16‏/10‏/2006

الأرجح والأنجح

الأرجح والأنجح


زياد الرحباني

جريدة الأخبار الاثنين ١٦ تشرين الأول ٢٠٠٦

هل سمعت في حياتك يا "مخايل"، ببيت من طابق واحد ينهار؟
أبداً.
يُقال عن بيت كهذا أنه تداعى،
يُقال، هَوى أو هَبَطَ، وذلك نسبةً لِصِغَرِ حَجمه، فالهبوط يعني التساوي الفوري بالأرض.
أمّا "الصروح" التي تَعلو تدريجاً وتتابع صعودها على مَرِّ العقود وعلى الملأ وعلى إغراقنا أرضاً حتى الإبادة أحياناً، فلم يعُد منذ آخر سَكرة لـ"يلتسين" عام 1991 شيء يواجهها.
السماء زرقاء في أعلى الصرح.
حتى السحاب هو تحته، وثاني أوكسيد الكربون، ولِمَ لا، فهو يقوِّي المناعة في أميركا اللاتينية.
إن الصرح يتجه نحو السماوات، أي أبعد ما يمكن عن الأرض كالقديس الرجيم وهنا ورطته.
إنَّ طموح الصرح هو من نوع مجاورة السماء والتَشَبُّه بالعُلُو بالعليِّ العظيم (أستَغفِرُهُ الله) والإبتعاد عن الأرض وإزدرائها بما عليها من بشر ضمناً لِصِغَرِ أحجامهم بالنظرة إليهم من عُلىَ و"عَلِ"، هذا الصرح يا "مخايل" هو أرجح وأنجح ما يمكنه أن ينهار!
كما أنَّ إنهياره أطول من هبوط منزل في "نيو-أورلينز"،
أطول وعلى مراحل، متقاربة جدًا صحيح، لكنها كالدفعات المتماسكة المدكوكة التي بقدر ما هي رافضة للإنهيار، تنهار!
إن إنهيار هذا الوهم الطويل مدوٍّ ومرعب حتى لأعدائه، هو الذي أدمن "الأخضر واليابِسَة" في مرحلة صعوده، يأبى إلاّ أن يطالهما وهو ينهار سبحان الله.
دعهم يصعدون بعد يا "مخايل".
إن تدعيمهم له أصبح هندسياً، لمبالغتهم في الصعود، بالِغَ التعقيد لمصلحة الإنهيار، فهو يستفز قانون الطبيعة.
إن المجهول الأكبر المسمّى "تنظيم القاعدة" حاول تسريع الإنهيار، فتحدى الفيزياء هو الآخر، إذ إعتمد مبدأ إختراق أبراجهم "أفقيًا"، علماً بأن الأديان السماوية على إختلافها "عمودية" الوجهة وتوصي بالصبر وتلتقي على الصيام، فأرجوكم وإلى حينه: صوموا تَصُحّوا وأصبروا.
إن الله مع الصابرين.

ليست هناك تعليقات: