزمة بالنهاية، خاصةً وأن مُقتَرِحَها من جريدة «الأخبار»، لكنها صَدِّقوني، واقعية نتيجة رصد يومي ومواكبة مؤلمة لحربٍ بدأت في قرنٍ سابق، العام 75، وهي مستمرة وبكل ثقة ونوعية حتى اللحظة.
في المقدمة: بعد أن وصل لبناننا العزيز إلى شفير الهاوية وطار في هوائها، واقترب من نقطة الانفجار وداسَ عليها وأنفجر وطاول تطايره دول الجوار، وبَلَغَ حافة الانهيار فقفز والأتربة من ورائه، وشارفَ على نقطة اللاعودة، عَبَرَها ولم يعد: تمَّ التأكد من أن الإمعان في تعاطي التعايش المُنَضَّب بمحلول «لا غالب ولا مغلوب»، وذلك في الأماكن العامة والصحف ودور النشر والإعلام المرئي ودور العبادة وعلى الهاتف المحمول والرسائل القصيرة، هو أمرٌ ممنوع منعاً باتاً، من قبل قيادة الجيش الحكيم القادم، وذلك تحت طائلة المسؤولية المعدومة حالياً، وقد أمهلها وأمهل مواطنيها حتى نهاية العام الحالي، كي يُرَتِّبوا أوضاعهم القانونية الأخلاقية وحدودها الواضحة، أي: المسؤولية.
لقد مَرَّت جميع إنذارات هذا الجيش العتيد السابقة، دون محاسبة صارمة كما وأهدرت فرصٌ كثيرة للتَعَقُّلِ والتَبَصُّر، وكان حكيماً فتغاضى عنها.
إنَّ الجيش الحكيم، المُرَ قَّط الصَرف، غير العابئ بأصول الشخصيات ومناشئها السياسية، يُحَذِّر الجمهور العريض المتماهي المتظاهر بكل أنواع التعبير المنسوخة وأساليب الاعتراضات المترجمة والثورات البرتقالية الكذّابة والأكثريات الورقية الطائرة الموبئة للديمقراطية والجمهورية، وخاصة للحريّة، يُحَذِّر من مَغَبَّة الاسترسال في الغرائز الملتهبة والعنفوان المنتهية مدته، ومن اليمين الأبرص واليسار الخلاسي، أي الأممي الديمقراطي.
كما يُحَذِّر، وللمرة الأخيرة من استعمال «العلم اللبناني حصراً» كلمّا دقَّ الكوز بالجرّة، ويُنذِر العائلات السبع والعائلات التسع والعائلات الأربع من كل المِلَل، وعموم الأهالي والعائلات المتفَرِّجة المهبولة، والطواويس والديوك والـ«بيوك» وهذا السلوك، يُحَذِّرها من النفخ المتواصل في الدواجن وشحنها بالمقويّات الاصطناعية وهرمون التآخي الفاسد، وشحذها بالهِمم المتحلّلة والكبرياء «الأحوَل».
إن قيادة الجيش الحكيم، الشامل، تمهل عموم المواطنين، مقيمين ومهاجرين، حتى الساعة الثانية عشرة من ليل الأحد الواقع فيه 31 كانون الأول، حتى يعودوا إلى رشدهم. ويحتكموا مرّة واحدة إلى ندائه المدني الفعلي الأخير.
كما تطلب من عمومهم فوراً: توخّي الحذر المتعدّد ومتابعة البيانات الصادرة عن مديرية التوجيه والإعلام التابعة لها.
إنَّ الهذيان الوطني العام بلغ حدّه هذا العام، أمّا السَيْلُ فقد بَلَغَ الزُبى.
لذا فقد حُلَّت جميع مبادئ «التمويه» المعتمدة، وحان وقت النظام الوطني المرصوص.
إنَّ الآتي أبقى وأعظم!
نهار الأربعاء 20-12-2006 (ميلادية)
غداً حلقة خامسة وأخيرة

ليست هناك تعليقات: