06‏/11‏/2006

موسى والبحر

موسى والبحر
زياد الرحباني
جريدة الأخبار الاثنين ٦ تشرين الثاني ٢٠٠٦،
كان المواطن موسى يعيش هانئاً، راغداً، في واحةٍ من واحات البترون الهانئة، قانعاً بأوضاعه، متصالحاً مع انتمائه السياسي، فهو بكل بساطة مع الجنرال عون حتى الموت والموت حالياً بعيد كالبحر أمام موسى، راضياً بهدوء عن تمدّد «التيار الوطني الحر» في جميع المناطق شيئاً فشيئاً. فهو بالتالي ضد كل الاحزاب الأخرى و«حزب الله» أولها. وأمّه توافقه الرأي (فهو أعزب).
فجأةً يُعلَن عن توقيع وثيقة الإتفاق بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر»...
ضُرِبَ على رأس موسى وعلى عقبه، لكن بهدوء، وضاع كُليّاً وعَتِبَ على العماد عون، لكن بينه وبين نفسه فقط، وحاول عدم إظهار مشاعر الإحباط والإكتئاب للرفاق في التيار، فهو لا يريد أن يسبح عكسه، خاصةً عند واحات البترون حيث البحر واضح وسيلاحظ الجميع.
موسى الذي لا يمكن أن يُسلّم على شيعي مهما أنجز وطنياً، لا يُسلّم حتى على جمهور «حزب الله» الشيعي رجالاً ونساءً من الذين يسلّمون، وقد منع أمه من التسليم على أحد.
كان المصاب جللاً ولم يزل.
حتى كنيسة مار مخايل حيث تم الإتفاق لم تشفع له ولم يفلح وجود مار مخايل على التوقيع من تخفيف الإكتئاب الكامل عند موسى. إنَّ موسى اليوم هو التيه الجامح، فقد كان راغداً فصار زاهداً، يمضي معظم وقته في البيت مع أمه.
إنَّ موسى في هذه اللحظة على الغداء يأكل الكوسى ويفكر جديّاً.
علّ أحدكم يقول له بطريقة ما أنّه من الممكن أن يحمل السُلَّم بالطول أحياناً وليس دائماً بالعرض كي تستمر الحياة وتنجح بعض التحالفات.
كما من الممكن لأمه خاصة بعد وثيقة الإتفاق هذه أن تطبخ له باذنجاناً مع الكوسى نفسها فالطنجرة تنفع، والتتبيلة هي نفسها. والباقي فرق زهيد في الألوان.
إنَّ المجتمع اللبناني على المحك يا موسى.

ليست هناك تعليقات: