21‏/03‏/2007

الشغب

زياد الرحباني
الأخبار الاربعاء ٢١ آذار٢٠٠٧
كل مرة أصمّم فيها على كتابة موضوع ما، أفكّر فيه منذ فترة، كلّ مرة أنوي البدء بمقالةٍ أولى ضمن سلسلة مخطّط لها، مترابطة، أو أن أعلن جواباً لشكل من الحزّورة طرحتها على القرّاء، منذ أكثر من شهرين، في كل مرّة، كل مرّة نعم، يأتي «الشغب»!!
إنه شغبٌ على وضع في آخر وأحدث ما وصل إليه، أو بالأحرى الشغب على ما «تيسّر» للفرقاء المتخاصمين من مسارب مشتركة لحل ما، صيغة ما تشبه ما يسمّى في الزجل العام: الوطن.
وأسوأ ما في هذه الجمهورية و«المازة» و«يلدزلار»: الوسط.
إنه كذبة للتلاقي، إنه فتوى ليعود كلٌّ إلى دياره وينام ليلة، أو الليلة على الأصحّ، كنت أريد أن أكتب مقالة عنوانها: 665 - 22625.
أو البدء بسلسلة عن الرئيس بوتين، أو نشر قصة صغيرة عن الروم والموارنة.
فأتى «الشغب» وتعكّر الحوار بين الشيخ سعد والرئيس بري، وتزعزعت المبادرة السعودية وطارت تلك المقالات و«طاح» عيد الأمهات.
والأنكى أنني لم أكن في وارد الاستنفار المفاجئ واللازم لرصد جميع مصادر الأخبار لمحاولة فهم ما تريده جماعة «نواب الأكثرية السعيدة»، لتعود فيعودوا إلى الظهور، أو لما يفعلونه بالضبط في مبنى مجلس النواب.
فهم في الأساس، ومنذ البداية، دخلوه بشكل عجيب وغريب، كما لا أظنهم اعتادوه حتى اللحظة. لذا تجدهم مدهوشين سعداء.
لكن، ما إن انتصف النهار، وظهر الرئيس بري في مؤتمر صحافي «مدكوك»، حتى اطمأننْتُ جزئياً إلى باقي برنامج اليوم، وعدتُ والتحقتُ بالتمرين المقرّر بعد الظهر، مع الفرقة الموسيقية التي أعزف وإياها، كل مساء ثلاثاء، في ملهى في منطقة السوديكو ــــــ طريق الشام.إن فعل الشغب ملازمٌ عموماً للمراهقة، أو ما دونها من عمر ومن نضج فاضحٍ كله حَبٌ وشباب.
إن الشغب في أحسن أحواله، قد يكون سمةً لأعمال جماعية ترتكبها فئات بشرية، عن عجز أو نقصٍ حاد في التنسيق والتنظيم، عن تقصيرٍ في تجميع ما يكفي من الناس لحسم قضايا كبيرة عالقة.
فيأتي الشغب ومنه: أحداث الشغب.
إنها تردُ عموماً دون أل التعريف حتى، أي: أحداث شغب، فأل التعريف كبيرة على الشغب وحده، رغم حجمه ورغم أضراره المحتملة.
لكنه دوماً صبيانيٌ عابرٌ ومن دون أساس.
ذكّرني ظهور الرئيس بري أمس بعودة الناظر إلى الصف، بعد ما بلغه أن الفوضى العارمة تعمّ المكان.
والتلامذة على الطاولات، وأكرم وعطا الله معهم، وبعضهم يكتب بالطبشور على اللوح عبارات نابية مثل: نحن من ينتخب رئيساً للجمهورية، أو محكمة دولية ضد سوريا، أو برّي ــــــ سوري ــــــ إيراني!!
ما أكبر الفرق بين المجابهة والشغب، بين المواجهة والشغب. ما أوسعه بين المقاومة والشغب.
ما أجمل الثوار وما أكثر المشاغبين... هذا الشغب، «يُفْشَلْ».

ليست هناك تعليقات: