12‏/09‏/2012

ما العمل؟ أُسٌّ - يا ربّ ارْحَم

زياد الرحباني
أُسٌّ
صحيحٌ أن للبنان تركيبةً اجتماعية فريدة وخصوصيات ليس من السهل أن يجاريه فيها أحد، لذا فهو مميّز جداً عن محيطه من البلدان. لكن، ليس في هذه اللحظة بالذات.
صحيحٌ أنه كائناً مَن كان، الذي «أخذ أمّي صار عمّي»، لكن، ليس في هذه اللحظة بالذات. صحيحٌ أن لبنانَ بمساحته الصغيرة يقرّب البحر والشمسَ من الجبلِ وثلوجه، لكن، مع كل هذه الطرقات المسكّرة والمداخل والمخارج المحوَّلة أو المسدودة، يدور المواطن في الجمّيزة، يدور في عين المريسة فيرى البحر والجبل معاً، لكنه يبقى في مكانه حتى يقرِّب الوطن أيضاً، موعدَ خروجه من موعد عودته، ففي هذه اللحظة بالذات ليس لبنانُ كذلك بل كذلك أيضاً.
صحيحٌ أن الإنسانَ مهما هاجر وازدهر وطوَّر يبقى بلده بالنسبة إليه أهمّ وأغلى ما على الكرة الأرضية، لكن، ليس في هذه اللحظة بالذات.
وصحيحٌ أن «الدين للّه والوطن للجميع» وأنّ «الجيش سياج الوطن» وإنما «الأمم الأخلاق...» وأنّكم «كما تكونون يولّى عليكم» لكن، ليس في هذه اللحظة أبداً.
في هذه اللحظة بالذات، لعنَ الله كلّ مَن له «أُسٌّ» بين السابع والخامس عشر من آذار...؟ ماشي!
■ ■ ■
يا ربّ ارْحَم
أبانا الذي في السماوات ليتقدّس اسمك، ليأتِ ملكوتك، لتكن مشيئتك، كما في السماء كذلك على الأرض، بالمناسبة أنا يا سيّد متوقّفٌ في سيارتي عند تقاطعٍ رئيسي في العاصمة بيروت ستّ الدنيّا، منذ نحو 20 دقيقة. أُمرّر سيارات إخوتي في الوطن والمصير، وقد تسنّى لي، ربّي وإلهي، خلال انتظاري، أن أتذكّر كيف أن «هناك فرحاً أكبر في العطاء ممّا هو في الأخذ» وكيف «أمزّق معطفي إلى قطعتين لأكسو عرياناً برداناً». ويبدو لي أن لا أحد من هؤلاء العابرين بسياراتهم يفكّر في ذلك غيري. ربّي وإلهي، اغفر لي ولتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض، هل لي بأن أعتبرهم يهوداً وتجار الهيكل، وأدخل عليهم بسيارتي غاضباً، علّني أدرك بيتي؟ فعائلتي مؤمنة وبانتظاري، يا ربّ ارحم.
سياسة
العدد ١٨٠٦ الاربعاء ١٢ أيلول ٢٠١٢

ليست هناك تعليقات: